آذَنَتْ هِنْدٌ بِبَيْنٍ مُبْتَكِرْ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
آذَنَتْ هِنْدٌ بِبَيْنٍ مُبْتَكِرْ | وحذرتُ البينَ منها، فاستمرّ |
أَرْسَلَتْ هِنْدٌ إلَيْنَا نَاصِحاً | بَيْنَنَا: إيتِ حَبيباً قَدْ حَضرَ |
فاعلمنْ أنّ محباً زائرٌ، | حِينَ تُخْفَى العَيْنُ عَنْهُ والبَصَرْ |
قُلْتُ: أَهْلاً بِكُمُ مِنْ زَائِرٍ | أَوْرَثَ القَلْبَ عَناءً وَذِكَرْ |
فتأهبتُ لها، في خفية ٍ، | حينَ مالَ الليلُ واجتنّ القمر |
بينما أنظرها في مجلسٍ، | إذْ رَمَانِي اللَّيْلُ مِنْها بِسَكَرْ |
لَمْ يَرُعْني بَعْدَ أَخْذي هَجْعَة | غَيْرُ ريحِ المِسْكِ مِنْها والقُطُرْ |
قُلْتُ: مَنْ هذا؟ فَقَالَتْ: هكذا | أَنَا مَنْ جَشَّمْتَهُ طُول السَّهَرْ |
ما أَنَا والحُبُّ قَدْ أَبْلَغَني | كَانَ هَذا بِقَضَاءٍ وَقَدَرْ |
لَيْتَ أَنِّي لَمْ أَكُنْ عُلِّقْتُكُمْ | كلَّ يومٍ أنا منكمْ في عبر |
كلما توعدني، تخلفني، | ثُمَّ تَأْتي حِينَ تأْتي بِعُذُرْ |
سَخِنَتْ عَيْني لَئِنْ عُدْتَ لَهَا | لتمدنّ بحبلٍ منبتر |
عَمْرَكَ کللَّهُ أَما تَرْحَمُني | أَم لَنا قَلْبُكَ أَقْسَى مِنْ حَجَرْ |
قلتُ، لما فرغتْ من قولها، | ودموعي كالجمان المنحدر: |
أنتِ، يا قرة َ عيني، فاعلمي، | عِنْد نَفْسي عِدْلُ سَمْعي وَبَصَرْ |
فاتركي عنكِ ملامي، واعذري، | وکتْرُكي قَوْلَ أَخي الإفْكِ الأَشِرْ |
فَأَذَاقَتْني لَذيذاً خِلْتُهُ | ذَوْبَ نَحْلٍ شِيبَ بالماءِ الخَصِرْ |
وَمُدَامِ عُتِّقَتْ في بابِلٍ | مِثْلِ عَيْنِ الدّيكِ أَوْ خَمْرِ جَدَرْ |
فتقضتْ ليلتي في نعمة ٍ، | مَرَّة ً أَلْثَمُها غَيْرَ حَصِرْ |
وأُفَرّي مِرْطَها عَنْ مُخْطَفٍ | ضامرِ الأحشاءِ، فعمِ المؤتزر |
فَلَهَوْنَا لَيْلَنا حَتَّى إذا | طَرَّبَ کلدِّيكُ وَهَاجَ المُدَّكِرْ |
حَرَّكَتْني ثُمَّ قَالَتْ جَزَعاً | ودموعُ العين منها تبتدر: |
قمْ صفيَّ النفس، لا تفضحني، | قَدْ بَدا الصُّبْحُ وَذَا بَرْدُ السَّحَرْ |
فَتَوَلَّتْ في ثَلاثٍ خُرَّدٍ | كَدُمَى الرُّهْبانِ أَوْ عَينِ البَقَر |
لستُ أنسى قولها، ما هدهدتْ | ذَاتَ طَوْقٍ فَوْقَ غُصْنٍ مِنْ عُشَرْ |
حينَ صَمَّمْتُ عَلَى ما كَرِهَتْ | هَكَذَا يَفْعَلُ مَنْ كانَ غَدَرْ |