خفصْ همومك، فالحياة ُ غرورُ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
خفصْ همومك، فالحياة ُ غرورُ، | ورَحَى المَنونِ، على الأنامِ تدورُ |
والمرءُ في دارِ الفناءِ مكلفٌ، | لا قادرٌ فيها ولا معذورُ |
والنّاسُ في الدّنيا كظِلٍّ زائِلٍ، | كلٌّ إلى حُكمِ الفَناءِ يَصيرُ |
فالنّاسُ والملكُ المتَوَّجُ واحدٌ، | لا آمرٌ يبقى ، ولا مأمورُ |
عجباً لمن تركَ التذكرَ، وانثنى | في الأمنِ، وهوَ بعَينِهِ مَغْرُورُ |
في فقدنا الملكَ المؤيدَ شاهدٌ | ألاّ يَدومَ معَ الزّمانِ سرُورُ |
ملكٌ تيتمتِ الملوكُ برأيهِ، | فكأنّهُ لصَلاحهمْ إكسيرُ |
من آلِ أيوبِ الذينَ سماحُهم | بحرٌ بأمواجِ النّدى مسجورُ |
أضحتْ مدائحُه الحسانُ مراثياً، | للّناسِ منها رَنّة ٌ وزَفيرُ |
وبكتْ لهُ أهلُ الثغورِ، وطالما | ضحكتْ لدستِ الملكِ منه ثغورُ |
أمسَى عِمادُ الدّينِ بعدَ علومهِ | ولطِبّهِ عَمّا عَراهُ قُصورُ |
وإذا القَضاءُ جَرى بأمرٍ نافِذٍ، | غلطَ الطبيبُ، وأخطأ التدبيرُ |
ولو أنّ إسماعيلَ مثلُ سميّه | يُفدى ، فدَتْهُ تَرائبٌ ونُحورُ |
إن لمتُ صرفَ الدهرِ فيه أجابني: | أبتِ النُّهَى أن يُعتَبَ المَقدورُ |
أو قلتُ: أين تُرى المؤيدُ؟ قال لي: | أينَ المظفرُ قبلُ والمنصورُ؟ |
أم أينَ كِسرَى أزدشيرُ وقيصرٌ | والهرمُزان، وقبلهم سابورُ؟ |
أينَ ابنُ داودٍ سلمانُ الذي | كانتْ بجحفلهِ الجبالُ تمورُ |
والرّيحُ تَجري حَيثُ شاءَ بأمرِهِ، | منقادة ً، وبهِ البساطُ يسيرُ |
فتكَتْ بهم أيدي المَنونِ، ولم تَزَلْ | خَيلُ المَنونِ على الأنامِ تُغيرُ |
لو كانَ يخلدُ بالفضائلِ ماجدٌ، | ما ضمتِ الرسلَ الكرامَ قبورُ |
كلٌّ يَصيرُ إلى البِلى ، فأجَبتُه: | إنّي لأعلمُ، واللبيبُ خبيرُ |