لعمر المغاني يوم صحراء أربد
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لَعَمر المَغاني، يومَ صَحرَاءِ أربَدِ، | لقَد هَيّجتْ وَجداً على ذي تَوَجُّدِ |
مَنَازِلُ أضْحَتْ للرّياحِ مَنَازِلاً، | تَرَدَّدُ فيْهَا بَينَ نُؤيٍ وَرِمْدِدِ |
شَجَتْ صَاحبي أطلالُها، فتَهَلّلَتْ | مَدامِعُهُ فيها، وما قُلْتُ أسْعِدِ |
وَقَلّتْ لِدارِ المَالِكِيّةِ عَبْرَةٌ | منَ الشّوْقِ، لم تُملَكْ بصَبْرٍ فتُرْدَدِ |
سَقَتْها الغَوَادي حَيثُ حَلّتْ دِيَارُها، | على أنّها لمْ تَسقِ ذا الغُلّةِ الصّدِي |
رأتْ فَلَتاتِ الشّيبِ، فابتَسَمَتْ لها، | وَقَالَتْ: نجُومٌ لَوْ طَلَعْنَ بأسْعَدِ |
أعاتِكُ! ما كانَ الشّبابُ مُقَرّبي | إلَيكِ، فألحي الشّيبَ، إذ كان مُبعدي |
تَزِيدينَ هَجراً كُلّما ازْدَدْتُ لوْعةً، | طِلاباً لأنْ أُرْدى، فَها أنذا رَدِ |
متى ألحَقِ العَيشَ الذي فاتَ آنِفاً، | إذا كانَ يوْمي فيكِ أحسَنَ من غدِي |
لَعَمْرُ أبي الأيّامُ ما جَارَ حُكْمُها | عَليّ، وَلاَ أعْطَيْتُها ثِنْيَ مِقْوَدي |
وَكَيْفَ أخافُ الحادِثَاتِ وَصَرْفَها | عَليّ، وَدُوني أحْمَدُ بنُ مُحمّدِ |
مَلُومٌ عَلَى بَذْلِ التِّلادِ، مُفَنَّدٌ، | وَلاَ مَجْدَ إلاّ للمَلُومِ، المُفَنَّدِ |
وأبْيَضُ نُعْمَاهُ لأقْصَرِ مَاتِحٍ | رِشَاءٌ، وَجَدْوَاهُ لأوّلِ مُجْتَدِ |
إذا ابتَدَرُوهُ بالسّؤالِ انْتَحَى لَهُمْ | على وَفْرِهِ، حتى يَجُورَ، فيَعتَدي |
بَعيدٌ على الفِتيَانِ أنْ يَلحَقُوا بهِ، | إذا سارَ في نَهجٍ، إلى المَجْدِ، مُصْعِدِ |
وَفي النّاسِ ساداتٌ يَرُوحُ عَديدُهُمْ | كَثيراً، وَلَكِنْ سَيّدٌ دونَ سَيّدِ |
غَدَا وَاحداً في حَزْمِهِ واضْطِلاعهِ، | يَنُوُء بِنُصْحٍ، للخِلاَفَةِ أوْحَدِ |
قَريبٌ لها مِنْ حِفظِ كلّ مُضَيَّعٍ، | سَرِيعٌ لها في جَمعِ كلّ مُبَدَّدِ |
يضيق عن الشيء الطفيف يخانه | وإن هو أمسى واسع الصدر واليد |
أبَا حَسَنٍ! تَفْيكَ أنْفُسُنا التي | بسَيْبِكَ من صَرْفِ النّوَائِبِ تَفتَدي |
وَمَا بَلَغَتْ آمَالُنا مِنْكَ غَايَةً | نَرَاهَا رِضًى في قَدْرِكَ المُتَجَدِّدِ |
وَكَيفَ وَذاكَ الرّأيُ لمْ يَستَندْ بهِ | مُشيرٌ، وَذاكَ السّيفُ لمْ يُتَقَلَّدِ |