بَانَ الخَليطُ بَرَامَتَينِ فَوَدّعُوا،
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
بَانَ الخَليطُ بَرَامَتَينِ فَوَدّعُوا، | أو كلّما رفعوا لِبينٍ تَجْزعُ |
رَدّوا الجِمالَ بِذي طُلُوحٍ بَعدَما | هاجَ المَصيفُ وَقَد تَوَلّى المَربَعُ |
إنَّ الشواحجَ بالضحى هيّجنَني | في دارِ زَيْنَبَ وَالحَمَامُ الوُقَّعُ |
نَعَبَ الغرابُ فقلتُ: بَينٌ عاجلٌ | وَجَرَى بِهِ الصُّرَدُ الغَداة َ الألمَعُ |
إنَّ الجميعَ تفرقتْ أهواؤهُمْ | إنَّ النوى بهَوَى الأحبة ِ تفْجَعُ |
كَيفَ العَزاءَ وَلَم أَجِد مُذ بِنتُمُ | قَلباً يَقِرُّ وَلا شَراباً يَنقَعُ |
و لقدْ صَدقتُكِ في الهوى وكَذبتني | وَخَلَبْتِني بِمَواعِدٍ لا تَنْفعُ |
قدْ خِفْتُ عندكمُ الوشاة َ ولمْ يكنْ | لِيُنَالَ عِنْدِيَ سِرُّكِ المَسْتَوْدَعُ |
كانتْ إذا نظرتْ لعِيدٍ زينة ً | هشَّ الفؤادُ وَليسَ فيها مطْمَعُ |
تَرَكَتْ حَوَائِمَ صَادِياتٍ هُيَّماً، | مُنعَ الشِّفاءُ وَطابَ هَذا المَشْرَعُ |
أيامَ زينبُ لا خفيفٌ حِلمُها | هَمْشَى الحَديثِ، وَلا رَوَادٌ سَلْفَعُ |
بَانَ الشّبابُ حَميدَة ً أيّامُهُ، | وَلوَ أنّ ذلكَ يُشْتَرَى أوْ يَرْجعُ |
رجَفَ العظامُ منَ البِلى وتَقادَمَتْ | سنّي، وَفيَّ لمُصْلحٍ مُسْتَمْتَعُ |
و تقولُ بَوْزَعُ: قدْ دببتَ على العصا | هَلاّ هَزئْتِ بغَيرنَا يا بَوْزَعُ |
وَلَقَد رَأيْتُكِ في العَذارَى مَرّة ً، | و رأيتِ رأسي وهوَ داجٍ أفْرَعُ |
كَيفَ الزّيارَة ُ وَالمَخاوفُ دُونَكُمْ، | و لكمْ أميرُ شناءة ٍ لا يَرْبَعُ |
يا أثلَ كابَة َ لا حُرمْتِ ثَرَى النّدى | هلْ رامَ بعدي ساجرٌ فالأجرَعُ |
و سقى الغمامُ منيزلاً بعنيزة ٍ | إمّا تُصَافُ جَداً، وَإمّا تُرْبَعُ |
حيّوا الديارَ وسائلوا أطلالها: | هلْ تَرْجعُ الخبرَ الديارُ البَلْقَعُ |
وَلَقَد حَبَستُ بِها المَطِيَّ فَلَم يَكُن | إلاّ السّلامُ ووَكْفُ عَينٍ تَدْمَعُ |
لمّا رأى صَحْبي الدّمُوعَ كأنّها | سَحُّ الرَّذاذ على الرّداء اسْتَرْجَعُوا |
قالوا تعزَّ فقلتُ لستُ بكائنٍ | منيَّ العزاءُ وصدعُ قلبي يُقْرَعُ |
فَسَقاكِ حَيثُ حَلَلْتِ غَيرَ فَقيدَة ٍ | هَزِجُ الرّواح، ودِيَمةٌ لا تُقْلِعُ |
