صَرَمَتْ حِبَاْلَكَ بَعْدَ وَصْلِكَ زَيْنَبُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
صَرَمَتْ حِبَاْلَكَ بَعْدَ وَصْلِكَ زَيْنَبُ | و الدهر فيه تصرّم وتقلب |
نشرت ذوائبها التي تزهو بها | سوداً ورأسك كالنعامة أشيب |
و استنفرتْ لما رأتك وطالما | كانت تحنُّ إلى لقاك وترهب |
و كذلكَ وصل الغانيات فإنه | آل ببلقعة ٍ وبرق خلب |
فَدَعِ الصِّبا فَلَقَد عَدَاكَ زَمَانُهُ | وازْهَدْ فَعُمْرُكَ منه ولّى الأَطْيَبُ |
ذهب الشباب فما له من عودة | و أتى المشيب فأين منه المهرب |
ضيفٌ ألمَّ اليك لم تحفل به | فَتَرى له أَسَفا وَدَمْعا يسْكُبُ |
دَعْ عَنْكَ ما قَدْ فات في زَمَنِ الصِّبا | واذكر ذنوبكَ وابكها يا مذنب |
واخْشَ مناقَشَة َ الحِسَابِ فإِنَّه | لا بدّ يحصى ما جنيت ويكتب |
لم يَنْسَهُ المَلِكانِ حين نَسِيْتَه | بَلْ أَثْبَتَاهُ وَأَنْتَ لاهٍ تَلْعَبُ |
و الروح فيك وديعة أودعتها | سنردّها بالرغم منك وتسلب |
وَغُرورُ دُنْياكَ التي تَسْعَى لها | دارٌ حَقِيقَتُها متاعٌ يَذْهَبُ |
و الليل فاعلم والنهار كلاهما | أَنْفَاسُنا فيها تُعَدُّ وَتُحْسَبُ |
وجميعُ ما حَصَّلْتَهُ وَجَمَعْتَهُ | حَقًّا يَقِينا بَعْدَ مَوْتِكَ يُنْهَبُ |
تَبًّا لدارٍ لا يَدُومُ نَعيمُها | و مشيدها عما قليلُ يخرب |
فاسمعْ ، هُديتَ ، نصائحا أَوْلاكها | برٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدب |
صَحِبَ الزَّمانَ وَأَهْلَه مستبصرا | ورأى الأمورَ بما تؤوب وتُعْقَبُ |
أَهْدى النَّصيحة َ فاتَّعظ بمقالة | فهو التقيُّ اللوذعيُّ الأدرب |
لا تأمن الدهر الصروف فإنه | لا زال قدماً للرحال يهذب |
و كذلك الأيام في غدواتها | مرت يذلُّ لهاالأعزُّ الأنجب |
فعليك تقوى الله فالزمها تفزْ | إِنَّ التّقِيَّ هو البهيُّ الأَهْيَبُ |
واعْمَلْ لطاعته تَنَلْ مِنْهُ الرِّضا | إنَّ المطيع لربه لمقرب |
فاقْنَعْ ففي بَعضِ القناعَة ِ رَاحَة ٌ | واليَأْسُ ممّا فات فهو المَطْلَبُ |
وَتَوَقَّ من غَدْرِ النِّساءِ خِيَانَة ً | فجميعهن مكائد لكّ تنصب |
لا تأمن الانثى حياتك إنها | كالأُفْعُوانِ يُراعُ منه الأَنْيُبُ |
لا تأمن الانثى زمانك كله | يوما ، وَلَوْ حَلَفْتْ يَمينا تَكْذِبُ |
تُغري بطيب حَديْثِها وَكَلامِها | وإذا سطت فهي الثقيل الأشطب |
والْقَ عَدُوَّكَ بالتَّحِيَّة ِ لا تكنْ | مِنْهُ زمانَك خائفا تترقَّبُ |
