لا راجَعَ الطّرفُ باللّقا وسَنَهْ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
لا راجَعَ الطّرفُ باللّقا وسَنَهْ، | إن ذاقَ غُمضاً من بعدِكم وسِنَهْ |
طالَ على الصّبّ عُمرُ جَفَوتكُم، | فكلُّ يومٍ مِن الفِراقِ سَنَهْ |
صبٌّ أجباَ الغرامَ، حينَ دَعا | طَوعاً، وألقَى إلى الهَوى رَسَنهْ |
لم يقضِ من وصلكُم لبانتَهُ، | وإنْ قضَى في هواكمُ زمنَهْ |
ما عرفَ الشّركَ في هواه، ولا | خالفَ دينَ الهَوى ولا سننَهْ |
ولو غَدا، وهو عابدٌ وثَناً، | لمَا غدا غيرُ شخصكم وثنهْ |
ما لامَهُ لائمٌ ليحزِنُه، | إلاّ وسلّى بذكركم حزنهُ |
لولاكُمُ لم تبتْ جونحُهُ | حرّى ، ولا أنحَلَ الضّنى بدَنهْ |
كم ضمنَ الدّمعَ ريَّ غلتِهِ، | فَما وفَى بعدَكم بما ضَمِنَهْ |
لا تُودِعوا سِرّكم نَواظَره، | فهيَ على السرّ غيرَ مؤتمنهْ |
نَواظِرٌ بالدّموعِ وافيَة ٌ، | وهيَ لإظهارِ سرّكمْ خَوَنَهْ |
ورُبّ لَفظٍ فَصّلتُ مُجمَلَهُ، | والليلُ قد فصّلَ الضّحى كفنهْ |
ساءتْ ظنُونُ الحسّادِ فيّ بهِ، | لمّا غَدا الجفنُ جافياً وسَنَهْ |
لم يبسطوا العذرَ لي، ولا علموا | أنّ يَدي بالصنّيعِ مُرتَهَنَهْ |
ولو بمدحِ المؤيدِ اعتبروا | لبدلتْ سيئاتهمْ حسنهْ |
الملكُ الجامعُ الفَضائلِ والبا | ذِلُ في الصّالحاتِ ما خَزَنَهْ |
يَمتَنُّ للقابلي عَطاهُ، ولا | يُقَلّدُ الوَفدَ في النّدَى مِنَنَهْ |
ملكٌ لو أنّ البِحارَ تُشبِهُهُ، | لأصبحَ البحرُ باذلاً سفنهْ |
ولو أتَى الأصمَعيُّ يُنشِدُهُ | شِعراً لأصبَحَ من خوفٍ به لحَنَهْ |
ولو رعَى ألكنٌ عبارتَهُ، | أزالَ من سحرِ لفظهِ لكنَهْ |
مهذَّبُ اللفظِ في الفصاحة ِ لا | كَسائِلِ المازِنيّ مَن خَتَنَهْ |
من آلِ أيوبَ الذينَ لهمْ | حَماسَة ٌ بالسّماحِ مُقترِنَهْ |
ذوي بيوتٍ في المجدِ سالمة ٍ، | كلُّ أفاعيلِهِنّ مُتّزِنَهْ |
هم اشتروا الملكَ غالباً خطراً، | وصيروا أنفسَ العدَى ثمنهْ |
طوراً سلاحَ الملكِ العقيمَ ترَى | تلكَ المساعي، وتارة ً جننهْ |
يا مالِكاً دانَتِ المُلوكُ لَهُ، | واتبعتْ في اعتمادِها سننهْ |
ومَنْ سَنا بِشره، ونائِلُهُ | رفّهَ سعي الحجابِ والخزنهْ |
والصادقَ الوعدِ في الكتابِ ومن | فَداهُ ذو العَرشِ بعدما امتحَنَهْ |
أوسعتَ للعبدِ من هباتِكَ ما | أضاقَ عن حَملِ بَعضِهِ عَطَنَهْ |
أتعبتَ بالشكرِ جهدَ مهجتهِ، | كأنّها بالنّعيمِ مُمتَحَنَهْ |
آنَسَهُ فَضلُكُمْ، فَما طَلَبتْ | مسكنهُ نفسهُ، ولا سكنهْ |
أسلاهُ عن ألهِ صنيعكمُ | بهِ، وأنساهُ ظلُّكُم وطنَهْ |
يعلنُ بالمدحِ والثناءِ، وقد | أشبَهَ في الوُدّ سرُّهُ علَنّهْ |
ما ساءهُ غيرُ فوتِ مدتهِ، | وما قضَى تحتَ ظِلّكُمْ زَمَنَهْ |
فلا أرتنا الأيامُ فيكَ ردًى ، | ولا أماطتْ عن حاسدٍ حزنهْ |
وعَمّرَ اللَّهُ حاسديكَ لكَيْ | تَعيشَ في الذّلّ عيشَة ً خَشِنَهْ |