لدارك يا ليلى سماء تجودها
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لدارِكِ، يا لَيلى، سَماءٌ تَجودُها، | وَأنفاسُ رِيحٍ، كُلَّ يوْمٍ تَعودُهَا |
وَإنْ خَفّ مِنْ تِلكَ الرّسومِ أنيسُها، | وَأخلَقَ مِنْ بَعدِ الأنيسِ جَديدُهَا |
مَنازِلُ لا الأيّامُ تُعدي على البِلَى | رُبَاها، وَلا أوْبُ الخَليطِ يُعيدُهَا |
وَعَهدي بها من قَبلِ أن تَحكمَ النّوَى | على عِينِها، ألاّ تَدومَ عُهُودُهَا |
بَعيدَةُ ما بَينَ المُحِبّينَ وَالجَوَى، | وَمَجمُوعَةٌ غيد اللّيالي، وَغِيدُهَا |
وَساكِنَةِ الأرْجَاءِ يِمرضُ طَرْفُهَا، | وَإن هيَ لم تَعلَمْ، وَيُمرِضُ جيدُهَا |
أساءَتْ بِنا، إذْ كانَ يَبعَدُ وَعدُها | منَ النُّجحِ أحياناً، وَيَدنو وَعيدُهَا |
لَها الدّهرُ أضرَارٌ، فإمّا فِرَاقُهَا | مُجِدُّ لَنا وَجْداً، وَإمّا صُدودُهَا |
عَذيرِيَ مِنْ حارِ بنِ كَعبٍ تَعَسّفتْ، | من الظّلمِ، صَعداءً مَهُولاً صُعودُها |
وَدامَتْ، وَإنْ دَامَتْ عَلى غُدَوَائِها، | فَقَائِمُهَا عَمّا قَليلٍ حَصِيدُها |
وَما كانَ يَرْضَى بالذي رَضَيَتْ بهِ | لأنْفُسِهَا دَيّانُهَا، وَيَزِيدُهَا |
وَللظّلمِ ما أمسَتْ، وَعَبْدُ يَغُوثِها | يُخَزّيهِ غَاوِي مَذحِجٍ، وَرَشيدُهَا |
ولاقت على الزب الصغير حماتها | حمام المنايا إذ عماد عميدها |
فإنْ هيَ لمْ تَقْنَعْ بِمكروه ما مَضَى | عَلَيْهَا، فعِندَ المُرْهَفاتِ مَزِيدُهَا |
عَلى أنّني أخْشَى عَلى دارِ أمْنِهَا | بني الرّوْعِ، تَصْطادُ الفوَارِسَ صِيدُها |
وأنْ تجلُبَ المَوْتَ الذُّعافَ إلَيهِمِ | كَتائبُ مِنْ نبهانَ، مُرٌّ يَقُودُهَا |
مُغِذٌّ إلى الدّيْنُورِ، تحتَ عَجاجَةٍ، | تَزَأرُ في غَابِ الرّمَاحِ أُسُودُهَا |
تَهُزُّ سُيُوفاً مَا تَجِفُّ نِصَالُهَا، | ويَزْجُرُ خَيْلاً ما تُحَطُّ لُبُودُهَا |
وَإنْ كَلّفُوهُ أنْ يُهِينَ كِرَامَهُمْ، | فَقَدْ كَلّفُوهُ خُطّةً مَا يُرِيدُهَا |
غَدَا مُمْسِكاً عَنْهُمْ أعِنّةَ خَيْلِهِ، | وَلوْ أُطلِقَتْ كَدَّ النّجومَ كَديدُهَا |
وَمُستَظهِرٍاً بالعَفْوِ مِنْ قَبلِ أن تُرَى | لَهُ سَطَوَاتٌ مَا يُنَادَى وَليدُهَا |
فتُصْبِحُ في أفناءِ سَعدِ بنِ مَالِكٍ | وُجُوهٌ مِنَ المَخزَاةِ سُودٌ خُدودُها |
أقيمُوا بَني الدّيّانِ مِنْ سُفَهَائكُمْ، | فقَد طالَ عن قصْد السّبيلِ مَحيدُهَا |
