هيَ الشوارع التي تجيء مرةً |
وتسقطُ الشوارعُ التي تجيءُ مرةً |
من اليدينِ.. لليدينْ |
خواتمُ الصغيرةِ احتراقْ |
وآخرُ الصهيلِ زفرةُ اشتياقْ |
وبيننا.. |
حديقةٌ.. تموتُ مرةً .. ومرةً |
يسافرُ الصغيرُ في بكائهِ |
على الرصيفِ بقعة ٌ من المطرْ |
مسافة من النشيدِ أولُ الشجرْ |
تقول زهرةٌ لأختها |
وتسقطانِ في انتفاضةِ الوريدْ |
هيَ الشوارعُ التي.. |
وكنتُ بينَ لحظةٍ .. ولحظةٍ |
أضيعُ في الزحامِ ثم ألتقي |
بغربتي .. |
نمدُّ لليدينِ خصلةً |
وننثني .. |
نضيعُ في الزحامِ .. نلتقي .. |
تشدُّ أميَ الرحالَ مرتينِ في المساءِ |
مرتينِ في الصباحِ |
مرتينِ بينَ .. بينْ |
ومرةً .. |
أضاعتِ الأصابعَ التي تشدُّ |
فانحنتْ .. |
تشدُّ بالجراحْ .. |
وهذهِ الشوارعُ التي .. |
على الطريقِ بقعةٌ .. |
وصرخة التياعْ |
أصابع .. مقصوصةٌ |
وحينَ يجهشُ المساءُ مرتينِ في البكاءْ |
تنامُ طفلةٌ حزينةٌ على الذراعْ .. |
ولا تحبُّ .. أو تحبُ .. إنّما |
يسافرُ الصباحُ داخلاً محاجرَ المساءْ |
يحدقُ الصغيرُ في يديهِ لحظةً |
تمر طائراتْ |
يسجلُ الصغيرُ قفزةً صغيرةً |
ودمعةً أخيرةً .. |
وطائراتْ .. |
* * * |
هي الشوارع التي تجيءُ مرةً |
تكدَّسَ الرماد في حناجرِ الخيولْ .. |
وملتِ الطبولُ .. أنها طبولْ .. |
شوارعٌ تمرُّ .. |
تسقطُ المدنْ |
تضيعُ رايةُ السفنْ |
قرأتُ ذات مرةٍ على جدارْ |
كتابةً تقول إنهُ النهارْ |
تجندلَ الصباحُ غارقاً بغصةٍ كبيرةٍ |
ودُمِّرَ الجدارْ … |
* * * |
هيَ الشوارعُ التي تجيءُ مرةً |
أطلُّ من نوافذِ .. القطارْ |
تشدني أصابعُ الدوارْ .. |
فأنحني .. وأنحني .. |
وأنحني .. |
أصيحُ أوقفوهُ .. أوقفوهُ .. أوقفوهُ |
أوقفوهْ .. |
صفيرهُ الطويلُ دونما نهايةٍ |
وسكةُ الحديدِ دونما نهايةٍ |
وفي السماءِ غيمة بعيدةٌ .. |
دماؤنا على الرصيفِ زهرة أخيرةٌ |
دماؤنا على الجسورْ |
يحدقُ الصغيرُ في أصابعِ الصغيرْ |
يقطِّعُ الصغيرُ خبزهُ |
يوزع الصغير لقمتينِ .. |
ينتهي .. |
صفيرهُ الطويل دونما نهايةٍ |
وسكةُ الحديدِ دونما نهايةٍ |
أطلُّ من نوافذِ القطارْ |
أرى النساءَ عارياتْ |
وخلفهنَّ كانتِ الذئابْ |
توقفت عقاربُ الزمنْ |
على الجدارْ .. |
يصور الغريبُ صورةً .. |
وصورةً .. وصورةً .. |
يسير في شوارعِ البلدْ .. |
أصيحُ أوقفوهُ .. أوقفوهُ .. |
أوقفوهْ |
يصور الغريب ألف مرةٍ |
أصيح أوقفوهْ |
أطل من نوافذِ الشوارعِ التي تصارع |
الرصاصْ |
أطل من نوافذ الدماءِ |
يسقطُ المطرْ .. |
يبلل الجليلَ بالقبلْ |
وكان ذات مرةٍ على يدي |
تدفقُ البلاد كلها |
وكانَ ذات مرة على غدي .. |
نشيدها .. |
وأمحلتْ .. |
أطلُ من شوارعِ القطارْ |
أطلُ من نوافذِ الجدارْ |
غريبةٌ هي الشوارعُ التي تجيء مرةً |
وتسقط الشوارع التي تجيء مرةً .. |
ولا مطرْ .. |
ولا شجرْ .. |
تطل طائراتْ .. |
وتقصف الحجرْ .. |
تطل طائراتْ .. |
وتسقط البلادُ |
لا أحدْ .. |
سوى حجرْ .. |