إذا المجدُ شادته القنا والصوارمُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
إذا المجدُ شادته القنا والصوارمُ | وقامت به بالمكرمات دعائمُ |
فثَّم المعالي والرياسة والعلى | نوالٌ وإقدامٌ ورمحٌ وصارم |
وليس يسود المرءُ إلاّ بنفسه | وإن نجبت فيه أصولٌ أكارم |
ولا حرَّ إلاّ والزمان كما أرى | يحاربه طوراً وطوراً يسالم |
شديد على الأيام يقسو إذا قست | وإن عبست أيّامه فهو باسم |
أخو الحزم يقظان البصيرة لم تنم | له أعينٌ والجاهل الغمر نائم |
ذر اللوم إني بالمعالي متيّمٌ | وإن لامني فيها على الحب لائم |
تركت الهوى بعد المشيب لأهله | وراحعني حلم لسلمى يصارم |
وما أنسَ لا أنسى زماناً قضيته | وعود الصبا ريّان والعيش ناعم |
أشيمُ به برق الثنايا وأصطلي | سنا نار كأس والحبيب ملائم |
طروقاً إلى من كنت أهوى بليلة | كأنّ دجاها عارض متراكم |
بحيث المواضي والأسنة شرّعٌ | وموج المنايا حوله متلاطم |
إذا زأر الليث الهزبر بحيّه | يجاوبه ريم من السرب باغم |
واسمر نفاث المنون سنانه | كما نفث السمَّ الزعاف الأراقم |
يسامرني إذ لا سمير اعتقلته | وجنح الدجى في مهلك البيد فاحم |
وعانقني ما نمت عضب مهند | من البيض لا البيض الحسان النواعم |
ولي من رياض القول كل حديقة | زها ناظم فيها وأعجب ناظم |
سقتها يد من ناصر فتفتحت | بنوّار أزهار الكلام كمائم |
تترجم عن إحسانه وجميله | فيا حسن ما أبدته تلك التراجم |
بمتخذ زرق الأسنّة سلّما | إلى المجد والسحر العوالي سلالم |
من العالم العلويّ نفساً وهمة | رفيع المباني والأنام دعائم |
رزقتم النعماء أرفع سؤود | من العز ما تنحط عنها النعائم |
فأرغمت آنافاً وأكبتُ حسَّداً | لأنف الأعادي حدّ سيفك راغم |
أبا فالح سُدْتَ الأُمور بحكمة | وأنت خبيرٌ بالسياسة عالم |
ورأي يريك الأمر قبل وقوعه | فما ريع ذو لب منالأمر حازم |
أمستعصمَ الملهوف مما ينويه | لك الله من شر النوائب عاصم |
وترعاك من عين الاله عناية | تصاحب من صاحبته وتسالم |
فمن ناله منك الرضا هو رابحٌ | ومن فاته منك الرضا فهو نادم |
رفعت منار المجد فيها وحلّقت | خوافٍ إلى جوِّ العلى وقوادم |
إليك انتهى الفعل الجميل بأسره | وما تنتهي إلاّ إليك المكارم |
مكارم ترتاح النفوس لذكرها | وفيها الغنى يرجى ومنها الغنائم |
غياث وغوث كلما انهلّ ساجم | تتابع في آثارها منك ساجم |
يميزك الإقدام والبأس والندى | وما تستوي أسدُ الثرى والبهائم |
وما قَعَدت عمّا أمرتَ قبيلة ٌ | وأنت عليها بالمهند قائم |
وإنَّك لو دمَّرت قوماً بذنبهم | فإنك مأمورٌ وما أنتَ آثم |
لقد أعربت عنك الصوارم والقنا | وقد أفصحت شكراً وهن أعاجم |
وقد ترجمت عن طول باعك في الوغى | وشاعت وذاعت عنك تلك التراجم |
فيا لك من يشقى لديه عدوه | لك السعد والإقبال عبد وخادم |
وكم لك ما بين الخميسين وقفة | وقد أحجمت عنها الأسود الضراغم |
وردت المنايا والسيوف مناهل | وما لك في ذاك الورود مزاحم |
تركت بها القتلى تمجّ دماؤها | وللطير منها والوحوش ولائم |
فللأرض من تلك الدماء مشارب | وللوحش من تلك اللحوم مطاعم |
بطشت بمن يبغي عليك بكيده | وأنت رؤوفٌ بالرعية راحم |
وأبقيت دار المفسدين بلاقعاً | خلا عالم منها وأقوت معالم |
وأنصفتَ بين الناس بالحكم عادلاً | فلا ثمَّ مظلوم ولا ثمَّ ظالم |
يُمدُّ عليها منك ظلٌّ مظلِّلٌ | إذا لفحتها بالخطوب سمايم |
أعدت شباب الدهر بعد مشيبه | فعاد علينا عهده المتقادم |
لئن ذكروا في الجود كعباً وحاتماً | فأنت لهذا العصر كعب وحاتم |
وما برحتْ تنهلُّ جوداً ونائلاً | يمينُك لا ما تستهل الغمائم |
ولله منها عارض سحّ ممطراً | دنانيرها من قطرها والدراهم |
تطوّقني نعماك تترى بمثلها | بأحسن مما طوقته الحمائم |
وكم لي بكم يا آل سعدون مدحة | من القول يستوفى بها الشكر ناظم |
إذا أُنْشِدَتْ سرّت نفوساً وطأطأت | رؤوساً مالت من رجال عمائم |
وإنّي بكم يا آل سعدون شاعر | وها أننا في وادي ثنائك هائم |
بطلعتك الغراء موسم ثروتي | ولي منك في نيل الثراء مواسم |
فأنت لعمري للمكارم فاتح | وأنت لعمري للأكارم خاتم |