شغلان من عذل ومن تفنيد
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
شُغْلانِ مِنْ عَذْلٍ وَمِنْ تَفْنيدِ، | وَرَسيسُ حُبٍّ، طارِفٍ وَتَليدِ |
وَأمَا وَأرْآمِ الظّبَاءِ لَقَدْ نأتْ | بِهَوَاكِ أرْآمُ الظّبَاءِ الغِيدِ |
طَالَعْنَ غَوْراً مِنْ تِهَامَةَ، واعتلى | عَنهُنّ رَمْلا عَالِجٍ وَزَرُودِ |
لَمّا مَشَينَ بذي الأَراكِ تَشَابَهَتْ | أعْطافُ قُضْبَانٍ بِهِ وَقُدُودِ |
في حُلّتَيْ حِبَرٍ، وَرَوْضٍ، فالتَقَى | وَشْيَانِ وَشيُ رُبًى وَوَشْيُ بُرُودِ |
وَسَفَرْنَ، فامتَلأتْ عُيُونٌ رَاقَها | وَرْدانِ وَرْدُ جَنًى وَوَرْدُ خُدُودِ |
وَضَحِكْنَ فاعتَرَفَ الأقاحي من ندًى | غَضٍّ، وَسَلسالِ الرُّضَابِ بَرُودِ |
نَرْجُو مُقَارَبَةَ الحَبيبِ، وَدُونَهُ | وَخْدٌ يُبَرِّحُ بالمَهَارِي القُودِ |
وَمَتَى يُساعِدُنا الوِصَالُ، وَدَهرُنا | يَوْمانِ: يَوْمُ نَوًى ويَوْمُ صُدُودِ |
طَلَبَتْ أمِيرَ المُؤمِنينَ رِكاَبُنَا، | مِن مَنْزِعٍ للطّالِبينَ بَعِيدِ |
فالخمس بعد الخمس يذهب عرضه | في سيرها، والبيد بعد البيد |
نَجْلُو بِغُرّتِهِ الدّجَى، فكَأنّنا | نَسرِي ببَدْرٍ في البَوَادي السّودِ |
حَتّى وَرَدْنَا بحره، فَتَقَطّعَتْ | غُلَلُ الظَّمَا عَنْ بَحْرِهِ المَوْرُودِ |
في حَيثُ يُعتَصَرُ النّدَى مِن عُودِهِ، | ويُرَى مَكانُ السّؤدَدِ المَنْشُودِ |
عَجِلٌ إلى نُجْحِ الفَعَالِ، كأنّمَا | يُمْسِي عَلى وِتْرٍ مِنَ المَوْعُودِ |
يَعْلُو بِقَدْرٍ في القُلُوبِ مُعَظَّمٍ | أبَداً وَعِزٍّ في النّفُوسِ جَديدِ |
في هَضْبَةِ الإسلامِ، حَيثُ تكامَلَتْ | أنْصارُهُ مِنْ عُدّةٍ وَعَدِيدِ |
مُتَرَادِفِينَ عَلى سُرَادِقِ أغلَبٍ، | تَعْنُو لَهُ نَظَرُ المُلُوكِ الصِّيدِ |
جَوٌّ، إذا رُكِزَ القَنَا في أرْضِهِ، | أيْقَنْتَ أنّ الغَابَ غابُ أُسُودِ |
وإذا السّلاحُ أضَاءَ فيهِ حسبته | بَرّاً تَألّقَ فيهِ بَحْرُ حَدِيدِ |
وَمُدَرَّبينَ عَلى اللّقاَءِ يَشُفُّهُمْ | شَوْقٌ إلى يَوْمِ الوَغَى الموعودِ |
لَحِقَتْ خُطَاهُ الخَالِعِينَ، وأثقَبَتْ | عَزَمَاتُهُ في الصّخْرَةِ الصَّيْخُودِ |
وَرَمَى سَوَادَ الأرمَننينَ، وَقَدْ عَدا | في عُقْرِ دارِهِمِ قَدارُ ثَمُودِ |
فغَدَوْا حَصِيداً للسّيوفِ، تكُبّهُمْ | أطْرَافُهُنّ، وَقَائِماً كَحَصِيدِ |
أحْيَا الحَليفَةُ جَعْفَرٌ، بِفَعَالِهِ، | أفْعَالَ آبَاءٍ لَهُ وَجُدُودِ |
تَتَكَشّفُ الأيّامُ مِنْ أخلاقِهِ | عَن هَدْيِ مَهْدِيٍّ، وَرُشْدِ رَشيدِ |
وَلَهُ وَرَاءَ المُذنِبِينَ، وَدُونَهُمْ، | عَفْوٌ كَظَلّ المُزنَةِ الممْدُودِ |
وَأنَاةُ مُقتَدِرٍ تُكَفْكِفُ بأسَهُ | وَقَفاتُ حِلْمٍ، عِندَهُ، مَوْجُودِ |
أمسَكْنَ من رَمَقِ الجَرِيحِ، وَرُمنَ أن | يُحيِينَ مِن نَفسِ القَتِيلِ المُودي |
حَاطَ الرّعيّةَ حِينَ نَاطَ أُمُورَهَا | بِثَلاَثَةٍ، بَكَرُوا، وُلاةِ عُهُودِ |
قُدّامَهُمْ نُورُ النّبيّ، وَخَلفَهُمْ | هَدْيُ الإمَامِ القَائِمِ المَحْمُودِ |
لَنْ يَجهَلَ السّاري المَحَجّةَ، بعدما | رُفِعَتْ لَنَا مِنْهُمْ بُدُورُ سُعُودِ |
كانُوا أحَقّ بعَقدِ بَيعَتِهَا ضُحًى، | وَبِنَظْمِ لُؤلُؤِ تَاجِهَا المَعْقُودِ |
عُرِفُوا بِسِيمَاهَا، فَلَيْسَ لِمُدّعٍ | مِنْ غَيْرِهِمْ فيهَا سِوَى الجُلْمُودِ |
فَنِيَتْ أحَاديثُ النُّفُوسِ بذِكْرِهَا، | وأفَاقَ كُلُّ مُنَافِسٍ وَحَسُودِ |
وَاليأسُ إحدَى الرّاحَتَينِ، وَلَنْ تَرَى | تَعَباً كَظَنّ الخَائِبِ المَكْدُودِ |
فاسْلَمْ، أمِيرَ المُؤمِنِينَ، وَلاَ تَزَلْ | مُسْتَعْلِياً بِالنّصْرِ والتّأييدِ |
نَعْتَدُّ عِزَّكَ عِزَّ دِينِ مُحَمّدٍ، | وَنَرَى بَقَاءَكَ مِنْ بَقَاءِ الجُودِ |