السَّيْفَ منتقِمٌ وَالجَدّ مُعْتَذِرُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
السَّيْفَ منتقِمٌ وَالجَدّ مُعْتَذِرُ | وَمَا عَلَيْكَ إِذَا لَمْ يُسْعِدِ القَدَرُ |
وإنْ دجت ليلة ً في الدهرِ واحدة | فَطَالَمَا أَشْرَقَتْ ايَّامُهُ الأُخَرُ |
وما شكونا ظلاماً منْ غياهبها | حتى تطلعَ في أثنائهِ القمرُ |
ولا ينالُ كسوفُ الشمسِ طلعتَها | وَإنَّمَا هُو فِيْمَا يَزْعُمُ البَصَرُ |
وَهَلْ عَلَى البَطَلِ الحَامِي حَقِيْقَتَهُ عَارٌ | إذا جبنَ الأعداءَ أو غدروا |
أَمَّا الكِرَامُ فَقَدْ أَبْلَى وَفَاؤهُمُ | علَى البحيرة ِ ما لمْ يبلهِ الظفرُ |
مَا ضَرَّهُم وَالعَوَالي في نُحُورِهِمُ | تعفُوا الكلومُ وتبقى هذهِ السيرُ |
لاذُوا بِسَيْفِكَ حَتَّى خَالَ دُونَهُمُ | مُجَرَّبٌ فِي دِفَاعِ الخَطْبِ مُخْتَبَرُ |
مِنْ السِّيُوفِ التِي لَوْلا مَضَارِبُهَا | ما كانَ للدينِ لا عينٌ ولا أثرُ |
هِنْدِّيَة ٌ وبَنُو حَمْدَانَ رُفْقَتُهَا | لقدْ تخيرتِ الأحسابُ والزبرُ |
وَمُكَبِرين صَغِيْراً مِنْ عُقُولِهِم | لَمْ يَرْكَبُوا الخَيْلَ إلا بَعْدَمَا كَبِروا |
أخفُوا بكيدهمُ غدراً فما عبأتْ | سمرُ الرماحِ بمَا همتْ بهِ الإبرُ |
لا تَعْجَلوا فَعَلَى أَطْرافِهَا خَلَفٌ | ترجى عواقبهُ فيكمْ وتنتظرُ |
أثرتمُ أسداً تدمى أظافرهُ | طَيَّانَ لا عَصَرٌ مِنْهُ ولا وَزْرُ |
حَذَارِ أَنْ تَسْتَزِنَّ الحُلمَ غَضْبَتُهُ | إِنْ كَانَ يَنْفَعُ عِنْدَ الخَائِنِ الحَذَرُ |
جَرَّبْتُمُوهُ فَأفْنَتْكُمْ صَوَارِمُهُ | وَلَو عَقِلْتُم كَفَاكُم دُوْنَهُ الخَبَرُ |
وَقَدْ عَلا فَوْقَ أَفْلاكِ النُّجُومِ بِهَا | فَكَيْفَ يَلْحَقُ مَنْ فِي بَاعِهِ قِصَرُ |
حَدِّث بِبَأسِ بَنِي حَمْدَانَ فِي أُمَمٍ | تأتي فقدْ ظهرتْ في هذهِ النذرُ |
واذكرْ لهمْ سيرأً في المجدِ معجزة | لَوْلا الشَّريْعَة ِ قُلْنَا إِنَّهَا سُوَرُ |
قومٌ إذا طلبَ الأعداءُ عيبهمُ | فَمَا يَقُولونَ إلاَّ أَنَّهُمْ بَشَرُ |
السابقونَ إلى الدنيا بملكهمُ | مَا أَوْرَدَ النَّاسُ إلا بَعْدَمَا صَدَرُوا |
كأنَّ أيديهمُ للرزقِ ضامنة ٌ | فاللندَى قائمٌ منهمْ ومنتظرُ |
تَسْمُو البِّلادَ إِذَا عُدَّتْ وَقَائِعُهُم | فيها وتبتسمُ الدنيَا إذا ذُكروا |
مَاتُوا وَأَحْيَا ابْنَ ذِي المَجْدَيْنِ ذِكْرَهُمُ | فَمَا يَظُّنُون إِلاَّ انَهُم نُشِرُوا |
يثْنى عليهمْ بمَا تعطِي أناملهُ | والروضُ يحمدُ في إحسانهِ المطرُ |
وَسَابِقٍ طَلِقِ الألحْاَظِ في أَمَدٍ | لا يَنْفَعُ العَيْنَ في إِدْرَاكِهِ النَّظَرُ |
إِذاَ تَأَمَّلْتَهُ في نَيْلِ غَايَتِهِ | رأيتَ كيفَ تصادُ الأنجمُ الزهرُ |
كَأَنَّمَا رَأَيَهُ فِي كُلِّ مُشْكِلَة ٍ | عينٌ على كلِّ ما يخفَى ويستترُ |
يَا ناَصِرَ الدَّوْلَة ِ المَشْهُورِ مَوْقِفُهُ | في نصرهَا وضرامُ الحربِ تستعرُ |
أنتمْ صوارمهَا والبيضُ نابية ٌ | وشهبهُا وظلامُ الخطبِ معتكرُ |
