لو جئتَ نارَ الهُدى من جانبِ الطُّوْرِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
لو جئتَ نارَ الهُدى من جانبِ الطُّوْرِ | قبستَ ما شئتَ منْ علمٍ ومن نورِ |
من كلِّ زهراءَ لم تُرْفَعْ ذُؤَابَتُها | ليلاً لسارٍ ولم تشببْ لمقرورِ |
قيضية ُ القدحِ من نورِ النبوَّة ِ أَو | نورِ الهداية ِ تَجْلُو ظُلْمَة َ الزُّورِ |
ما زال يقضمها التقوى بموقدِها | صوامُ هاجرة ٍ قوامُ ديجورِ |
حتى أَضَاءَتْ من الإيمانِ عَنْ قَبَسٍ | قد كان تحتَ رمادِ الكفرِ، مكفورِ |
نورٌ طوَى اللهُ زندض الكونِ منه على | سقطٍ إِلى زمنِ المهديِّ مذخور |
وآية ٌ كإِياة ِ الشمسِ بين يديْ | غزوٍ على المَلكِ القيسيِّ مَنْذُورِ |
يا دارُ دارَ أميرِ المؤمنينَ بسفْـ | ـحِ الطودِ، طودِ الهدَى ، بورِكتِ في الدورِ |
ذاتَ العمادينِ من عزٍّ ومملكة ٍ | على الأَساسين من قُدْسٍ وَتَطْهِير |
ما كانَ بانيكِ بالواني الكرامة ِ عن | قَصْرٍ على مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ مَقْصُوْرِ |
مواطىء من نبيٍّ طال ما وصلتْ | فيها الخطَى بين تسبيحٍ وتكبيرِ |
حيثُ استقلتْ به نعلاهُ بوركتاَ | فَطَيَّبَتْ كلَّ مَوْطُوءٍ وَمَعْبُورِ |
وحيثُ قامت قناة ُ الدين تَرْفُلُ في | لواءِ نصرٍ على البرينِ منشورِ |
في كفِّ منشمرِ البردينِ ذي ورعٍ | على التُّقَى وَصَفاءِ النَّفْسِ مَفْطُورِ |
يلقاكَ في حالِ غيبٍ من سريرتهِ | بعالمِ القدسِ مشهورٍ ومحضور |
تسنمَ الفلكَ من شطِّ المجازِ وقد | نُوْدِينَ ياخَيْرَ أَفْلاكِ العُلا سِيْري |
فسرنَ يحملنَ أمرَ اللهِ من ملكٍ | بالله مُسْتَنْصِرٍ في اللهِ مَنْصُوْرِ |
يومي له بسجودٍ كلُّ محركة ٍ | منها ويوليه حمداً كلُّ تصدير |
لما تسابقنَ في بحرِ الزقاقِ به | تركْنَ شطَّيْهِ في شكٍّ وتجيير |
أهزَّ من موجه أثناءَ مسرورِ | أم خاضَ من لجِّهِ أحشاء مذعورِ |
كأنه سالكٌ منه على وَشَلٍ | في الأرْضِ مِنْ مُهَجِ الأسْيَافِ مقطورِ |
من السيوفِ التي ذابتْ لِسَطْوَتِهِ | وقد رمى نارَ هَيْجَانا بِتَسْعِير |
ذو المُنْشَآتِ الجَواري في أَجِرَّتِها | شَكْلُ الغدائِر في سَدْلٍ وَتَضْفيرِ |
أغرَى المياهَ وأنفاسَ الرياحِ بها | ما في سجاياهُ من لينٍ وتعطير |
من كلِّ عذراءَ حبلى في ترائبها | ردعانِ من عنبرٍ وردٍ وكافُور |
تخالُهَا بينَ أيدٍ من مجاذفها | يَغْرَقْنَ في مِثْلِ ماءِ الوَرْدِ مِنْ جُوْرِ |
وربَّما خاضَتِ التيَّارَ طائرة ً | بمثلِ أَجْنِحَة ِ الفُتْخِ الكَوَاسِيرِ |
كأنما عبرتْ تختالُ عائمة ً | في زاخرٍ منْ نَدَى يُمْناهُ مَعْصُور |
حتى رَمَتْ جَبَلَ الفَتْحَينِ مِنْ كَثَبِ | بساطعٍ من سَناهُ غَيْرَ مبهور |
للهِ ما جبلُ الفتحينِ من جبلِ | مُعَظَّمِ القَدْرِ في الأحْبالِ مَذْكُورِ |
