الإرهاب العائلي - عبد اللطيف بن هاجس الغامدي
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
فإذا ما حام حول حماه بعض أهله دارت حماليق عينه، وقام شعر رأسه، وأرعد وأزبد، وجاء بكلِّ باقعة، وأزرى بمن أمامه، وأخزى من عارضه أو فاوضه!
هكذا الرجولة والقوامة والولاية في نظره: (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)!!
أما أتباعه المستسلمون، فيلتزمون الطاعة بغير قناعة، ويرونه استبدادًا أطبق على صدورهم، وقيودًا كبَّلت أقدامهم، وغمامات عُصبت على صدورهم، فلا يرون إلا قليلاً، وينبعث في قلوبهم حبّ التمرد والعناد، والصلف الذي يورد موارد التلف، ويغري بالوقوع في الممنوع، ويحدث الانحراف عن الحق، والانجراف إلى مهاوي الهوى، فلكلِّ فعل ردُّ فعل، وقد صاح الجدار بالمسمار: لم تشقني؟ فقال وقد أعجزه الحال وأزعجه السؤال: سل من دقَّني!
وما أدخل الله على أهل بيتٍ أفضل من الرفق، فما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، وكانت الفظاظة والغلظة عنوانه.
فمتى تصبح بيوتنا وارفة الظلال بالحب والمودة؟ متى تغدو واحات حنان، ومحطات أمان؟
متى يفرح أهلها بدخولها كفرحهم بخروجهم منها؟!
متى نجد السكن الذي تسكن إليه النفوس، وتطيب به القلوب ، وترتاح فيه الأفئدة؟ فمن فقد الحب والحنان والأمان بين جدرانها فسيبحث عنها خارجها، ويا لبوابة المآسي كم سيكون الوالجون!!
فما عادت نفوس الجيل القادم تطيق صبرًا على جور الجلادين، ولا تحتمل الإرهاب الذي يفري الأعصاب ويقود إلى مُرِّ العذاب، فما أنتم فاعلون؟!