فلقدْ يُطاعُ بِنَا الشّفيعُ لدَيْكُمُ | ونُطيعُ فيكِ مَوَدّةً منْ يشْفَعُ |
هلْ تذكرينَ زمانَنا بعنيزة ٍ | و الأبرقينِ وذاكَ مالا يَرْجِعُ |
إنّ الأعادِيَ قَدْ لَقُوا ليَ هَضْبَة ً | تُنْبي مَعَاولَهمْ إذا ما تُقْرَعُ |
ما كنتُ أقذفُ منْ عشيرة َ ظالمٍ | إلاّ تَرَكْتُ صَفَاهُمُ يَتَصَدّعُ |
أعددتُ للشعراء كأساً مُرّة ً | عنْدي، مُخالِطُها السِّمامُ المُنقَعُ |
هَلاّ نَهَاهُمْ تسْعَة ٌ قَتّلْتُهُمْ، | أوْ أرْبَعُونَ حَدَوْتُهمْ فاستَجمَعُوا |
كانوا كمشتركينَ لما بايعوا | خسروا وشفَّ عليهمْ فاستوضعوا |
أفينتهونَ وقدْ قضيتُ قضاءهُمْ | أمْ يَصْطَلُونَ حَريقَ نَارٍ تَسْفَعُ |
ذاقَ الفَرَزْدَقُ والأخَيطِلُ حَرَّهَا | وَالبَارقيُّ، وَذاقَ منْهَا البَلْتَعُ |
و لقد قسمتُ لذي الرقاعَ هَديّةً | و تركتُ فيهِ وَهيّةً لا تُرْقَعُ |
و لقدْ صككتُ بني الفَدَوكسِ صكة ً | فَلَقُوا كما لقيَ القُرَيدُ الأصْلَعُ |
و هنَ الفرزدقُ يومَ جربَ سيفهُ | قَيْنٌ به حُمَمٌ وَآمٍ أرْبَعُ |
أخزيتَ قومكَ في مقامٍ قمتهُ | وَوَجدتَ سَيفَ مُجاشعٍ لا يَقْطَعُ |
لا يُعْجِبَنّكَ أنْ تَرَى لمُجاشعٍ | جلدَ الرجالِ ففي القلوبِ الخولع |
و يريبُ منْ رجعَ الفراسة َ فيهمُ | رَهَلُ الطَّفاطِفِ وَالعِظامُ تَخَرَّعُ |
إنا لنعرفُ منْ نجارِ مجاشعٍ | هدَّ الحفيفِ كما يحفُّ الخروعِ |
أيُفايشُون وقدْ رأوا حُفّاثَهُمْ | قَدْ عَضّهُ فَقَضَى عَلَيه الأشجَعُ |
أجحفتمُ جحفَ الخزيرِ ونمتمُ | وَبَنُو صَفيّة َ لَيلُهُمْ لا يَهْجَعُ |
وُضِعَ الخزير فَقيلَ: أينَ مُجاشعٌ؟ | فَشَحا جَحافِلَهُ جُرَافٌ هِبْلَعُ |
و مجاشعٌ قصبٌ هوتْ أجوافهُ | غروا الزبيرَ فأيَّ جارٍ ضيعوا |
إنَّ الرزية َ منْ تضمنَ قبرهُ | وَادي السّبَاع، لكُلّ جنبٍ مَصرَعُ |
لّما أتَى خَبَرُ الزّبَير تَوَاضَعَتْ | سورُ المدينة ِ والجبالُ الخشع |
وَبَكَى الزّبَيرَ بَنَاتُهُ في مَأتَمٍ، | ماذا يردُّ بكاءُ منْ لا يسمَعُ |
قالَ النّوَائحُ منْ قُرَيْشٍ: إنّمَا | غدَرَ الحُتَاتُ ولَيّنٌ والأقرَعُ |
تَرَكَ الزّبَيرُ، على مِنًى لمُجَاشعٍ، | سُوءَ الثنَاء إذا تَقَضّى المَجْمَعُ |
قتلَ الأجاربُ يا فرزدقُ جاركم | فَكُلُوا مَزَاودَ جاركُمْ فتَمَتّعُوا |
