لمّا شدتِ الورقُ على الأغصانِ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
لمّا شدتِ الورقُ على الأغصانِ | بَينَ الورَقِ |
ماسَتْ طرَباً بها غصونُ البانِ | كالمغتَبِقِ |
الطّيرُ شدَا | ومَنظَرُ الزّهرِ بَدَا |
والقَطْرُ غَدا | يوليهِ جوداً ونَدى |
والجَونُ حَدَا | ومدّ في الجوّ رِدَا |
والنّرجِسُ جَفنْ طَرفِه | الوسنانِ لم ينطبقِ |
بَلْ باتَ إلى شَقائقِ | النّعمانِ ساهي الحدَقِ |
يا لَيلَة ً بِتنا، وبِها | العِزُّ مُقيمْ |
ما بَينَ حِياضٍ | ورِياضٍ ونَسيمْ |
ما أمهَلَنا الصبحُ | لنحظَى بنعيمْ |
لَكِنْ تَجلّتْ على الظّلامِ الواني | شمسُ الأفقِ |
حتى خَضَبَتْ مِنَ النّجيعِ القاني | سَيفَ الشّفَقِ |
لمّا شَهَرَ الرّبيعُ | في الأرضِ نِصال |
بالخِصبِ شطَا | في معرَكِ المحلِ وَصال |
والزّهرُ ذَكا | وأكسبَ الرّيحَ خصال |
والغَيثُ هَمى بوَبلِهِ الهتّانِ | بينَ الطرُقِ |
من مُحتَبِسٍ في سَرحة ِ الغُدرانِ | أو منطلِقِ |
أهدَتْ ليَ أنفاسُ | نَسيمِ السّحَرِ |
ما أودَعها طِيبُ أريجٍ | الزّهَرِ |
لم أدرِ، وقد جاءَتْ بنَشرٍ | عَطِرِ |
بالزّهرِ غدَتْ مسكِيّة َ الأردانِ | للمنتشِقِ |
أم أكسَبَها نشرُ ثَنا الّسلطانِ | طيبَ العبقِ |
مَلِك كَفَلَتْ أكنافُهُ | كلّ غَريب |
كَم أبعَدَ بالنّوالِ | مَنْ كانَ قَريب |
يَنأى خَجَلاً كَأنّهُ | مِنهُ مُريب |
عن حضرَتهِ الحياءُ قد أقصاني | لا عَنْ مَلَقِ |
بل أبعَدَ عن مَواقعِ الطّوفانِ | خوفَ الغَرقِ |
لَولا عَزَماتُ المَلِكِ | الصّالحِ ما |
شاهَدتُ حِمَى الشّهباءِ | قَد صارَ حِمَى |
إن صالَحَ ما يَعصي، | وإن صالَ حمَى |
إن شاهدَ بأسَهُ ذوو التّيجانِ | تحتَ الحَلَقِ |
من هيبَتِهِ خرّوا إلى الأذقانِ | مثلَ العُنَقِ |
قدْ أوجدَني نداهُ | بعدَ العَدَم |
إذْ صانَ عَنِ الأنامِ | وَجهي ودَمي |
لم أصفُقْ كَفّي عندَهُ | منْ نَدَمِ |
لو شِئتُ لهامة ِ السُّهَى أوطاني | عندَ الغَرقِ |
لولاهُ لَما سَلَوتُ عَن أوطاني | بَعدَ القَلَقِ |
يا ابنَ المَلِكِ المَنصورِ | يا خيرَ خَلَفِ |
يا مَن هوَ أُنموذجُ مَن | كانَ سَلَفِ |
كم أتلَفَ كَنزَ المالِ مِن | غَيرِ تَلَفِ |
إذْ فرّقَ ما حوَى مدى الأزمانِ | بَينَ الفرقِ |
فالمالُ فَني، وكلُّ شيءٍ فإنِ | والذّكْرُ بَقي |
إسعَدْ بدَوامِ المُلكِ | لا زِلتَ سَعيد |
إذْ أنتَ أجَلُّ مِن أنْ | أَُنّيكَ بِعِيدِ |
هُنّيتَ، ولا بَرِحتَ | تُبدي وتُعيدِ |
تُبدي لذَوي الرّجاءِ والإخوانِ | حُسنَ الخُلُقِ |
إذ فيكَ كمالُ الحُسنِ والإحسانِ | لم يَفتَرِقِد |