عرِّجْ على الدِّراسة ِ القَفْرِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عرِّجْ على الدِّراسة ِ القَفْرِ | ومُرْ دموعَ العين أن تَجري |
فلو نهيتُ الدَّمعَ عن سَحِّهِ | و الدار وحشٌ لم تطعْ أمري |
منزلة ٌ أسلمَها للبِلى | " عبرُ " هبوبِ الريح والقطرِ |
فُجِعْتُ في ظلمائها عَنْوة ً | بطلعة ِ الشّمسِ أو البَدرِ |
لهفانُ لامِن حرِّ جمرِ الجَوَى | سكرانُ لا من نَشْوَة ِ الخَمرِ |
كأنَّني في جاحم من شَجاً | ومن دموعِ العينِ في بحرِ |
عُجتُ بها أُنفِقُ في آيِها | ما كان مذخوراً من الصبرِ |
في فِتْيَة ٍ طارتْ بأوطارِهمْ | في ذيلهمْ أجنحة ُ الدَّهر |
ضيموا وسقوا في عراص الأذى | ما شاءت الأعداء من مرَّ |
كلَّ خميصِ البطن بادي الطوى | ممتلىء الجلد منِ الضُّرِّ |
يبري لحا صعدتهِ عامداً | بريَ العصا من كان لا يبري |
كأنَّهُ من طولِ أحزانِهِ | يساقُ من أمنٍ إلى حذرِ |
أو مفردٌ أبعده أهلهُ | عن حيهِ من شفقِ العرَّ |
يا صاحبي في قعر ممطوية ٍ | لو كان يرضى ليَ بالقعرِ |
أما ترانيَ بينَ أيدي العِدا | ملآنَ من غيظٍ ومن وِتْرِ |
تَسري إلى جلديَ رُقْشٌ لهمْ | و الشرُّ في ظلمائها يسري |
مُرَدَّدٌ في كلِّ مَكروهة ٍ | أنقلُ من نابٍ إلى ظفرِ |
كأنني نصلٌ بلا مقبضٍ | أو طائرٌ ظلّ بلا وكرِ |
بالدّار ظُلماً غيرُ سُكّانها | وقد قَرَى مَن لم يكن يَقْري |
والسَّرحُ يرعَى في حميم الحِمَى | ما شاء من أوراقه الخضرِ |
و قد خبا لي الجمرَ في طيهِ | لوامعٌ يُنْذرنَ بالجَمْرِ |
لاتَبكِ إنْ أنتَ بكيتَ الهدَى | إلاّ على قاصمة ِ الظَّهرِ |
و ابكِ حسيناً والألى صرعوا | أمامَه سَطراً إلى سَطرِ |
ذاقوا الرَّدَى مِن بعدِ ما ذَوَّقوا | أمثالَهُ بالبيضِ والسُّمْرِ |
قتلٌ وأسرٌ بأبي منكمُ | مَن نيلَ بالقتلِ وبالأسرِ |
فقلْ لقومٍ جئتَهم دارَهمْ | على مواعيدٍ من النَّصرِ |
قروكمُ لما حللتمْ بها | - ولا قرى - أوعية َ الغدرِ |
و اطرحوا النهجَ ولم يحفلوا | بما لكمْ في مُحكم الذِّكرِ |
و استلبوا إرثكمْ منكمُ | من غير حقٍّ بيدِ القَسْرِ |
كسرتُمُ الدِّينَ ولم تَعلموا | وكسرة ُ الدِّين بلا جَبْرِ |
فيا لها مظلمة ً أولجتْ | على رسول الله في القبرِ |
كأنَّهُ مافكَّ أعناقُكمْ | بكفهِ من ربقِ الكفرِ ! |
و لا كساكمْ بعد أن كنتمُ | بلا رِياشٍ حِبَرَ الفَخرِ |
فهْوَ الذي شادَ بأَرْكانِكمْ | من بعد أن كنتم بلا ذكرِ |
و هو الذي أطلع في ليلكمْ | من بعد يَأْسٍ غُرَّة َ الفجرِ |
يا عصبَ الله ومن حبهمْ | مخيِّمٌ ماعشتُ في صدري |
و من أرى " ودهمُ " وحدهُ | زادي إذا وُسِّدتُ في قبري |
و هوَ الذي أعددتهُ جنتي | وعِصمتي في ساعة ِ الحَشْرِ |
حتّى إذا لم أكُ في نُصْرَة ٍ | من أحدٍ كان بكمْ نصري |
بموقفٍ ليس به سلعة ٌ | لتاجرٍ أنفقُ من برَّ |
في كلّ يومٍ لكمُ سيدٌ | يُهدَى مع النِّيبِ إلى النَّحْرِ |
كم لكُمُ من بعدِ شِمْرٍ مَرَى | دماءكمْ في التربِ من شمرِ |
ويحَ " ابنِ سعدٍ عمرٍ " إنهُ | باعَ رسولَ اللهِ بالنَّزْرِ |
بغى عليهِ في بني بنتِهِ | و استلّ فيهمْ أنصلَ المكرِ |
فهوَ وإنْ فاز بها عاجلاً | مِن حطَبِ النّار ولا يدري |
متى أرى حقكمُ عائداً | إليكمُ في السرَّ والجهرِ ؟ |
حتى متى ألوى بموعودكمْ | أمطلُ من عامٍ إلى شهرِ ؟ |
لولا هناتٌ هنّ يلونني | لبحتُ بالمكتومِ من سرى |
ولم أكنْ أقنَعُ في نصركمْ | بنَظْمِ أبياتٍ منَ الشِّعرِ |
فإنْ تَجلَّتْ غُمَمٌ رُكَّدٌ | تَركنني وَعْراً على وَعْرِ |
رأيتموني والقنا شرعٌ | أبذُلُ فيهنَّ لكم نَحْري |
على مطا طرفٍ خفيفِ الشوى | كأنّهُ القِدْحُ من الضُّمْرِ |
تخاله قد قدَّ من صخرة ٍ | أو جِيبَ إذْ جِيبَ منَ الحَضْرِ |
أعطيكُمُ نفسي ولا أرتضي | في نصركمْ بالبذل للوفرِ |
و إنْ يدمْ ما نحن في أسرهِ | فاللهُ أولى فيه بالعذر |