أحُبَاريَاتِ شَقَائقٍ مَوْليّة ٍ | بالصّيْف صَعْصَعَهُنّ بازٍ أسْفَعُ |
لَو حَلَّ جارُكُمُ إِلَيَّ مَنَعتُهُ | بالخيلِ تنحطُ والقنا يتزعزعُ |
لحمى فوارسُ يحسرونَ دروعهمْ | خَلْفَ المَرافق حينَ تَدمى الأذرُعُ |
فاسألْ معاقلَ بالمدينة ِ عندهمْ | نُورُ الحُكومَة وَالقَضَاءُ المَقْنَعُ |
منْ كانَ يذكرُ ما يقالُ ضحى غدٍ | عنْدَ الأسنّة ، وَالنّفُوسُ تَطَلَّعُ |
كَذَبَ الفَرَزْدَقُ، إنّ قَوْمي قَبلهمْ | ذادوا العدوَّ عنِ الحمى فاستو سعوا |
مَنَعوا الثّغورَ بعارضٍ ذي كَوْكَبٍ، | لولا تقدمنا لضاقَ المطلع |
إنّ الفَوَارسَ يا فَرَزْددَقُ قَد حَمَوْا | حسباً أشمَّ ونبعة ً لا تقطع |
عَمْداً عَمَدْتُ لمَا يَسوء مُجاشعاً، | و أقولُ ما لعلمتْ تميمٌ فاسمعوا |
لا تتبعُ النخباتُ يومَ عظيمة ٍ | بُلِغَتْ عَزَائِمُهُ، وَلَكنْ تَتْبَعُ |
هَلاّ سَألْتَ بَني تَميمٍ: أيُّنَا | يَحْمي الذِّمَارَ، وَيُستَجارُ فيُمنَعُ |
منْ كانَ يستلبُ الجبابرَ تاجهمْ | وَيَضُرّ، إذْ رُفعَ الحَديثُ، وَيَنفَعُ |
أيفايشونَ ولمْ تزنْ أيامهمْ | أيّامَنَا، وَلَنَا اليَفَاعُ الأرْفَعُ |
منا الفوارسُ قدْ علمتَ ورائسٌ | تهدى قنابلهُ عقابٌ تلمع |
و لنا عليكَ إذا الجباة ُ تفارطوا | جَابٍ لَهُ مَدَدٌ وَحَوْضٌ مُتْرَعُ |
هَلاّ عَدَدَتَ فَوَارساً كَفَوَارسي، | يَوْمَ ابنُ كَبشَة َ في الحديد مُقَنَّعُ |
خضبوا الأسنة َ والأعنة َ إنهمْ | نالوا مكارمَ لمْ ينلها تبعُ |
وَابنَ الرِّبَابِ بذاتِ كَهْفٍ قَارَعُوا | إذْ فضَّ بيضتهُ حسامٌ مصدعُ |
و اسنزلوا حسانَ وابني منذر | أيامَ طخفة َ والسروجُ نقعقع |
تلكَ المكارمُ لمْ تجدْ أيامها | لمجاشعٍ فقفوا ثعالة َ فارضعوا |
لا تظمأونَ وفي نحيحٍ عمكمْ | مَرْوى ً، وَعندَ بَني سُوَيْدٍ مَشبَعُ |
نزفَ العروقَ إذا رضعتمْ عمكمْ | أنْفٌ بهِ خَثَمٌ وَلَحْيٌ مُقنَعُ |
قتلَ الخيارَ بنو المهلبِ عنوة ً | فخذوا القلائدَ بعدهُ وتقنعوا |
وطيءَ الخيارُ ولا تخافُ مجاشعٌ | حتى تحطمَ في حشاهُ الأضلعُ |
و دعا الخيارُ بني عقالٍ دعوة ً | جزعاً وليسَ غلى عقالٍ مجزع |
لوْ كانَ فاعترفوا وكيعٌ منكمْ | فزعتْ عمانُ فما لكمْ لمْ تفزعوا |
هتفَ الخيارُ غداة َ أدركَ روحهُ | بِمُجَاشٍع وَأخُو حُتَاتٍ يَسمَع |