وحاملوا الراية ِ البيضاءِ ما برحتْ | عَلَى رِمَاحِكُم تَعْلُو وَتَنْتَشِرُ |
كنتمْ بصفينَ أنصارَ الوصيِّ وقدْ | دعَا سواكمْ فما لبوا ولا نصرُوا |
فَهِيَ الخِلافَة َ مَا زَالَتْ مَنَابِرُهَا | إِلى سُيُوفِكُمُ في الرَّوعِ تُفْتَقَرُ |
هَلِ تَشْكُرُ العَرَبُ النُّعْمَى التي طَرَقَتْ | أمْ ليسَ ينفعُ فيها كلَّما شكرُوا |
قومٌ أعدتَ إلى الدنيَا نفوسهمُ | فَكُلُّ عَارِفَة ٍ مِنْ بَعْدِهَا هَدَرُ |
تِلْكَ الصَّنِيْعَة ُ إِنْ خَصَّتْ بَنِي أَدَدٍ | فليسَ تنكر مَا في طيِّها مضرُ |
أمَّا ابنُ نصرٍ فقدْ أخفتْ ضمائرهُ | مَوَّدَة ً لَكَ مَا فِي صفوِها كَدَرُ |
فرعُ أبانَ جناهُ طيبَ عنصرهِ | ما يحمدُ العودُ حتَّى يعرفُ الثمرُ |
سالمت منهُ علَى الأعداءِ مرهفة ً | لمثلهم كنت تقناها وتدخرُ |
يَقْظَانُ مَا عَلِقَتْ بِالنَّوْمِ مُقْلَتهُ | فلا يُنَبَّه في حَرْبِ العِدَى عُمَرُ |
يَا وَاهِبَاً وَعَوَادِي المُزْنِ بَاخِلَة ٌ | وصاعداً وعوالي الشهبِ تنحدرُ |
أَمَّا القَوَافي فَقَدْ جَاءَتَك سَابِقَة ً | كَمَا تَضَوَّعَ قَبْلَ الدِّيْمَة الزَّهْرُ |
منظومة ً فإذا فاهَ الدواة ُ بهِا | ظننتَ أنَّ نجومَ الليلِ تنتثرُ |
منْ معجزاتي التي لولا بدائعهَا | فِي الشِّعْرِ شِبَّهَ قَوْم بعض وَمَا سحرُوا |
تُثني عليكُمْ وتُبْدي عيبَ غيرِكُمُ | فقدْ هجوتُ بها قوماً وما شعرُوا |
أتاكَ رائدَ قوم ليسَ عندهمُ | علَى الحقيقة ِ لا ماءٌ ولا شجرُ |
تلوحُ ذكركَ في داجي همومهمُ | كَمَا يَلُوحُ لِعَيْنِ السَّاهِرِ السِّحَرُ |
فَاسْتَجلْهَا دُرَّة َ الغَوَّاصِ أَخْرَجَهَا | منْ بعدِ ما غمرتهُ دونهَا الفكرُ |
ما تشتكي غربة ُ المثوى ورفقتهَا | أَفْعَالُكَ الشُّهُبُ أَو أَخْلاقُكَ الغُرَرُ |
وَاسْمَعْ أَبُثُّكَ أَخْبَارِي فَإنَّ لَهَا | شَرْحَا وَإنْ كُنْتُ أَرْوِيهِ وَأَخْتَصِرُ |
جَادَتْ لِقَومِي سَحَابٌ مِنْكَ هَاطِلَة ٌ | ما غيبت منة ٌ منها وقدْ حضرُوا |
شكرتُ عنهمْ وإنْ أحسنت عندهمُ | فَإنني نَاظِمٌ بَعْضَ الذي نثَرُوا |
وغادرتني صروفُ الدهرِ بعدهمُ | كالصلِّ أطرقَ لا نابٌ ولا ظفرُ |
في بلدة ٍ تحتوي الأحرارَ ساحتُها | فَمَا لَهُمْ وَطَنٌ فِيْهَا وَلا وَطَرُ |
أشتاقكمْ ويحولُ العجزُ دونكمُ | فَأدَّعي بُعْدَكُمْ عَنِي وَأَعْتَذِرُ |
وأشتكي خطراً بيني وبينكمُ | وآية ُ الشوقِ أنْ يستصغرَ الخطرُ |
فهلْ لرأيكَ أنْ ينتاشَ مطرحاً | لهُ منَ الفضلِ ذنبٌ ليسَ يغتفرُ |
فعندكَ الجودُ لا منٌّ ولا كدرُ | وَعِنْدَهُ الحَمْدُ لا عَيٌّ وَلا حَصَرُ |
وإِنْ ضَرَبْتَ بِهِ في وَجْهَ نَائِبِة ٍ | فَفِي يَمِيْنِكَ مِنْهُ صَارِمٌ ذَكَرُ |
محاسنٌ هيَ عندَ السامعينَ بهَا | دعوَى ومثلكَ يتلُوها ويعتبرُ |
فما أخافُ مطالَ الحظِّ تحرمُني | نداكَ إنْ طالَ في أيامكَ العمرُ |
ولا يفوتُ غنى أنت الكفيلُ بهِ | وإنَّما غفلاتُ الدهرِ تبتدرُ |