ادِرها بلُطفٍ، واجعلِ الرّفقَ مَذهَبَا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ادِرها بلُطفٍ، واجعلِ الرّفقَ مَذهَبَا، | وحَيّ بهِ كأساً من الرّاحِ مُذهَبَا |
ولا تَطغَ في حَثّ الكؤوسِ لأنّنا | شربنا لنحيا، ما حيينا لنشربَا |
فإنّ قَليلَ الرّاحِ للرّوحِ راحَة ٌ، | فإن زادَ مقداراً عن العدلِ أتعبَا |
فلا تَكُ مَن أعطَى المُدامَ قِيادَهُ، | فأودَتْ به واستَوطأ الجَهلَ مَركَبَا |
فإن كثيراً من يظنّ كثيرَها، | إذا زادَ زادَ النّفعُ أو كانَ أقرَبَا |
كظنهمِ في كثرة ِ الأكلِ أنّها | إذا أفرَطتْ أمسَى بها الجسمُ مُخصِبَا |
أضلوا الورى من جهلهم وتنزهوا | عن الجهلِ حتى صارَ جهلاً مركبَا |
وأعجبُ أنّ السكرَ في كلّ ملة ٍ | حرامٌ، وإنْ أمسَى إليها محببَا |
وتُكثِرُ منها المُسلمونَ لسُكرِها، | وتتركُ نفعاً للقليلِ محرَّمَا |
وإنْ نَظَرُوا يوماً لَبيباً مُداوِياً | بها الهَمَّ، قالوا: باخلاً مَتَطَبّبا |
وما السّكرُ إلاَّ حاكمٌ مُتَسَلِّطٌ، | إذا هو قاوَى أغلباً كانَ أغلبَا |
فإنْ شئتَ يوماً شُربَها، فاتّخِذْ لها | حَكيماً لَبيباً، أو نَديماً مُهَذَّبَا |
وخلٍّ دعاني للصبوحِ أجبتُه، | وقلتُ له: أهلاً وسهلاً ومرحبَا |
وأقطَعتُهُ كِفلاً من الأمنِ بَعدَما | بسطتُ له صدراً من الدهرِ أرحبَا |
وأبرزتها صفراءَ تحسبُ كأسها | غِشاءً من البَلّورِ يَحمِلُ كَهرَبَا |
وعاطَيتُهُ صَفراءَ يُشرِقُ وجهُها | بنورٍ يُرينا أدهَمَ اللّيلِ أشهَبَا |
طليقة ُ وجهٍ ثغرُها متبسمٌ، | إذا ما حَساها باسمُ الثّغرِ قَطّبَا |
وبتنا نوفي العيشَ باللهوِ حقهُ، | ونَسرَحُ في رَوضٍ من الأنسِ أعشَبَا |
وإنّي لأهوى من ندامايَ ماجداً، | إذا خامرتهُ الراحُ زادَ تأدبَا |
إذا ما أمرتْ مرة ٌ في مذاقِها، | رآها لقربي من جنى النحلِ أعذبَا |
فأوجَبَ مع مِثلي على النّفسِ شُربَها، | فإنْ لم يكن مثلاً أرى التركَ أوجبَا |