معيار قبول أعمال الخير
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
معيار قبول أعمال الخيرما معيار قبول الأعمال التي يقصد بها الإنسان عمل الخير؟
هل معيارها مطلق في الدنيا أم محدد بشروط واجبة التوافر؟
للإجابة على ذلك، سنعود لمنهج الله الذي شمل كل أمور الحياة، وفيه الإجابات الوافية على ما تحار فيه العقول، وسوف نوضح ذلك من خلال شواهد من كتاب الله عز وجل عبر سطور هذا المقال.
مَن يُطالع أمور الدنيا من حوله، ويتدبَّر أحوال الناس وأفعالهم على شتى عقائدهم، يجد أن كثيرًا من غير المؤمنين بالله قدَّموا مخترعات نافعة للبشرية بمنطق الظهور أمام العالم بأنهم أصحاب قدرة وعقل، فهم لم يفعلوا ذلك إيمانًا بالله؛ لأنهم لم يؤمنوا به أصلًا، ويعتبرون أن الفضل فيما توصلوا إليه كان لعقولهم وفكرهم؛ لهذا تجد أنهم حصلوا على جزائهم بمنطق البشر في الدنيا، فكان جزاؤهم من البشر أمثالهم وهم الذين أظهروا لهم الأفعال؛ لينالوا المدح والثناء منهم؛ فشرط قبول أعمالهم من الله مفقود وهو الإيمان بالله تبارك وتعالى، الذي أوضحه القرآن في آياته الكريمات، ومن ثَمَّ فليس لهم جزاء من الله في الآخرة؛ لأنهم حصلوا على تقدير أعمالهم بالدنيا الزائلة.
إن الله تعالى ذكر في كتابه الكريم أن من عمِل صالحًا وهو مؤمن سواء كان رجل أو امرأة - فإن الله سيُحييه حياة طيبة، وسيكون جزاء أعمال خيرهم من الله الضعف من الخير؛ لقوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].
هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا - وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه - من ذكر أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة، والحياة الطيبة تشمل وجوه الراحة من أي جهة كانت بالحياة.
كما نرى في القرآن الكريم أن قبول العمل يكون بالإيمان، فمن يعمل الأعمال الصالحات وهو مؤمن وقلبه مطمئن بالإيمان، فلا يخاف أن يُظلم فلا يُجزى بعمله، ولا يخاف أن ينتقص من حقه فلا يوفى عمله؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ﴾ [طه: 112].
وهنا يقبل الله من العمل ما كان فيه إيمانًا، فهذا هو معيار القبول عند الله تعالى؛ ولهذا من يقوم بالأعمال ولا يبتغي بها وجه الله ورضاه، ولكن قصد بها الرياء والتفاخر أمام الناس وليس نيل رضا الله - فلا جزاء لهم عند الله؛ لأن أعمالهم ظاهرية ظاهرها الخير وباطنها نفع ذاتهم وتفاخرهم بأنفسهم؛ ليظهروا بين الناس أنهم هم الأفضل، فلا تقبل أعمالهم عند الله ولو انتفع بها الناس؛ لانتفاء شرط قبول العمل وهو الإيمان، حتى المسلم الذي يقوم بأعمال الخير تفاخرًا ورياء بين الناس، ولا يبتغي منها الجزاء من الله، ولا يكون قصده وجهَ الله ومرضاته - فلن ينال من الله الخير، ولن يجازى على عمله في الآخرة، لأنه نال في الدنيا جزاء عمله من الناس مدحًا وثناء وشكرًا وتقديرًا، وهذا زائل لا بقاء فيه؛ لأن خير الله وجزاءه هو الأبقى، فكان ثوابهم في الدنيا من خبث نفوسهم وما تضمره نوايهم.
وهنا نجد الإجابة وافية على التساؤلات المطروحة في صدر هذا المقال وهي:
ما معيار قَبول الأعمال التي يقصد بها الإنسان عمل الخير؟
هل معيارها مطلق في الدنيا أم محدد بشروط واجبة التوافر؟
فالمعيار هو الإيمان بالله؛ أي: يجب أن تكون مؤمنًا بالله لا كافرًا ولا جاحدًا لوجود الله، وإن كنت مؤمنًا بوجود الله لا بد أن يكون عملك ابتغاء مرضاة الله، وأن تقصد به وجه الله تعالى لا وجه الناس، وبهذا نجد أن معيار قبول الأعمال ليس مطلقًا، بل محدد بشروط وهي: الإيمان، وابتغاء وجه الله في أعمالكم.
نسأل الله لنا ولكم أن يستعملنا في رضاه، ويرزقنا العمل الخالص لوجه الكريم.