ألم تسألْ بعارمة َ الدّيارا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
ألم تسألْ بعارمة َ الدّيارا | عنِ الحيِّ المفارقِ أينَ سارا |
بجانبِ رامة ٍ فوقفتُ يوماً | أُسَائِلُ رَبْعَهُنَّ فَمَا أحَارَا |
منازلُ حولها بلدٌ رقاقٌ | تَجُرُّ الرَّامِسَاتُ بِهَا الْغُبَارَا |
أقَمْنَ بِهَا رَهِينَة َ كُلِّ نَحْسٍ | فَمَا يَعْدَمْنَ رِيحاً أوْ قِطارَا |
ورجّافاً تحنُّ المزنُ فيهِ | تَرَجَّزَ مِنْ تِهَامَة َ فَاسْتَطَارَا |
فَمَرَّ عَلَى مَنَازِلِهَا فَأَلْقَى | بها الأثقالَ وانتحرَ انتحارا |
إذا ما قلتُ جاوزها لأرضٍ | تَذَاءَبَتِ الرِّيَاحُ لَهُ فَحَارَا |
وأبقى السّيلُ والأرواحُ منها | ثلاثاً في منازلها ظؤارا |
أُنِخْنَ وَهُنَّ أغْفَالٌ عَلَيْهَا | فَقَدْ تَرَكَ الصِّلاَءُ بِهِنَّ نَارَا |
وَذَاتِ أثَارَة ٍ أكَلَتْ عَلَيْهَا | نباتاً في أكمّتهِ قفارا |
جماديّاً تحنُّ المزنُ فيهِ | كما فجّرتَ في الحرثِ الدّبارا |
رَعَتْهُ أشْهُراً وَخَلاَ عَلَيْهَا | فطارَ النّيُّ فيها واستغارا |
طلبتُ على محالِ الصّلبِ منها | غَرِيبَ الْهَمِّ قَدْ مَنَعَ الْقَرَارَا |
فأبتُ بنفسها والآلِ منها | وقدْ أطمعتُ ذروتها السّفارا |
وأخْضَرَ آجِنٍ فِي ظِلِّ لَيْلٍ | سَقَيْتُ بِجَمِّهِ رَسَلاً حِرَارَا |
بِدَلْوٍ غَيْرِ مُكْرَبَة ٍ أصَابَتْ | حَمَاماً فِي مَسَاكِنِهِ فَطَارَا |
سقيناها غشاشاً واستقينا | نبادرُ منْ مخافتها النّهارا |
فأقبلها الحداة ُ بياضَ نقبٍ | وفجّاً قدْ رأينَ لهُ إطارا |
بحاجاتٍ تحضّرها عدوٌّ | فَمَا يَسْطِيعُهَا إلاَّ خِطَارَا |
ترجّي منْ سعيدِ بني لؤيٍّ | أخي الأعياصِ أنواءً غزارا |
تلقى ً نوؤهنَّ سرارَ شهرٍ | وخيرُ النّوءِ ما لقيَ السّرارا |
كريمٌ تعزبُ العلاّتُ عنهُ | إذا ما حانَ يوماً أنْ يزارا |
متى ما يجدِ نائلهُ علينا | فلا بخلاً تخافُ ولا اعتذارا |
هوَ الرّجلُ الّذي نسبتْ قريشٌ | فصارَ المجدُ منها حيثُ صارا |
وأنضاءٍ أنخنَ إلى سعيدٍ | طروقاً ثمَّ عجّلنَ ابتكارا |
على أكوارهنَّ بنو سبيلٍ | قَلِيلٌ نَوْمُهُمْ إلاّ غِرَارَا |
حَمِدْنَ مَزَارَهُ فَأَصَبْنَ مِنْهُ | عطاءً لمْ يكنْ عدة ً ضمارا |
فَصَبَّحْنَ الْمِقَرَّ وَهنَّ خُوصٌ | عَلى رُوحٍ يُقَلِّبْنَ الْمَحَارَا |
وَغَادَرْنَ الدَّجَاجَ يُثِيرُ طَوْراً | مَبَارِكَهَا وَيَسْتَوْفِي الْجِدَارَا |