من شامخِ الأنْفِ في سَحْنائِهِ طَلَسٌ | له من الغيمِ جيبٌ غيرُ مزورِ |
مُعَبِّراً بذَرَاهُ عن ذَرَى مَلِكٍ | مُسْتَمْطَرِ الكفِّ والأكْنافِ مَمْطور |
تمسي النجومُ على إكليلِ مفرقِهِ | في الجوِّ حائمة ً مثلَ الدَّنانير |
وربما مسحتهُ من ذوائبِها | بكلِّ فضلٍ على فوديهِ مجرورِ |
وأدردٍ من ثناياهُ بما أخذتْ | منه معاجمُ أَعْوَادِ الدَّهارير |
محنكٌ حلبَ الأيامَ أشطُرهَا | وساقها سوقَ حادي العيرِ للعيرِ |
مُقَيَّدُ الخَطْوِ جَوَّالُ الخواطرِ في | في عجيبِ أَمْرَيْهِ من ماضٍ ومنظور |
قد واصلَ الصمتَ والإطراقَ مفتكراً | بادي السكينة ِ مُغْفَرِّ الأسارير |
كأنه مكمدٌ مما تعبدهُ | خَوْفُ الوعيدينِ من دكٍّ وتسيير |
أَخْلِقْ به وجبالُ الأرضِ راجفة | أنْ يطمئنَّ غداً من كلِّ محذورِ |
كفاهُ فضلاً أنِ انتابتْ مواطئهُ | نَعْلا مليكٍ كريمِ السَّعْيِ مشكور |
مُسْتَنْشِئاً بهما ريحَ الشَّفاعـة ِ مِنْ | ثرَى إِمامٍ بأقصَى الغربش مقبورِ |
ما انفكَّ آملَ أَمرٍ منه بينَ يديْ | يومِ القيامة ِ محتومٍ وقدورِ |
حتى تصدَّى منَ الدنيا على رمقٍ | يستنجزُ الوعدَ قبلَ النفخِ في الصورِ |
مستقبلَ الجانبِ الغربيِّ مرتقباً | كأنَّه بائتٌ في جو أسميرِ |
لبارقٍ من حُسامٍ سَلَّهُ قَدَراً | بالغربِ من أُفُقِ البيضِ المشاهيرِ |
إذا تأَلَّقَ قَيْسِيَّاً أَهابَ به | إلى شَفَا من مُضاعِ الدين مَوْتُور |
ملكٌ أتى عظماً فوق الزمانِ فما | يمرُّ فيه بشيءِ غيرِ محقورِ |
ما عنَّ في الدين والدنيا له أربٌ | إِلا تأَتَّى له مِنْ غَيْرِ تَعْذِير |
ولارَمَى من أَمانِيْهِ إلى غَرَضٍ | إِلا هَدَى سَهْمَهُ نُجْحُ المقادير |
حتى كأنَّ له في كلِّ آونة ٍ | سلطانَ رقٍّ على الدُّنيا وتسخيرِ |
مميزُ الجيشِ ملتفَّاً مواكبهُ | مِنْ كلِّ مثلولِ عرشِ المُلْكِ مَقْهُور |
من الأُوْلى خَضَعُوا قَسْراً له وَعَنَوْا | لأمرِهِ بينَ منهيٍّ ومأْمُورِ |
من بعدِ ما عاندوا أمراً فما تركوا | إِذْ أمكنَ العفوُ ميسوراً لمعسورِ |
بَقِيَّة ُ الحربِ فاتوها وما بِهِمْ | في الضربِ والطعنِ سيماءٌ لتقصيرِ |
لا ينكرُ القومُ مما في أكفهمُ | بيضِ مفاليلَ أو سمرٍ مكاسيرِ |
إذا صَدَعْتَ بأمْرِ الله مُجْتَهِداً | ضربتَ وحدكَ أعناقَ الجماهيرِ |
لا يذهلنَّ لتقليلِ أَخُو سببٍ | من الأُمورِ ولا يَرْكَنْ لِتَكْثِيرِ |
فالبحرُ قد عادَ منْ ضربِ العصا يبساً | والأَرْضُ قد غَرِقَتْ من فَوْرِ تَنُّور |
وإِنَّما هو سَيْفُ اللهِ قَلَّدَهُ | أَقْوَى الهُداة يَداً في دَفْعِ مَحْذُور |
فان يكنْ بيدِ المهديِّ قائِمُهُ | فموضعُ الحدِّ منه جدُّ مَشْهور |
والشمسُ إِنْ ذكرتْ موسى فما نسيتْ | فتاه يوشعَ قماعَ الجبابيرِ |