أذكروا، لمّا أروها النديمَا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أذكروا، لمّا أروها النديمَا، | من عُهودِ المِعصارِ عَهداً قَديمَا |
فأتتْ تطلبُ القصاص، ولكن | تَجعَلُ العَقلَ في التّقاضي غَريمَا |
قَهوَة ٌ أفنَتِ الزّمانَ، فأفنَى | الرَّطبَ من جِرمها وأبقى الصّميمَا |
فَغَدَتْ تُثقِلُ اللّسانَ لسرّ الـ | ـسّكرِ منها وتَستَخفّ الحُلومَا |
لو حَسا من سُلافِها الأكمَهُ الأخـ | ـرَسُ كأساً لاستَخرَجَ التّقويمَا |
وعلى الضدّ لو حساها فصيحُ | أحدثتْ في حديثهِ الترخيمَا |
أنبأتنا الأنباءَ عن سالِفِ الدّهـ | ـرِ وعدتْ لنا القرونَ القرومَا |
وحكَتْ كيفَ أصبحت فتية ُ الكَهـ | ـفِ رقوداً، خلواً، وكيفَ الرقيمَا |
وبماذا تجنبتْ نارُ نمرُو | دٍ خليلَ الإلهِ إبراهيمَا |
وغداة َ امتحانِ يونُسَ بالنّو | نِ، وقد كانَ في الفِعالِ مَليمَا |
وتشَكّى يَعقوبُ إذ ذهبَتْ عَينا | هُ من حُزنِهِ، وكانَ كَظيمَا |
والتناجي بالطورِ، إذْ كلمَ الرّحـ | ـمنُ موسى نبيهُ تكليمَا |
ودُعاءَ المَسيحِ، إذ نُعِشَ المَيْـ | ـتُ من رمسهِ، وكانَ رميما |
فشَهِدنا لها بفَضلٍ قَديمٍ، | واستَفَدنا منها النّعيمَ المُقيمَا |
وفَضَضنا خِتامَها، عن أناها، | فرأينا مزاجها تسنيمَا |
وظللنا نحيي بها جوهرَ النفـ | ـسِ، ونسقَى رحيقها المختومَا |
في جِنانٍ من الحَدائقِ لا نَسْـ | ـمعُ فيها لغواً ولا تأثيما |
بينَ صَحبٍ مثلِ الكَواكِبِ لا تَنْـ | ـظُرُ ما بَينَهم عُتُلاًّ زَنيمَا |
وجَعَلنا السّاقي خَليلاً جَليلاً، | يُحسِنُ المَزجَ، أو غَزالاً رَخيمَا |
فرأينا في راحة ِ البدرِ شمساً، | اطلعتْ في سما الكؤوسِ نجومَا |
وقذفنا بشهبها ماردَ الهـ | ـمّ، فكانَتْ للمارِدينَ رُجُومَا |
ولَدَتْ لُؤلؤ الحَبابِ، وكانتْ | قبلَ وَقعِ المِزاجِ بِكراً عَقِيمَا |
أخصَبَتْ عند شُربِها ساحَة ُ العَيـ | ـشِ وأمسَى إحوَى أحوَى الهمومِ هَشيمَا |
فابتَدِرْها مُدامَة ً تَجلُبُ الرَّو | حَ إلى الرُّوحِ حينَ تَنفي الهُمومَا |
واختصِرْ إنّ قُلّها يُنعشُ الرُّو | ح وإفراطها يضرّ الجسُومَا |
فارتكِبْ أجمَلَ الذّنوبِ لنَفعٍ، | واعتقدْ في ارتكابهِ كالتحريمَا |
ثمّ تُبْ، واسألِ الإلَهَ تَجِدْهُ، | لذُنُوبِ الوَرى غَفوراً رَحِيمَا |