لا الدهر مستنفد ولا عجبه
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لا الدّهرُ مُستَنفَدٌ، وَلاَ عَجَبُهْ، | تَسُومُنَا الخَسْفَ كُلَّهُ نُوَبُهْ |
نَالَ الرّضَا مادِحٌ وَمُمتَدَحٌ، | فَقُلْ لهَذا الأميرِ: ما غَضَبُهْ |
مُكَثِّراً يَبتَغي تَهَضُّمَنَا | بذي اليَمينَينِ، كاذِباً لَقَبُهْ |
وَذُو اليَمينَينِ غَيرُ ناصرِهِ، | من نُكَتِ الشِّعرِ أثَقبَتْ شُهُبُهْ |
إذا أخَذْتَ العَصَا تُوَاكلُكَ الأنْـ | ـصَارُ، إلاّ ما قُمتَ تَقتَضِبُهْ |
ونحنُ مَنْ لا تُطَالُ هَضْبَتُهُ، | وإنْ أنَافَتْ بفَاخرٍ رُتَبُهْ |
لَوْ أعرَبَ النّجمُ عَن مَنَاقبهِ | لمْ يَتَجَاوَزْ أحسابَنا حَسَبُهْ |
لَوْلا غَرَامي بالعَفْوِ قَد لقيَ الظّا | لمُ شَرّاً، وَسَاءَ مُنْقَلَبُهْ |
إذا أراب الزّمَانُ، مُعْتَمِداً، | إنكَاسَ حَظّي سألتُ مَا أرَبُهْ |
وَكَانَ حَقّاً عَلَيّ أفْعَلُهُ، | إذا تأبّى الصّديقُ أجْتَنِبُهْ |
والنّصْفُ منّي متى سَمَحْتُ بهِ | معَ اقتدارِي تَطَوُّلاً أهَبُهْ |
وَخِيرَتي عَقْلُ صَاحبي، فمَتى | سُقْتُ القَوَافي فخِيرَتِي أدَبُهْ |
والعَقْلُ من صنعةٍ وَتَجْرِبَةٍ، | شكْلانِ مَوْلودُهُ، وَمُكْتَسَبُهْ |
كَلّفْتُمُونا حُدودَ مَنْطقكُمْ | في الشّعرِ يُلغَى عن صِدقه كَذِبُهْ |
وَلمْ يَكُنْ ذو القُرُوحِ يَلهَجُ بالمَنْـ | ـطقِ ما نَوْعُهُ، وَمَا سَبَبُهْ |
والشّعرُ لَمْحٌ تَكفي إشَارَتُهُ، | وَلَيسَ بالهَذْرِ طُوّلَتْ خُطَبُهْ |
لَوَ أنّ ذَاكَ الشّرِيفَ وازَنَ بينَ الـ | لّفْظِ، واختَارَ لمْ يُقَلْ شَجَبُهْ |
واللّفْظُ حَليُ المَعنى وَلَيس يُرِيكَ الـ | ـصُّفْرُ حُسْناً يُرِيكَهُ ذَهَبُهْ |
أجلى لُصُوصَ البلادِ يَطلُبُهُمْ، | وَبَاتَ لصُّ القَرِيضِ يَنتَهِبُهْ |
قاتَلْتَنا بالسلاحِ تَمْلِكُهُ، | مُعْتَزِياً بالعَدِيدِ تَنْتَخبُهْ |
أُرْدُدْ عَلَينا الذي استَعَرْتَ وَقُلْ | قَوْلَكَ يُعْرَفْ لغالبٍ غَلَبُهْ |
أمّا ابنُ بِسطامكَ الذي ظِلتَ تُطْـ | ـرِيهِ، فغَيثٌ يغيثُنا حَلَبُهْ |
أزْهَرُ يَتْلُو لسَانُهُ يَدَهُ، | سَوْمَ جُمَادَى يَحدُو بِهِ رَجَبُهْ |
لا يَرْتَضِي البِشْرَ يَوْمَ سُؤدَدِهِ، | أوْ يَتَعَدّى إشْرَاقَهُ لَهَبُهْ |
فإنْ تَعَلّيْتَ فالمُوفَّقُ بالـ | ـلّهِ مُرَادُ النّدَى، وَمُطّلَبُهْ |
كالىءُ ثَغْرِ الإسْلاَمِ، يَرْفِدُهُ | جِدُّ امرِىءٍ لا يَشُوبُهُ لَعبُهْ |
فَحَائنُ الزّنْجِ مجمِعٌ هَرَباً، | إنْ كَانَ يَنْجُو بحَائنٍ هَرَبُهْ |
لا يَأمَنُ البَرَّ مُفْضِياً كَنَفٌ | منهُ، ولا البَحرَ طامياً حَدَبُهْ |
ما اخْتَارَ أمْراً إلاّ تَوَهّمَهُ | رَداهُ أوْ ظَنّ أنّهُ عَطَبُهْ |