كَأنَّ الْعِرْمِسَ الْوَجْنَاءَ مِنْهَا | عَجُولٌ خَرَّقَتْ عَنْهَا الصِّدَارَا |
تراها عنْ صبيحة ِ كلِّ خمسٍ | مُقَدَّمَة ً كَأَنَّ بِهَا نِفَارَا |
منَ العيسِ العتاقِ ترى عليها | يَبِيسَ الْمَاءِ قَدْ خَضَبَ النِّجَارَا |
إِذَا سَدِرَتْ مَدَامِعُهُنَّ يَوْماً | رأتْ إجلاً تعّضَ أوْ صوارا |
بغائرة ٍ نضا الخرطومُ عنها | وَسَدَّتْ مِنْ خَشَاشِ الرَّأْسِ غَارَا |
يَضَعْنَ سِخَالَهُنَّ بِكُلِّ فَجٍّ | خلاءٍ وهيَ لازمة ٌ حوارا |
كأحقبَ قارحٍ بذواتِ خيمٍ | رأى ذعراً برابية ٍ فغارا |
يقلّبُ سمحجاً قوداءَ كانتْ | حليلتهُ فشدَّ بها غيارا |
نَفَى بِأَذَاتِهِ الْحَوْليَّ عَنْهَا | فغادرها وإنْ كرهَ الغدارا |
وَقَرَّبَ جَانِبَ الْغَرْبِيِّ يَأْدُو | مدبَّ السّيلِ واجتنبَ الشّعارا |
أطَارَ نَسِيلَهُ الشَّتَوِيَّ عَنْهُ | تَتَبُّعُهُ الْمَذَانِبَ والْقَرَارَا |
فلمّا نشّتِ الغدرانُ عنهُ | وهاجَ البقلُ واقطرَّ اقطرارا |
غدا قلقاً تخلّى الجزءُ منهُ | فيمّمها شريعة َ أوْ سرارا |
يُغَنِّيهَا أَبَحُّ الصَّوْتِ جَأْبٌ | خميصُ البطنِ قدْ أجمَ الحسارا |
إذَا کحْتَجَبَتْ بَنَاتُ الأَرْضِ عَنْهُ | تَبَسَّرَ يَبْتَغِي فِيهَا الْبِسَارَا |
كَأنَّ الصُّلْبَ والْمَتْنَيْنِ مِنْهُ | وإيّاها إذا اجتهدا حضارا |
رِشَاءُ مَحَالَة ٍ فِي يَوْمِ وِرْدٍ | يمدُّ حطاطها المسدَ المغارا |
تَعَرَّضَ حِينَ قَلَّصَتِ الثُّرَيَّا | وقدْ عرفَ المعاطنَ والمنارا |
وهابَ جنانَ مسجورٍ تردّى | منَ الحلفاءِ واتّزرَ اتّزارا |
فصادفَ موردَ العاناتِ منهُ | بِأبْطَحَ يَحْتَفِرْنَ بِهِ الْغِمَارَا |
فَسَوَّى فِي الشَّرِيعَة ِ حَافِرَيْهِ | وَدَارَتْ إلْفُهُ مِنْ حَيْثُ دَارَا |
وَقَدْ صَفَّا خُدُودَهُمَا وَبَلاَّ | ببردِ الماءِ أجوافاً حراراً |
وفي بيتِ الصّفيحِ أبو عيالٍ | قليلُ الوفرِ يغتبقُ السّمارا |
يقلّبُ بالأناملِ مرهفاتٍ | كساهنَّ المناكبَ والظّهارا |
يبيتُ الحيّة ُ النّضناضُ منهُ | مَكَانَ الْحِبِّ يَسْتَمِعُ السِّرَارَا |
فيمّمَ حيثُ فالَ القلبُ منهُ | بِحَجْرِيٍّ تَرَى فِيهِ کضطِّمَارَا |
فصادفَ سهمهُ أحجارَ قفٍّ | كَسَرْنَ الْعَيْرَ مِنْهُ والْغِرَارَا |
فريعا روعة ً لوْ لمْ يكونا | ذَوَيْ أيْدٍ تَمَسُّ الأرْضَ طَارَا |
بلى ساءلتها فأبتْ جواباً | وَكَيْفَ تُسَائِلُ الدِّمَنَ الْقِفَارَا |
إذَا كَانَ الْجَرَاءُ عَفَتْ عَلَيْهِ | ويسبقها إذا هبطتْ خبارا |