أمَا آنَ أنْ يَنهَى عَنِ الَجهلِ وَالخَنَا | قِيَامُ المَنَايَا فيكُمُ، وَقُعُودُهَا |
قَرَابَتُكُمْ لا تَظْلِمُوها، فتَبْعَثُوا | عَلَيكُمْ صُدوراً ما تَموتُ حُقودُهَا |
لها الحَسَبُ الزّاكي الذي تَعرِفُونَهُ، | وَفيها طَرِيفاتُ العُلا، وَتَليدُها |
فَلا تَسألُوها عَن قَديمِ تُرَاثِها، | فعَسجَدُها مِمّا أفَادَ حَديدُهَا |
ذَوُو النّخَلاتِ الخُضرِ من بطنِ حائل، | وَفي فَلَجٍ خُطْبَانُهَا وَهَبيدُهَا |
وَأهلُ سُفُوحٍ مِنْ شَمائلَ تكتَسِي | بهِمْ أرَجاً، حتّى يُشَمّ صَعيدُهَا |
يَنامُونَ عَن أكْفَائِهِمْ، وَعَلَيهمِ | منَ الله نُعمَى ما يَنامُ حَسودُهَا |
مَقاماتُهُمْ أرْكانُ رَضْوَى وَيَذْبُلٍ، | وَأيديهِمِ بَأسُ اللّيَالي وَجُودُهَا |
أبَا خَالِدٍ، مَا جاوَرَ الله نِعْمَةً | بمِثْلِكَ، إلاّ كانَ جَمّاً خُلودُهَا |
وَجَدْنَا خِلالَ الخَيرِ عِندَكَ كُلَّهَا، | وَلَوْ طُلِبَتْ في الغَيثِ عَزّ وُجُودُهَا |
وَقَد جَزِعتْ جلد، وَلَوْلاكَ لم يكُنْ | ليَجزَعَ مِنْ صَرْفِ الزمان جَليدُها |
فأوْلِهِمِ نُعْمَى، فكُلُّ صَنيعَةٍ | رَأينَاكَ تُبديها، فأنتَ تُعيدُهَا |
قَرَابَتُكَ الأدْنَوْنَ مِنْ حَيثُ تَنتمي، | وَجيرَتُكَ الدّاني إلَيْكَ بَعيدُهَا |
أتَهْدِمُ جُرْفَيها، وَطَوْدُكَ طَوْدُها، | وَتَنحَتُ فَرْعَيْها، وَعُودُك عُودُها |
وَلا غَرْوَ، إلاّ أنْ تَكيدَ سَرَاتَها، | وَتَغمِسَ نَصْلَ السّيفِ فيمنْ يكيدُها |
وَتَنهَضَ في الأبطالِ ..فني عَديدَها، | وَسُؤلُكَ أنْ يَشأرى التّرَابَ عَديدُها |
إلَيكَ وُقُودُ الحَرْبِ عِندَ ابتِدائِها، | وَلَيسَ، إذا تَمّتْ، إليكَ خُمودُهَا |
فأقْصِرْ فَفي الإقْصَارِ بُقْيَا، فإنّها | مَكارِمُ حَيٍّي، يَعربٌ تَستَفيدُهَا |
وَدونَكَ، فاختَرْ في قَبائلِ مَذْحِجٍ | أتَقْهَرُهَا عَنْ أمْرِهَا أمْ تَسُودُهَا |
أبَتْ لكَ أنْ تَأبَى المَكارِمَ أُسرَةٌ، | أبُوها عَنِ الفِعلِ الديني يَذُودُهَا |
وَهَلْ طَيّئٌ، إلاّ نُجومٌ تَوَقّدَتْ | على صَفحَتَيْ لَيلٍ، وَأنتمْ سُعُودُهَا |
تَطوعُ القَوَافي فيكُمُ،. وفَكَأنّمَا | يَسيلُ إلَيكُمْ مِنْ عُلُوٍّ قَصِيدُهَا |
وَكَمْ ليَ منْ مَحبوكةِ الوَشيِ فيكُمُ، | إذا أُنشدَتْ قامَ امرُؤٌ يَستَعيدُهَا |