تشاركَ الشمُّ والذوقُ واللمسُ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
تشاركَ الشمُّ والذوقُ واللمسُ، | ومَرّ على الأسماعِ من صَبّها جَرسُ |
ولاحَ للحظِ الصحبِ ساطعُ نورِها، | فقد أُشرِكتْ فيها حَواسهمُ الخَمسُ |
رَبيبَة ُ دَيرٍ لَيسَ تُرفَعُ حُجبُها، | إذا سامَها الشماسُ عوذها القسّ |
دعَوتُ لها خِلاًّ من الدّيرِ صالحاً، | رقيقَ الحواشي لا بطيءٌ ولا نكسُ |
فجاءَ برَيحانيّة ٍ كَهرَبيّة ٍ، | تُخالُ على كَفّ النّديمِ بها وَرسُ |
براحٍ، إذا حقّقتَ طَردَ حروفِها، | غدا طَبعُها في الكيفِ، وهوَ لها عكسُ |
تفوقُ جميعَ المسكراتِ بأصلِها، | فقد طابَ منها الفصلُ والنوعُ والجنسُ |
تُوَلِّدُ ما بينَ القُلوبِ مَوَدّة ٌ، | وتحدثُ أنساً ليسَ في محضه وكسُ |
ا قاتِلٌ حَيّا بها ابنَ قَتيلِهِ، | تولّدَ منها بينَ قلبيهِما الأنسُ |
إذا ما درى إبليسُ ما في طِباعِها، | من السرّ، قال الجنّ: نفديك يا إنسُ |
لو علمتْ أهلُ المدارسِ قدرِها، | جَلَتْ كأسَها في موضع يُذكرُ الدّرسُ |
ولو رشفَ الرعديدُ فاضلَ كأسِها، | على ضعفهِ، ظنتهُ عنترها عبسُ |
ولمّا قتلناها بسيفِ مزاجِها، | فبردَ منها الحرُّ، واعتدلَ اليبسُ |
أقامَتْ لها الأطيارُ في الدَّوحِ مأتَماً، | بهِ للنّدامَى من سرورِهِمِ عُرسُ |
وقامَتْ لها الحرباءُ من كلّ مرقَبٍ | تُطالعُها، لا تَهزَئي إنّها الشّمسُ |
وباتَ يُعاطينا سُلافاً كأنّها | هيَ النارُ لكن يستطاعُ لها لمسُ |
بكأسٍ لها أشخاصُ كسرى وقَيصرٍ، | وقد أحدقتْ من حولها الرومُ والفرسُ |
فلو لبثتْ في كأسها عمرَ ساعة ٍ، | إذاً نَطَقتْ من سرّها الصّوَرُ الخُرسُ |
ولمّا استحالتْ نشوة ُ الكأسِ سكرة ً | إذا ماتَ منها العقلُ تنتعشُ النفسُ |
وهَبتُ لها كَهلاً من العَقلِ وافراً، | فكان لديها النّصفُ والثّلثُ والسّدسُ |
يقولونَ لي جهلاً: متى تتركُ الطلا، | فقلتُ: إذا ما عادَ من فَوتِهِ أمسُ |
وكيفَ اطراحي للمدامِ، وفضلُها | جليٌّ، على الأبصارِ ليسَ به لبسُ |
فَما سادِرٌ في السّكرِ إلاَّ كَحاتِمٍ، | وما باقِلٌ إلاَّ إذا ذاقَها قَسّ |