لجيشِ الحيا في مأقظِ الروضِ معركٌ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لجيشِ الحيا في مأقظِ الروضِ معركٌ، | كأنّ لهُ ثأراً على الأرضِ يُدرَكُ |
إذا استَلّ فيهِ الرّعدُ أسيافَ برقِهِ، | فليسَ بهِ إلاّ دمُ الزقّ يسفكُ |
فيا حَبّذا فَصلُ الخَريفِ ومُزنُهُ، | وسترُ السحابِ الطلقِ بالبرقِ تحبكُ |
وللطلّ في الغدرانِ رقشٌ منمنمٌ، | كأنّ أديمَ الماءِ صرحٌ مشبكُ |
ولم أنسَ لي في ديرِ سهلانَ ليلة ً، | بها السحبُ تبكي والبوارقُ تضحكُ |
وثوبُ الثرى بالزعرفانِ معطرٌ، | وللرّيحِ ذَيلٌ بالرّياضِ مُمَسَّكُ |
وأقبلَ شماسٌ وقسٌّ وأسقفٌ، | ومِطرانُهم مع مَقربانٍ وبَطرَكُ |
يحفونَ بي حتى كأنّي لديهمُ | حَبيبٌ مُفَدّى ، أو مَليكٌ يُمَلَّكُ |
ويصغونَ لي علماً بأني لبحثهم | عُذَيقُ جَناهُ، والجُذيلُ المُحكَّكُ |
وأقبلَ كلٌّ منهمُ بمدامة ٍ، | بها كانَ في تقديسهِ يتنسكُ |
فذلكَ نحوي يحملُ الكأسَ جائياً، | وهذا بمسحِ الكفّ بي يتبركُ |
وطافوا بكأسٍ لا يوحدُ راحُها، | ولكن لها في الكأسِ ماءٌ يُشَرِّكُ |
مشعشعة ٌ يخفي الزجاجُ شعاعها، | فمن نُورِها سِترُ الدُّجُنّة ِ يُهتَكُ |
تَوَهّمَها السّاقُونَ نُوراً مُجَسَّماً، | فظلتْ بها بعدَ اليقينِ تشككُ |
إذا قَبّلوها يُنعِشُ الرّوحَ لُطفُها، | وإن تركوها، فهيَ للجسمِ تهتكُ |
وإن سامحوها في المزاجِ تمردتْ، | ومالتْ فكادتْ أنفسُ الصحبِ تهلكُ |
فتَكنا بسَيفِ الماءِ فيها، فَحاوَلَتْ | قصاصاً، فباتتْ وهيَ في العقلِ تفتكُ |
وهَبّ لَنا شادٍ كَريمٌ نِجادُهُ، | خُؤولتُهُ في الفَخرِ قَيسٌ وبَرمَكُ |
يُحَرّكُ أوتاراً تُناسِبُ حسَّها، | بها تَسكُنُ الأرواحُ حينَ تُحَرَّكُ |
إذا جسّ للعشاقِ نغمة ٍ | يُشارِكُها في البَمّ رَستٌ وسَلمَكُ |
ورتّلَ من شِعري نَسيباً مُنَقَّحاً، | يكادُ يُعيرُ الرّاحَ سُكراً ويُوشكُ |
إذا ما تَأمّلتُ البُيوتَ رأيتُها | نُضاراً بنارِ الألمَعيّة ِ يُسبَكُ |
ولمّا مَلَكتُ الكأسَ ثمّ حسَوتُها، | تقاضتْ فظلتْ، وهيَ للعقلِ تملكُ |
بخلتُ على الأغيارِ منها بقَطرَة ٍ، | وجُدتُ لساقيها بما كنتُ أملِكُ |
وناوَلتُهُ كأساً، إذا ما تَمَسّكَتْ | يداهُ بها ظلتْ بها تتمسكُ |
فظلّ إلى اللذاتِ يهدي نفوسنا، | على أنه لا يهتدي أين يسلكُ |
فلا تنسَ في الدنيا نصيبكَ، وابتدرْ | إلى الراحِ، إنّ الراحَ للروحِ تمسكُ |
وثقْ أن ربّ العرشِ، جلّ جلاله، | غفورٌ، رحيمٌ، للسرائرِ مدركُ |
وما كانَ من ذَنبٍ لدَيهِ، فإنّهُ | سيَغفِرُهُ إلاَّ بهِ حينَ نُشرِكُ |