أَتَعْرِفُ الدارَ أَمْ لا تعرفُ الطَّلَلاَ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أَتَعْرِفُ الدارَ أَمْ لا تعرفُ الطَّلَلاَ | أجلْ فهيجتِ الأحزان والوجلا |
وقد أَرَانِي بها في عِيشة ٍ عَجَبٍ | والدهر بينا له حال إذِ انْفَتَلا |
ألهو بواضحة الخدينِ طيبة ٍ | بعد المنام إذا ما سِرُّهَا ابتَذَلاَ |
ليسَتْ تزالُ إليها نفسُ صاحِبِها | ظَمْأَى فلو رابت من قلبه الغَلَلاَ |
كشارب الخمر لا تُشْفَى لَذَاذَتُهُ | ولو يطالع حتى يكثرَ العللا |
حتى تصرمَ لذاتِ الشبابِ وما | من الحياة ِ بذا الدَّهْرِ الذي نَسَلاَ |
وَرَاعَهُنَّ بِوَجْهِي بَعْدَ جِدَّتِهِ | شَيْبٌ تَفَشَّغَ في الصُّدْغَيْنِ فاشْتَعَلاَ |
وسار غربُ شبابي بعدَ جدتهِ | كانما كانَ ضيفاً حفَّ فارتحلاَ |
فكم ترى من قويٍّ فَكَّ قُوَّتَهُ | طولُ الزمانِ وسيفاً صارماً نحلاَ |
إنّ ابنَ آدمَ يرجُو ما وراءَ غدٍ | ودونَ ذِلكَ غِيْلٌ يَعْتَقِي الأَمَلاَ |
لو كان يعتقُ حياً من منيتهِ | تَحَرُّزٌ وحِذَارٌ أَحرَزَ الوَعِلا |
الأَعْصَمَ الصَّدَعَ الوَحْشِيَّ في شَغَفٍ | دُونَ السَّماءِ نِيافٌ يَفْرَعُ الجَبَلاَ |
يَبِيْتُ يَحْفِرُ وَجْهَ الأَرْضِ مُجْتَنِحاً | إذا اطمأنَّ قليلاً قام فانتقلا |
أو طائراً من عتاقِ الطيرِ مسكنهُ | مصاعبُ الأرضِ والأشرافِ قدْ عقلاَ |
يكاد يقطع صعداً غير مكترثٍ | إلى السماءِ ولولا بعدها فعلا |
وليس ينزل إلاّ فوق شاهقة ٍ | جَنْحَ الظَّلاَمِ ولولا الليلُ ما نَزَلاَ |
فذاكَ منْ أحذرِ الأشياءِ لو وألتْ | نفسٌ من الموتِ والآفاتِ أَنْ يَئِلاَ |
فصرَّمَ الهَمَّ إذ وَلَّى بناحِيَة ٍ | عَيْرَانَة ٍ لا تَشَكَّى الأَصْرَ والعَمَلاَ |
من اللواتي إذا استقبلن مهمهة ً | نجينَ منْ هولها الركبانَ والقفلاَ |
من فَرَّهَا يَرَهَا مِنْ جَانِبٍ سَدَساً | وجانبٍ نابها لمْ يعدُ أنْ بزلاَ |
حرفٌ تشذرَ عنْ ريانَ منغمسٍ | مستحقبٍ رزأتهُ رحمها الجملاَ |
أوكتْ عليه مضيقاً من عواهنها | كَمَا تَضَمَّنَ كشحُ الحُرَّة ِ الحَبَلا |
كأنها وهي تحتَ الرحلِ لاهية ٌ | إذا المطيُّ على أنقائِهِ ذَمَلاَ |
جُونِيَّة ٌ من قَطَا الصَّوَّانِ مَسكنُها | جفاجفٌ تنبتُ القفعاءَ والبقلاَ |
بَاضَتْ بِحَزْمِ سُبَيْعٍ أَوْ بِمَرْفَضِهِ | ذي الشيحِ حيث تلاقى التلعُ فانسحلاَ |
تروي لأزغبَ صيفيٍّ مهلكة ٍ | إذا تَكَمَّشَ أولاد القطا خَذلا |
تنوش من صوة الأنهار يطعمه | من التهاويل والزباد ما أكلا |
تَضُمُّهُ لجَنَاحَيْهَا وجُؤجُؤُهَا | ضمَّ الفَتَاة ِ الصَّبيَّ المُغْيِلَ الصَغِلا |
تَسْتَوْرِدُ السِّرَّ أحياناً إذا ظَمِئَتْ | والضَّحْلَ أسفل من جرزاته الغَلَلاَ |
تحسرت عقة عنه فأنسلها | و اجتاب أخرى جديداً بعدما ابتقلا |
مُوَلَّعٌ بسوادٍ في أَسافِلِهِ | منه احْتَذَى وبلَوْنٍ مِثْلِهِ اكْتَحَلاَ |