حبلُ المنى بحبالِ اليأسِ معقودُ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حبلُ المنى بحبالِ اليأسِ معقودُ، | والأمنُ من حادِثِ الأيّامِ مَفقودُ |
والمرءُ ما بينَ أشراكِ الرّدى غَرَضٌ | صَميمُهُ بسِهامِ الحَتفِ مَقصُودُ |
لا تَعجبنّ، فما في الموتِ من عَجبٍ، | إذ ذاكَ حدٌّ به الإنسانُ مَحدودُ |
فالمستفادُ من الأيامِ مرتجعٌ، | والمستعارُ من الأعمارِ مردودُ |
وللمَنيّة ِ أظفارٌ، إذا ظَفِرَتْ، | رأيتَ كلّ عَميدٍ وهوَ مَعمُودُ |
لم يَنجُ بالبأسِ منها، مع شَراسَتِهِ، | ليثُ العَرينِ، ولا بالحيلة ِ السيِّدُ |
قد ضلّ من ظنّ بعضَ الكائناتِ لها | مَكثٌ، وللعالَمِ العُلويّ تَخليدُ |
ألَم يقولوا بأنّ الشّهبَ خالِدَة ٌ | طبعاً، فأينَ شهابُ الدينِ محمودُ |
مَن كانَ في علمِهِ بَينَ الوَرى علَماً | يُهدى بهِ إن زَوَتْ أعلامَها البِيدُ |
ومن روتْ فضلهُ حسادُ رتبته، | وعَنعَنَتْ عن أياديهِ الأسانيدُ |
فضلٌ بهِ أوجهُ الأيامِ مشرقة ٌ، | كأنّهُ لحُدودِ الدّهرِ تَوريدُ |
مهذبُ اللفظِ لا في القولِ لجلجة ٌ | منهُ، ولا عندَهُ في الرّأيِ تَرديدُ |
لا يهدمُ المنُّ منهُ عمرَ مكرمة ٍ، | ولايعمدُ بالمطلِ المواعيدُ |
إن كان يُقصَدُ مَقصودٌ لبَذلِ ندًى | فإنّهُ للنّدى والفَضلِ مَقصودُ |
لهُ اليراعُ الذي راغَ الخطوبَ بهِ | في حلبة الطرسِ تصويبٌ وتصعيدُ |
أصمُّ أخرسُ مشقوقُ اللسانِ، إذا | طارحتهث سمعتْ منهُ الأغاريدُ |
إن شاءَ تَسويدَ مُبيضِّ الطّروسِ فمن | إنشائِهِ لبَياضِ النّاسِ تَسويدُ |
لو خَطّ سَطراً ترى عكسَ القياسِ به: | الشمسُ طالعة ٌ، والليلُ الأناشيدُ |
رشيقة ُ السبكِ لا المعنى بمبتذلٍ | منها ولا لفظُها بالعسفِ مكدودُ |
يا صاحبَ الرّتبَة ِ المَعذورِ حاسِدُها؛ | إنّ السّعيدَ على النّعماءِ مَحسودُ |
ما شامَ بعدكَ أهلُ الشامِ بارقة ً | للفَضلِ حينَ ذَوَى من ربّهِ العُودُ |
إليكَ قد كانَ يعزى العلمُ منتسباً، | واليومَ فيكَ يعزّى العلمُ والجودُ |
كماخطبة ٍ لك راعَ الخطبَ موقعُها، | وكم تقلد منهُ، الدهرَ، تقليدُ |
ولَفظَة ٍ لا يَسُدّ الغَيرُ مَوضِعَها، | غَرّاءَ تُحسَبُ ماءً، وهيَ جُلمودُ |
وجَحفَلٍ لجِدالِ البَحثِ مُجتَمعٍ، | كأنّهُ لجِلادِ الحَربِ مَحشُودُ |
قد جَرّدَ الشّوسُ فيه قُضبَ ألسنَة ٍ، | في مَعرَكٍ يومُهُ المَشهورُ مَشهُودُ |
بصارِمٍ لا يردّ الدّرعُ ضَربتَهُ، | ولو سنى نسجهُ المردودَ داودُ |
حتى إذا نكصَ القومُ الكميُّ به، | وأعوَزتْ عندَ دَعواهُ الأسانيدُ |
ألقوا مقاليدهم فيهِ إلى بطلٍ | شهمٍ، إلى مثلهِ تلقَى المقاليدُ |
يا مُفقدي مع وُجودي فيضَ أنعُمِهِ | همّي وموجودُ وجدي وهوَ مَفقودُ |
وجاعِلَ الفَضلِ فيما بينَنا نسبَاً، | إذ كانَ في نَسَبِ الآباءِ تَبعيدُ |
قد كانَ يجدي التناسي عنك دفعُ أسًى ، | لو أنّ مثلكَ في المصرينِ موجودُ |
قد أخلَقتْ ثوبَ صبري فيكَ حادثة ٌ | أضحَى بها لثيابِ الحُزن تَجديدُ |
برغمِ أنفيَ أن يدعوكَ ذو أملٍ، | فلا يسحّ عهادٌ منكَ معهودُ |
وأن يُرى ربعُكَ العافي، وليسَ به | مرعًى خصيبٌ، وظلٌّ منك ممدودُ |
أبكي، إذا ما خلا أوصافُ مجدِكَ لي، | فكري وأطلبُ صبري، وهو مطرودُ |
وألتَجي بالتّسَلي أن ستُخلِفُها | أبناؤكَ الغرُّ أو أبناؤكَ الصيدُ |
فسوفَ ترثيكَ منّي كلّ قافية ٍ، | بها لذِكرِكَ بينَ النّاسِ تَخليدُ |
وأُسمِعُ النّاسَ أوصافاً عُرِفتَ بها، | حتى كأنّكَ في الأحياءِ معدودُ |
فلا عدا الغيث ترباً أنتَ ساكنهُ، | مع عِلمِنا أنّ فيهِ الغَيثَ مَلحودُ |
ودامَ، والظّلّ مَمدودٌ بساحَتِهِ، | والسّدرُ والطّلعُ مَحصورٌ ومَنضودُ |