ألم تسألِ الأطلالَ والمتربعا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ألم تسألِ الأطلالَ والمتربعا، | ببطنِ حلياتٍ، دوارسَ بلقعا؟ |
إلى الشريِ من وادي المغمس بدلت | معالمه وبلاً ونكباءَ زعزعا |
فَيَبْخَلْنَ أَوْ يَخْبِرْنَ بِکلْعَلْمِ بَعْدَما | نَكأَنْ فُؤاداً كَانَ قِدْماً مُفَجَّعا |
بهندٍ، وأترابٍ لهندٍ، إذِ الهوى | جميعٌ، وإذ لم يخشَ أن يتصدعا |
وإذ نحنُ مثلُ الماءِ، كان مزاجهُ | كَمَا صَفَّقَ السّاقِي الرَّحِيقَ المُشَعْشَعَا |
وإذْ لا نطيعُ العاذلين، ولا نرى | لواشٍ لدينا يطلبُ الصرمَ مطمعا |
تنوعتنَ حتى عاودَ القلبَ سقمهُ، | وَحَتَّى تَذَكَّرْتُ الحَدِيثَ الموَدَّعا |
فَقُلْتُ لِمُطْرِيهِنَّ: وَيحك! إنَّما | ضَرَرتَ فَهَلْ تَسطِيعُ نَفْعاً فَتَنْفَعَا؟ |
وأشريتَ فاستشرى وإن كان قد صحا | فؤادٌ بأمثالِ المها كان موزعا |
وَهَيَّجْتَ قَلْباً كَانَ قَدْ وَدَّعَ الصِّبا | وأَشْيَاعَهُ فَکشْفعْ عَسَى أَنْ تُشَفَّعا |
لَئِنْ كَانَ ما حَدَّثْتَ حَقّاً فَمَا أَرَى | كَمِثْلِ الأُلَى أَطْرَيْتَ في النَّاسِ أَرْبَعا |
فقال: تعالَ انظرْ، فقلتُ: وكيفَ لي؟ | أَخَافُ مَقاماً أَنْ يَشيعَ فَيَشْنُعَا |
فَقَالَ: کكْتَفِلْ ثُمَّ کلْتَثِمْ فَأْتِ باغِياً | فَسَلِّمْ وَلاَ تُكْثِرْ بِأَنْ تَتَوَرَّعا |
فَإنِّي سأُخْفِي العَيْن عَنْكَ فَلاَ تُرَى | مخافة َ أن يفشو الحديثُ، فيسمعا |
فَأَقْبَلْتُ أَهْوي مِثْلَ ما قالَ صاحِبي | لِمَوْعِدِهِ أَزْجي قَعُوداً مُوَقَّعا |
فلما توافقنا، وسلمتُ، أشرقت | وُجُوهٌ زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعا |
تَبَالَهْنَ بِکلْعِرْفَانَ لَمّا رَأَيْنَني | وقلنَ: امرؤ باغٍ أكلّ وأوضعا! |
وَقَرَّبْنَ أَسْبَابَ الصِّبَا لِمُتَيَّمٍ | يَقِيسُ ذِراعاً كُلَّما قِسْنَ إصْبَعَا |
فلما تنازعنَ الأحاديثَ، قلنَ لي: | أَخِفْتَ عَلَيْنَا أَنْ نُغَرَّ وَنُخدَعا؟ |
فَبکلأَمْسِ أَرْسَلْنَا بِذَلِكَ خَالِداً | إلَيْكَ وَبَيَّنَّا لَهُ الشَّأْنَ أَجْمَعَا |
فما جئتنا إلا على وفقِ موعدٍ، | على ملإٍ منا خرجنا له معا |
رَأَيْنَا خلاءً مِنْ عُيونٍ وَمَجْلِساً | دميثَ الربى ، سهلَ المحلة ِ، ممرعا |
وقلنا: كريمٌ نالَ وصلَ كرائمِ، | فَحُقَّ لَهُ في اليَوْمِ أَنْ يَتَمَتَّعا |