أرح يمينكَ مِمَّا أنتَ مُعتَقِلُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أرح يمينكَ مِمَّا أنتَ مُعتَقِلُ | أَمْضَى الأَسِنَّة ِ ما فُولاذُهُ الكَحَلُ |
يَا مَنْ يُرِيني المَنَايَا واسْمُهَا نَظَرٌ | مِنَ السُّيُوفِ المَوَاضِي واسْمُهَا مُقَلُ |
مَا بَالُ أَلْحَاظُكَ المَرْضَى تُحارِبُني | كأَنَّما كُلُّ لَحْظٍ فارِسٌ بَطلُ |
وَمَا لِقَوْمِكَ سَاءَتْ بِي ظُنُونُهُمْ | فليتهم عَلِموا مني الذي جَهلوا |
في ذِمّة ِ الله ناءٍ حُسْنُه أَمَمٌ | وَفَارِغُ القَلْبِ في قَلْبِي بِهِ شُغْلُ |
مِنْ دُونِهِ كُثُبٌ مِنْ دُونِهَا حَرَسٌ | مِنْ دُونِهِ قُضُبٌ مِنْ دُونِهَا الأَسَلُ |
ومَعْشَرٍ لمْ تزلْ في الحربِ بِيضُهُمُ | حُمرُ الخُدود وما منْ شأنِهَا الخَجَلُ |
إذا انتضوْهَا بروقاً ردَّها سُحُباً | بِهَا دمٌ سالَ مِنها عارضٌ هَطَلُ |
يُثني حديث الوغى أعطافهُم طَرباً | كأنَّ ذِكرَ المَنَايا بينهمْ غَزَلُ |
كَم نَارِ حَرْبٍ بِهِمْ شَبَّتْ وَهُمْ سُحبٌ | وأرضِ قومٍ بهم فاضتْ وهم شُعَلُ |
مِنْ كلِّ ذي طرَّة ٍ سوداء يلبسُها | غَيْمٌ بِهَا مِنْ عُبَابِ النَّقْعِ مُتَّصِلُ |
ضاءت بحسنهم تِلْكَ الخِيامُ كَمَا | ضاءَت بوجه ابن عبد الظَّاهِر الدُّولُ |
كأَنَّما كَفُّ فَتْحِ الدِّينِ وَجْنَتُهُ | لذاكَ يحسن في ساحاتِهَا القُبَلُ |
أَغرُّ ما أَبْدَتِ السُّحْبُ الحَيا لِسِوَى | تقصيرها عن نداه حينَ ينهملُ |
إنْ قُلْتُ يُمْنَاهُ مِثْلُ البَحْرِ صَدَّقني | بِهَا مَنَاهِلُ مِنْهَا تَشْرَبُ القُبُلُ |
يدٌ لَهَا كم يدٍ من قبلها سبقتْ | يَدٌ وَكَمْ مِنْ يَدٍ مِنْ بَعْدِهَا تَصِلُ |
تُوحي إلى كُلّ قِرْطَاسٍ بَلاَغَتُهُ | سحرُ البيانِ ومنْ أقلامِهِ الرُّسلُ |
سُمرٌ تروقكَ رأي العينِ عارية ً | وَمِنْ بَدِيعِ مَعَانِيهِ لَهَا حُلَلُ |
من الأسنَّة ِ في أطرافها سنة ٌ | لَوْلا النَّضَارَة ِ قُلْنَا إنَّهَا ذَبلُ |
من كل معتدلٍ كالميلِ إنْ رَمَدَتْ | عَيْنُ المَعَالي فَفِيها نَقْسُه كَحَلُ |
فللعداة ِ لديهِ كُلّ ما حذروا | وَلِلْعُفَاة ِ عَلَيْهِ كُلّ مَا سَأَلُوا |
أضحتْ يداهُ لعقدِ الجود واسطة ً | فليس يُدرى لجودٍ بعدَها عَطَلُ |
يَجُودُ حَتّى يَملَّ النّاسُ أَنْعُمَهُ | وليس يُدركُه من بذلها مللُ |
سَادَتْ وَسَارَتْ بِهَا الأَفْوَاهُ مُعْلِنَة ً | فَقَدْ غَدَتْ مَثَلاً يَغْدُو بِهَا المَثَلُ |
بَنى لأبنائِه بيتَ العلُى وثَوى | فيما بَناهُ له آباؤهُ الأُوَلُ |
كَانُوا أَتمَّ الوَرَى جُوداً وإنْ صَمَتُوا | وأعظم النَّاسِ أحلاماً وإن جهلوا |
زَالُوا فأُوْدِعَ في الأَسْمَاعِ ذِكْرُهُمُ | مَحَاسِناً أُوْدِعتها قَبْلَهَا المُقَلُ |
امْدحْ وقلْ في معانيهِ فَقَد كَرُمَتْ | لا يَحْسُنُ القَوْلُ حَتَّى يُحسنُ العَمَلُ |
يَا مَعْدِنَ الجُودِ لا أَبْغِي سِوَاكَ وَلَوْ | فعلت ذلك سُدَّت عني السُّبُلُ |
إنْ ابْنَ بابِكَ مَحْسُوبٌ عَلَيْكَ وَلِي | حَقُّ العبودة مَشْفُوعٌ بِهِ الأَمَلُ |