حوشيتَ من زفراتِ قلبي الوالهِ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
حوشيتَ من زفراتِ قلبي الوالهِ، | وكُفيتَ ما يَلقاهُ مِن بَلبالِهِ |
وأُعيذُ سِرَّكَ أن يكابِدَ بعضَ ما | لاقَيتُ من قِيلِ العَذولِ وقالِهِ |
يا مَن يُعيرُ الغُصنَ لِينَ قَوامِهِ، | ويغيرُ بدرَ التّمّ عندَ كمالهِ |
ما حلتِ الواشونَ ما عقدَ الهوَى ، | تفنى الليالي والغرامُ بحالهِ |
صلْ عاشقاً لولاكَ ما ذكرَ الحمى ، | ولمَا غدا متغزلاً بغزالِهِ |
واجعَلْ كِناسَكَ في القلوبِ، فإنّها | تُغنيكَ عن شِيحِ العذيبِ وضالِهِ |
للهِ بالزوراءِ ليلتنا، وقدْ | جردتُ غصنَ البانِ من سربالهِ |
ورَشَفتُ بَردَ الرّاحِ مِن مَعسولِهِ، | وضَمَمتُ قَدّ اللّدنِ مِن عَسّالِهِ |
رشأٌ كبدرِ التمّ في إشراقِهِ، | وكَمالِ طَلعتِهِ وبُعدِ مَنالِهِ |
ما اهتَزْ وافرُ رِدفِهِ في خَطوِهِ، | إلاّ تَشَكّى الخصرُ من أثقالِهِ |
ما بالهُ أضحَى يشينُ وعيدهُ | بنَجازِهِ ووُعودَهُ بمِطالِهِ |
ويذيقني طعمَ الملالِ تدللاً، | فأذوبُ بينَ دلالهِ وملالهِ |
ما ضرّ طيفَ خيالهِ لو أنهُ | يَسخُو عليّ، ولو بطَيفِ خَيالِهِ |
ما كانَ من فِعلِ الجَميلِ يَضُرُّهُ، | لو كانَ يَجعَلُهُ زَكاة َ جَمالِهِ |
قسماً بضادِ ضياءِ صبحِ جبينهِ، | وَوَحَقَّ سِينِ سَوادِ عَنبرِ خالِهِ |
لأُكابدَنّ لهيبَ نارِ صُدودِهِ، | ولأركبَنّ عُبابَ بَحرِ مَلالِهِ |
ولأُحمِلَنّ اليَمَّ فَرطَ عَذابِهِ، | وأدومُ مصطبراً على أهوالِهِ |
حتى تَقولَ جَميعُ أربابِ الهَوَى : | هذا الذي لا ينتهي عن حالهِ |
في ظِلّ مَلْكٍ، مُذ حَللتُ برَبعِه، | قتلَ الأسودِ، وما دنتْ لقتالهِ |
رشأٌ تفردَ في المحاسنِ فاغتدى | تفصيلُ رسمِ الحسنِ في إجمالِهِ |
ما حركتْ سكناتُ فاترِ طرفهِ، | إلاّ وأصمَى القَلبَ وقعُ نِبالِهِ |
حكمتْ فجارتْ في القلوبِ لحاظهُ | كأكُفّ نجمِ الدّينِ في أموالِهِ |
المالكُ المنصورُ، والملكُ الذي | تَخشَى النّجومُ الشُّهبُ شُهبَ نِصالِهِ |
ملكٌ يسيرُ النصرُ عن تلقائِهِ، | وورائِهِ، ويَمينِهِ، وشِمالِهِ |
مَلِكٌ تَتونُ الأرضُ إذْ يَمشي بها: | حسبي من التشريفِ مسُّ نعالِهِ |
فإذا دعا الدهرَ العبوسَ أجابهُ | متعثراً بالرعبِ في أذيالهِ |
سلطانُ عصرٍ عزمه راضَ الورى ، | فكفاهُ ماضيهِ عنِ استقبالهِ |
أضحَى حِمَى الحَدباءِ عندَ إيابِهِ، | يستنجدُ الإقبالَ منْ إقبالِهِ |
ضرَبَ الخِيامَ على الحِمى ، فأكفُّهُ | كَمِياهِهِ، وحُلومُهُ كَجِبالِهِ |
أعطَى وأجزَلَ في العَطاءِ تَبرّعاً، | حتى سَئِمتُ نِزالَهُ بنَوالِهِ |
ذَلّتْ صُروفُ الدّهرِ لمّا عايَنَتْ، | دونَ الأنامِ، تعلقي بحبالهِ |
وافَيتُهُ، وكأنّني من رقّهِ، | فأعَزّني، فكأنّني مِن آلِهِ |
يا ليتَ قومي يعلمونَ بأنني | أدرَكتُ طِيبَ العيشِ بَعدَ زَوالِهِ |
ما ضلّ فكري في جميلِ صفاتِهِ، | إلاّ اهتَدى شِعري بحُسنِ خِلالِهِ |
أو أصدأ الأيامُ سيفَ قريحتي، | إلاّ جعلتُ مديحهُ كصقالِهِ |
يا أيّها الملكُ الذي غدتِ العُلى | مقرونة ً بجلادِهِ وجدالِهِ |
أغرَقتَ بالإنعامِ عبدَكَ، فاغتَدى ، | مِن بَحرِكَ التيّارِ، دُرُّ مَقالِهِ |
طوقتهُ بنداكَ طوقَ كرامة ٍ، | وجعلتَ فيضَ الجودِ من أغلالِهِ |
أصفَى لمحضِ ولاكَ عقدَ ضميرهِ، | فسِوى مَديحِكَ لا يَمُرُّ ببالِهِ |