في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
في مثلِ حضرتكم لا يزأرُ الأسدُ، | فكَيفَ يَسجَعُ فيها الطّائرُ الغَرِدُ |
لذاكَ أُحجِمُ عن قدحي، فيَبعثُني | صِدقُ الوَلاءِ، وإنّي فيكَ مُعتَقِدُ |
وكيفَ أُفصِحُ أشعاري لدى مَلِكٍ، | يغدو له التبرُ زيفاً حينَ ينتقدُ |
يَقظانُ يَقرأُ من عُنوانِ فِكرَتِه، | في يومهِ، ما طواهُ في الضميرِ غدُ |
بحرٌ، ولكنّهُ بالدُّرّ مُنفَرِدٌ، | والبَحرُ يُجمعُ فيهِ الدُّرُّ والرَّبَدُ |
من معشرٍ إن دعوا جادوا لآملِهمْ | قبل السّؤالِ، وأعطَوا فوقَ ما وَجدُوا |
تُضاعِفُ الرَّفدَ للوُفّادِ راحتُهُ، | فكلمّا وفدوا من جودهِ رفدُوا |
عادوا وفي كلّ عُضوٍ بالثّناءِ فَمٌ، | وقد أتوُ، وكلٌّ بالسؤالِ يدُ |
ولو رأوا ما أرى من فَرطِ لَذّتِهِ | بالجُودِ ما شكَروا يَوماً ولا حَمِدُوا |
يا أيّها الملكُ المنصورُ طائرهُ، | ومَنْ بآرائِهِ الأملاكُ تَعتَضِدُ |
ومن يسابقُ بالإنعامِ، مبتدئاً، | نطقَ العفاة ِ، ويعطي قبلَ ما يعدُ |
أنتَ الفريدُ الذي حازتْ خلائقُهُ | ما لا يحيطُ بهِ الإحصاءُ والعددُ |
وواحدُ العَصرِ، حتى لو حلَفتُ به | يوماً، لما شَكّ خَلقٌ أنّهُ الأحَدُ |
لكَ اليَراعُ الذي إنْ هُزّ عامِلُهُ، | لم تُغنِ عَنهُ صِلابُ البِيضِ والزَّرَدُ |
المستطيلُ، وي حدّ الظبَي قصرٌ، | والمستقيمُ، وفي قدّ القنا أودُ |
إذا اغتدى نافثاً بالسحرِ في عقدٍ، | حُلّتْ، بنَجواهُ، من آمالِنا العُقَدُ |
يَقظانُ منهُ عيونُ النّاسِ راقدَة ٌ، | ولو تَوعّدَ أهلَ الكَهفِ ما رَقَدُوا |
رَبيبُ سُمرِ المَعالي، وهوَ يَحطِمُها، | وربّما جَرّ حَتفَ الوالِدِ الوَلدُ |
بالأمسش كانَ بوطءِ الأسدِ مرتعداً، | واليومَ منهُ فريصُ الأسدِ ترتعدُ |
ضَمّ الأُسودَ فَما زالَ الزّمانُ لهُ | يَنوي المُكافاة َ حتى ضَمّهُ الأسَدُ |
إذا انثنى ساجداً قامَ الملوكُ لهُ | طَوعاً، وإنْ قامَ في أمرٍ لهم سجَدُوا |
يا بانيَ المَجدِ مِن قبلِ الدّيارِ، ومَن | لهُ المعالي التي لمْ يرقها أحدُ |
بنيتَ بعدَ بناءِ المجدِ، مبتدئاً، | داراً لها العزُّ أسٌّ، والعُلى عمدُ |
أسّستَ بالدّينِ والتّقوى قَواعدَها، | فكانَ عُقباكَ منها عِيشة ٌ رَغَدُ |
داراً توَهّمتُها الدّنيا لزينَتِها، | وما سَمِعتُ بدُنيا ضَمّها بَلَدُ |
بها صَنائِعُ أبدَتها صَنائِعُكُمْ، | يَفنى المَدَى ، وبها آثارُكم جُدُدُ |
تَدَفَّقَ الماءُ في سَلسالِها، فحكى | سَماحَ كَفّكَ فينا حينَ يَطّرِدُ |
تَجَمعَ الأُسدُ فيها والظباءُ، كَما | من فرطِ عدلك يرعى الذئبُ والنقدُ |
مولايَ! دِعوَة َ عَبدٍ غَيرِ مُفتَتِنٍ | بشعِرِهِ ولهُ الحُسّادُ قد شَهِدُوا |
قد صنتَ شعري وجلُّ الناسِ تخطبُه، | وذاكَ لَولاكَ لم يَعبأ بهِ أحَدُ |
والشَعرُ كالتّبرِ يخفَى حينَ تَنظُرُهُ | عَينُ الغَبيّ، ويَغلو حينَ يُنتَقَدُ |
فكَيفَ يذهَبُ ما نَفعُ الأنامِ بِهِ، | منهُ جُفاء، ويَرسو عندَك الزّبَدُ |
إنْ شَبّهوني بمنْ دوني، فلا عجَبٌ، | فالدرُّ يشبهُهُ في المنظرِ البردُ |
بكَ انتصرتُ على الأيامِ منتصفاً، | وصارَ لي فوقَ أيدي الحادثاتِ يدُ |
وكيفَ تَعجَزُ كَفّي أن أنالَ بها | هامَ السماكِ، وأنتَ الباعُ والعضدُ |