القرآن تنزيل رب العالمين
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
القرآن تنزيل ربِّ العالمينالحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبيَّ بعده:
قال تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 192، 193].
أَسند اللهُ - جلَّ جلالُه - إنزال القرآن إلى جناب عظمته في خمسين آية من آيات القرآن المجيد أو يزيد، وفي هذا دلالة على كمال العناية الإلهية بالقرآن، مما يهز المشاعر، ويحرك الوجدان، ويبعث على تربية المهابة منه عند سماعه.
كما أن في ذلك تنبيهاً على أنه المُنَزَّل من لدن حكيم خبير، وكَمَالُ القائل يدل على صِدْقِ المَقُول، وتنويهاً بعظمته المكتسبة من عظمة مُنَزِّله، وفيه إشادةً - أيما إشادة - بشرف القرآن، وسمو قدره، وعظيم مكانته[1].
وقال تعالى أيضاً: ﴿ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1].
«وفي ضمير العظمة وإسناد الإِنزال إليه تشريف عظيم للقرآن»[2].
ولا شك أن هذا «تنويه بشأن القرآن الكريم وإجلال لمحله، بإِضمار المؤذن بغاية نباهته المغنية عن التصريح به، كأنه حاضر في جميع الأذهان، وبإِسناد إنزاله إلى نون العظمة المنبئ عن كمال العناية به» [3].
يقول ابن عاشور[4] رحمه الله - عند تفسيره لقوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ ﴾ [العنكبوت: 51].
«و {الْكِتَاب}: القرآن، وعُدِلَ عن لفظ القرآن الذي هو كالعَلَمِ عليه إلى لفظ الكتاب المعهود لإيمائه إلى معنى تعظيمه بأنه المشتهر من بين كتب الأنبياء»[5].
فمن عظمة القرآن أنه نزل من الله تعالى وحده لا من غيره؛ لنفع الناس وهدايتهم، فاجتمعت في القرآن العظيم خمس فضائل:
1- أنه أفضل الكتب السَّماوية.
2- نزل به أفضل الرسل وأقواهم، الأمين على وحي الله تعالى.
3- نزل على أفضل الخلق، محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم.
4- نزل لأفضل أمة أُخرجت للناس.
5- نزل بأفضل الألسنة وأفصحها، وأوسعها، وهو اللسان العربي المبين [6].
[1] انظر: عناية الله وعناية رسوله بالقرآن الكريم، أ.
د.
أبو سريع محمد (ص1).
وهو بحث مقدم إلى مؤتمر القرآن الكريم وأثره في إسعاد البشرية، كلية الشريعة - جامعة الكويت، بتاريخ (25، 26/ 11/ 1415هـ).
[2] التحرير والتنوير (30/ 402).
[3] تفسير أبي السعود (9/ 182).
[4] هو محمد الطَّاهر بن عاشور، رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة، وهو من أعضاء المَجْمَعين العربيين في دمشق والقاهرة، ولد سنة (1296هـ)، وتوفي سنة (1393هـ).
من مصنفاته: «مقاصد الشريعة الإسلامية»، و«تفسير التحرير والتنوير»، و«أصول الإنشاء والخطابة».
انظر: الأعلام (6/ 174) .
[5] التحرير والتنوير (20/ 188).
[6] انظر: تفسير السعدي (3/ 485).