خُذُوا قُودِي مِنْ أَسيرِ الكِلَلْ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خُذُوا قُودِي مِنْ أَسيرِ الكِلَلْ | فَوَاعَجباً لأسيرٍ قَتَلْ |
وقولوا عليّ إذا نحتمُ | قتيل العيونِ جريحَ المُقل |
ولي جلدٌ عندَ بيضَ الظُّبَى | وبلأعين النُّجلِ ما لي قبل |
وَلي قَمرٌ ما بَدا في الدُّجَى | وأَبصرَهُ البَدْرُ إلاَ أفَلْ |
فيا خجلة الظَّبي لما بدا | شَبيهاً لَهُ في اللَّمَى والكَحَلْ |
ويا خجلة الشَّمسِ لما بدتْ | ألم تَرَ فيها احْمِرَارَ الخَجَلْ |
يضلّ بطرَّتِهِ من يشا | ويهدي بغرَّتِهِ منْ أضَلْ |
وقد عدلَ الحسنُ في خلقهِ | على أنَّهُ جارَ لمّا عدلْ |
فَعُمَّتْ مَعاطِفُهُ بالنَّشاطِ | وخصَّت روادفُه بالكسَلْ |
وَقَدْ عَلمَ النّاسُ أَنِّي امْرُؤٌ | أحبُّ الغزال وأهوى الغزلْ |
فلا تنكرُ اليوم يا عاذلي | قلستُ أميل إلى من عذلْ |
فألْحَفْتُ قامَتَهُ بالعناقِ | وأَذْبَلْتُ مَرْشفهُ بالقُبَلْ |
وكم تهتُ في غورِ خصرٍ لهُ | وأَشْرَفْتُ مِنْ فَوْقِ ذاك الكَفَلْ |
وأذَّنتُ حينَ تجلَّى الصَّباحُ | بِحيِّ على خَيْرِ هذا العَمَلْ |
وَهَا أَثَرُ المِسكِ في رَاحَتِي | هداه فمي فيه طعمُ العَسَل |
دعاني إلى رشفِ تلكَ القُبلْ | غرامٌ صحيحٌ ومالي قبلْ |
إذا فتكت فِيَّ ألحاظُهُ | بقَدٍّ يقُدُّ فكيفَ العَملْ |
هُنَاكَ تَرى أدمعي المُنْحَني | وقلبي برمي الجِمارِ اشتعلْ |
ودمعي مِنَ الشَّوقِ يا ما جرى | عَقيقاً وبالله عَقْلِي ذَهلْ |
فما ضرَّهُ لو سَمح بالكَرَى | ولو ساعة ً بعد ما قد فعلْ |
وسَكَّنتهُ في لظَى مهجتي | وَذاكَ لَعَمْرِي جَرا مَنْ قَتَلْ |
وَمِنْ عَجبٍ زَارَ في لَيْلَة ٍ | وَعمَّا جَرى بَيْنَنَا لا تَسَلْ |
فَصِرْتُ أشاهِدُ تِلكَ الرّياضِ | على وجنتيه أنا في خجلْ كذا |
واقطفُ ورداً بأغصانِه | ولم يكُ هذا بغيرِ المُقلْ |
فللَّه دَّرُكَ منْ لَيلة ٍ | تعادلُ أرواحنَا بَلْ أجلْ |
تُريكَ إذا أسْفَرَتْ بَهْجَة ً | وروض السُّروُرِ بها قد حَصَلْ |
ولا عَيْبَ فيها سِوَى أنَّها | خَلتْ مِنْ رقيبٍ لنَا أو عذل |
ألا فَلَّلَ الله سَيْفَ المُقَلْ | فكم ذا تعدَّى وكم ذا قتلْ |
وَمَا مِنْ قتيلٍ لأَهْلِ الهَوى | سوى ألف راضٍ بما قد فعل |
لقد نصر اللهُ جيشَ الملاحِ | ببدرٍ لنا حسنُه قد كملْ |
وما بَطلٌ في الوغى فارسُ | إذا قابلَ الغِيدَ إلا بَطلْ |
إذا قاتَلَتْني عُيونُ الظِّبا | فوا فَرحِي لَوْ بَلغْتُ الأمْل |
رَعَى الله لَيلة َ زَارَ الحَبيبُ | وغابَ الرقيبُ الى حيثُ ألْ |
فَخَبأْتُهُ في سَوادِ العُيونِ | وَقَدْ غَسَلَ الدَّمْعُ ذَاكَ المَحَلْ |
وألصقتُ خدّي بأقدامِه | وأَذْبَلْتُ أخْمَصهُ بالقُبَلْ |
فَرَقَّ وَمالَ بِأعطَافهِ | فَدبَّتْ برُوحِي ذاك الميَلْ |
وعانقتُهُ وخَلعْتُ العِذارَ | وَمَزَّقْتُ ثَوْبَ الحَيَا والخَجْل |
وما زلتُ أشغلهُ بالحديثِ | وسترُ الظلامِ علينا انسدل |
إلى أن غفا جفنُه بالمنامِ | وعنِّي تغافل أوقد غفَلْ |
وخلَّيتُ عن خصرِه بَنْدَهُ | وأجفيتُ عن مِعطفيهِ الحُلَلْ |
وَبتُ أُشاهِدُ صُنْعَ الإلهِ | تباركَ رَبُّ البَرايا وجلْ |
فظُنَّ بِنَا الخَيرَ أو لا تظنَّ | فَلا تَسْأَلِ اليَوْمَ عَمَّا حَصَلْ |