لا يَفْزَعَنّ بَنُو المُهَلَّبِ، إنّهُ | لا يُدْرِكُ التِّرَة َ الذّلِيلُ الأخضَعُ |
هذا كَما تَرَكُوا مَزَاداً مُسْلَماً، | فكأنما ذبحَ الخروفُ الأبقع |
زَعَمَ الفَرَزْدَقُ أنْ سيَقتُلُ مَرْبَعاً؛ | أبْشِرْ بطُولِ سَلامَة ٍ يا مَرْبَعُ |
إنَّ الفرزدقَ قدْ تبينَ لؤمهُ | حيثُ التقتْ حششاؤهُ والأخدع |
حوقَ الحمارِ أبوكَ فاعلمْ علمهُ | و نفاكَ صعصعة ٌ الدعيُّ المسبعُ |
و زعمتَ أمكمُ حصاناً حرة ً | كَذِباً، قُفَيرَة ُ أُمُّكُمْ وَالقَوْبَعُ |
وَبَنُو قُفَيرَة َ قَدْ أجَابُوا نَهْشَلاً | باسمِ العبودة ِ قبلَ أنْ يتصعصعوا |
هَذي الصّحيفَة ُ مِنْ قُفَيرَة َ فاقْرَأوا | عُنْوانَهَا، وَبِشَرّ طِينٍ تُطْبَعُ |
كانتْ قفيرة ُ بالقعودِ مربة ً | تبكي إذا أخذَ الفصيلَ الروبع |
بئسَ الفوارسُ يا نوارُ مجاشعٌ | خورٌ إذا أكلوا خزيراً ضفدعوا |
يغدونَ قدْ نفخَ الخزيرُ بطونهمْ | رغداً وضيفَ بني عقالٍ يخفعُ |
أينَ الذينَ بسَيفِ عَمْروٍ قُتّلُوا؛ | أمْ أينَ أسْعَدُ فيكُمُ المُسْتَرْضَعُ |
حَرّبْتُمُ عَمْراً فَلَمّا استَوْقَدَتْ | نارُ الحروبِ بغربٍ لمْ تمنعوا |
و بأبرقيْ ضحيانَ لاقوا خزية ً | تلكَ المذلة ُ والرقابُ الخضعُ |
خورٌ لهمْ زبدٌ إذا ما استأمنوا | وَإذا تَتَابَعَ في الزّمَانِ الأمْرُعُ |
هَلْ تَعْرِفُونَ عَلى ثَنِيّه أقْرُنٍ | أنَس الفَوَارِسِ يَوْمَ شُكّ الأسْلَعُ |
و زعمتَ ويلَ أبيكَ أنَّ مجاشعاً | لو يسمعونَ دعاءَ عمروٍ ورعوا |
هَلاّ غَضِبْتَ على قُرُومِ مُقَاعِسٍ | إذْ عجلوا لكمُ الهوانَ فأسرعوا |
سَعْدُ بنُ زَيْدِمناة َ عِزٌّ فَاضِلٌ | جَمَعَ السّعُودَ وَكُلّ خَيرٍ يَجمَعُ |
يكفي بني سعدٍ إذا ما حاربوا | عزٌ قُرَاسيَة ٌ، وَجَدٌّ مَدْفَعُ |
الذّائدونَ، فَلا يُهَدمُ حَوْضُهُمْ، | وَالوَاردُونَ، فَوِرْدُهُمْ لا يُقْدَعُ |
مَا كانَ يَضْلَعُ منْ أخي عِمِّيّة ٍ، | إلاّ عَلَيْه دُرُوءُ سَعْدٍ أضْلعُ |
فاعلمْ بأنَّ لآلِ سعدٍ عندنا | عهداً وحبلَ وثيقة ٍ لا يقطعُ |
عَرَفُوا لَنَا السّلَفَ القَديمَ وَشاعراً | تَرَكَ القَصَائدَ لَيسَ فيهَا مَصْنَعُ |
وَرَأيْتَ نبْلَكَ يا فَرَزْدَقُ قَصّرَتْ | وَوَجَدْتَ قَوْسَكَ لَيسَ فيها مَنزَعُ |