رقتْ حواشي الدهرُ فهيَ تمرمرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رقتْ حواشي الدهرُ فهيَ تمرمرُ | وغَدَا الثَّرَى في حَلْيِهِ يَتكسَّرُ |
نَزلَتْ مُقَدمَة ُ المَصِيفِ حَمِيدة ً | ويدُ الشتاءِ جديدة ُ لا تكفرُ |
لولا الذي غرسَ الشتاءُ بكفهِ | لاَقَى المَصِيفُ هَشَائِماً لاتُثْمِرُ |
كمْ ليلة ٍ آسى البلادَ بنفسهِ | فيها ويَوْمٍ وَبْلُهُ مُثْعَنْجِرُ |
مَطَرٌ يَذُوبُ الصَّحْوُ منه وبَعْدَه | صَحْوٌ يَكادُ مِنَ الغَضَارة يُمْطِرُ |
غَيْثَانِ فالأَنْوَاءُ غَيْثٌ ظاهِرٌ | لكَ وجههُ والصحوُ غيثٌ مضمرٌ |
وندى ً إذا ادهنتْ بهِ لممُ الثرى | خِلْتَ السحابَ أتاهُ وهو مُعَذرُ |
أربيعنا في تسعَ عشرة َ حجة ً | حَقّاً لَهِنَّكَ لَلرَّبيعُ الأزْهَرُ |
ما كانتِ الأيامُ تسلبُ بهجة ً | لو أنَّ حسنَ الروضِ كانَ يعمرُ |
أولا ترى الأشياءَ إنْ هيَ غيرتْ | سَمُجتْ وحُسْنُ الأرْضِ حِينَ تُغَيَّرُ |
يا صاحِبَيَّ تَقصَّيا نَظرَيْكُمَا | تريا وجوهَ الأرضِ كيفَ تصورُ |
تريا نهاراً مشمساً قد شابهُ | زهرُ الربا فكأنما هو مقمرُ |
دنيا معاشٌ للورى حتى إذا | جليَ الربيعُ فإنما هيَ منظرُ |
أضحتْ تصوغُ بطونها لظهورها | نَوْراً تكادُ له القُلوبُ تُنَورُ |
مِن كل زَاهِرَة ٍ تَرقْرَقُ بالنَّدَى | فكأنها عينٌ عليهِ تحدرُ |
تَبْدُو وَيحجُبُها الجَمِيمُ كأنَّها | عَذْرَاءُ تَبْدُو تارَة ً وتَخَفَّرُ |
حتَّى غَدَتْ وَهَدَاتُها ونِجَادُها | فِئتيْنِ في خِلَعِ الرَّبيع تَبَخْتَرُ |
مُصْفَرَّة ً مُحْمَرَّة ً فكأنَّها | عُصَبٌ تَيَمَنُّ في الوَغَا وتَمَضَّرُ |
منْ فاقعِ غضَّ النباتِ كأنهُ | دُرٌّ يُشَقَّقُ قَبْلُ ثُمَّ يُزَعْفَرُ |
أو ساطعِ في حمرة ٍ فكأنَّ ما | يدنو إليهِ منَ الهواءِ معصفرُ |
صنعُ الذي لولا بدائعٌ صنعهِ | ماعَادَ أصْفَرَ، بَعْدَ إِذْ هُوَ أَخْضَرُ |
خلقٌ أطلَّ منَ الربيعِ كأنهُ | خلقٌ الإمامِ وهديهُ المتيسرِ |
في الأَرْضِ مِنْ عَدْلِ الإمام وجُودِه | ومِنَ النّباتِ الغض سُرْجٌ تَزْهَرُ |
تُنْسَى الرياض وما يُرَوّضُ فَعْلُه | أَبَداً على مَرّ اللَّيالي يُذْكَرُ |
إنَّ الخَلِيفَة َ حينَ يُظلِمُ حادثٌ | عينُ الهدى وله الخلافة ٌ محجرُ |
كَثُرَتْ بهِ حَرَكاتُها ولقَدْ تُرَى | منْ فترة ٍ وكأنها تتفكرُ |
ما زِلْتُ أَعْلَمُ أَنَّ عُقْدَة َ أَمْرِها | في كفهِ مذ خليتْ تتخيرُ |
سكنَ الزمانُ فلا يدٌ مذمومة ً | للحادِثَاتِ ولا سَوَامٌ يُذْعَرُ |
نَظَمَ البِلادَ فأَصبَحتْ وكأنَّها | عقدٌ كأنَّ العدلَ فيهِ جوهرُ |
لم يبقَ مبدى موحشٌ إلاَّ ارتوى | مِنْ ذِكْرهِ فكأنَّما هُوَ مَحْضَرُ |
ملكٌ يضلُّ الفخرُ في أيامهِ | ويقلُّ في نفحاتهِ ما يكثرُ |
فَلَيَعْسُرَنَّ على اللَّيَالي بَعْدَهُ | أنْ يبتلى بصروفهنَ المعسرُ |