فجر القوافي
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
فلسطينُ افتحي الطرقاتِ بابا | أتاكِ المجدُ يسألكِ انتسابا |
وجاءتكِ القوافلُ مثقلاتٍ | بخفقِ القلبِ تلتمسُ اقترابا |
تسابقتِ الأماني مشرعاتٍ | لتلقى عندَ كفيكِ الرغابا |
تشدُّ الخيلُ أسرجةَ التلاقي | وتنفضُ حينَ تلقاكِ اكتئابا |
تردّينَ الغزاةَ بخيلِ نصرٍ | تشقُ الريحَ تنسكبُ انسكابا |
كأنَّ الصخرَ تغزلهُ الحكايا | فيصعدُ ثمَّ ينصبُ انصبابا |
تنادى البحرُ بسملةً فقامتْ | بلادُ الخيرِ وانتفضتْ شبابا |
تراكضت الشوارعُ عاصفاتٍ | تلمُّ السهلَ تحتضنُ الهضابا |
يطلُّ الشعبُ من فجرِ القوافي | ويملأ حينَ ينتشرُ الشعابا |
كأنَّ الأرضَ قد لبستْ شموخاً | فكان الشعبُ للأرضِ الثيابا |
يشدُّ الزهرُ أشرعةَ الثواني | ويأخذُ كلَّ ثانيةٍ شـهابا |
إذا الشهداءُ للأمطارِ غنوا | تهادى الفجرُ يحتضنُ الترابا |
كأنَّ الفجرَ قد أدناهُ فجرٌ | فطابَ الوعدُ حينَ العهدُ طابا |
ترى الأشجارَ مطلقةً خطاها | بها الأغصانُ قد نهضتْ حرابا |
تضيءُ أصابعُ الأطفالِ عشقاً | وتلثمُ من تشوقها القـبابا |
تلمُّ الريحَ في حجرٍ وترمي | فتلتهبُ المسافاتُ التهابـا |
فللأحجارِ حمحمةٌ ورعدٌ | بغيرِ القصفِ ما عرفتْ خطابا |
تراوغُ ثم تندفعُ اندفاعاً | وتتركُ حينَ تنقضُّ اضطرابا |
فحيناً تبصرُ الأحجارَ طيراً | تحلقُ ثمَّ تنصبُ انصبابـا |
وحيناً تبصرُ الأحجارَ خيلاً | تردُ الليلَ تقتحمُ الصعابا |
تخط حروفها في كل شبرٍ | إلامَ الشمسُ تنتظرُ الإيابا |
إلامَ الجرحُ يبقى في نزيفٍ | يكابدُ في تقلبهِ العذابـا |
وعودُ الأهلِ قدْ زادتْ وفاضتْ | وظلَّ الفعلُ من يدهمْ سرابا |
يرشونَ الدروبَ بألفِ عهدٍ | وكلُّ عهودهمْ باتت كِذابا |
إذا قرعوا طبولَ الحربِ مالوا | إلى الجيرانِ ينهونَ الحسابا |
جيوشٌ حينَ تطلبُها تراهـا | تعضُ لحومها تثبُ احترابا |
وللأعداءِ في الأقصى ولوغٌ | يرونَ العزَّ إنْ نشروا الخرابا |
على الطرقاتِ ينتشرونَ قبحاً | لغيرِ الشرِّ ما عرفوا الذهابا |
أتوا من آخرِ الدنيا سواداً | يباري ليلُ ظلمتهِ الغرابـا |
تساندهم يدٌ للظلمِ طالتْ | ومالتْ حينَ أطلقتِ الذئابا |
وراحت تكتبُ التاريخَ زوراً | وتنسفُ في تملقها الصوابا |
تكاثرتِ الجراحُ بكلِّ درب | وزادت حينما اتسعتْ مصابا |
تلمُّ القدسُ دمعتها فتهمـي | بكلِّ شوارعِ الدنيا عتابـا |
كأنَّ اليتمَ سربلها بحـزنٍ | نما في ضوءِ مقلتها انتحابـا |
تسائلُ ثم تسألُ عن رجـالٍ | إذا نادتهمُ كانوا الجوابــا |
ترى الفرسانَ قد سبقوا خطاهمْ | لساح الحرب يرجون الثوابا |
فبسمِ الله ينتشرونَ نــوراً: | وبسمِ الله يطوونَ الصعابـا |
خيولُ النصرِ قد شدتْ ومدتْ | وراحتْ تمطرُ الوعدَ اقترابا |
فكيفَ نميلُ إنْ مالتْ بـلادٌ | وسلمتِ المضاربَ والركابا |
وهل نبقى على صهواتِ ريحٍ | نمدُّ الخطوَ نمتدُّ اغترابـــا |
ونفتحُ دفترَ الأيامِ صفحـاً | وننسى كلَّ ما أخذَ اغتصابا |
وكيفَ ننامُ إنَّ الذئبَ ذئبٌ | وإنْ أخفى عن الأنظار نابا |
فلا والله لا نرضى بــذلٍ | وإن خضنا من البحرِ العبابا |
شبابُ الخيرِ قد هبوا وشدوا | ومدوا الخطوَ وانتفضوا غضابا |
تنادوا ثم نادوا واسـتزادوا | فكانَ الفجرُ في غدهمْ جوابا |