واحْذَرْهُ يوما إِنْ أتى لك باسما | فاللَّيْثُ يَبْدو نابُه إذْ يَغْضَبُ |
و إذا الحقود وإن تقادمَ عهده | فالحقْدُ باقٍ في الصُّدورِ مُغَيَّبُ |
إن الصديق رأيته متعلقاً | فهو العدوُّ وحقُّه يُتَجنَّبُ |
لا خير في ودِّ امرءٍ متملقٍ | حلو اللسان وقلبه يتلهب |
يلقاه يحلف أنه بك واثقٌ | وإِذا توارى عنك فهو العَقْرَبُ |
يعطيك من طرف اللسان حلاوة ً | وَيَرُوغُ مِنْكَ كما يَروغُ الثَّعْلَبُ |
واختَرْ قَرِيْنَك واصْطَفِيهِ مُفَاخِرا | إِنّ القَرِيْنَ إلى المقْارَنِ يُنْسَبُ |
إنَّ الغنيَّ من الرجال مكرمٌ | و تراه يرجى مالديه ويرهب |
وَيُبَشُّ بالتَّرْحِيْبِ عِندَ قُدومِهِ | ويقام عند سلامه ويقرب |
والفَقْرُ شَيْنٌ للرِّجالِ فإِنَّهُ | يزرى به الشهم الأديب الأنسب |
واخفض جناحك للأقارب كلهم | بتذللٍ واسمح لهم إن أذنبوا |
و دع الكذب فلا يكن لك صاحباً | إِنّ الكذوب لَبِئْسَ خِلٌّ يُصْحَبُ |
وَذَرِ الحَسُودَ ولو صفا لَكَ مرَّة ً | أبْعِدْهُ عَنْ رُؤْيَاكَ لا يُسْتجْلَبُ |
و زن الكلام إذا نطقت ولا تكن | ثرثارَة ً في كلِّ نادٍ تَخْطُبُ |
و احفظ لسانك واحترز من لفظه | فالمرء يسلم باللسان ويعطب |
والسِّرُّ فاكُتُمْهُ ولا تَنطِق به | فهو الأسير لديك اذ لا ينشب |
وَاحْرَصْ على حِفْظِ القُلُوْبِ مِنَ الأَذَى | فرجوعها بعد التنافر يصعب |
إِنّ القُلوبَ إذا تنافر ودُّها | شِبْهُ الزُجَاجَة ِ كسْرُها لا يُشْعَبُ |
وكذاك سِرُّ المَرْءِ إنْ لَمْ يَطْوِهِ | نشرته ألسنة ٌ تزيد وتكذب |
لاْ تَحْرَصَنَ فالحِرْصُ ليسَ بِزَائدٍ | في الرزق بل يشقي الحريص ويتعب |
وَيَظَلُّ مَلْهُوفا يَرُوْمُ تَحَيُّلاً | والرِّزْقُ ليس بحيلة يُسْتَجْلَبُ |
كم عاجزٍ في الناس يؤتى رزقهُ | رغداًو يحرم كيس ويخيب |
أَدِّ الأَمَانَة َ والخِيَانَة َ فاجْتَنِبْ | وَاعْدُلْ ولا تَظْلِمْ ، يَطِبْ لك مَكْسَبُ |
وإذا بُلِيْتَ بِنْكبَة ٍ فاصْبِرْ لها | من ذا رأيت مسلّماً لا ينكب |
و إذا أصابك في زمانك شدة ٌ | و أصابك الخطب الكريه الأصعب |
فَادْعُ لِرَبِّكَ إِنَّهُ أَدْنَى لِمَنْ | يدعوه من حبل الوريد وأقرب |
كن مااستطعت عن الأنام بمعزلٍ | إِنَّ الكَّثِيْرَ مِنَ الوَرَى لا يُصْحَبُ |
واجعل جليسك سيداً تحظى به | حَبْرٌ لَبِيْبٌ عاقِلٌ مِتَأَدِّبُ |
واحْذَرْ مِنَ المَظْلُومِ سَهْما صائبا | و اعلم بأن دعاءه لا يحجب |
وإذا رَأَيْتَ الرِّزْقَ ضاق بِبَلْدَة ٍ | و خشيت فيها أن يضيق المكسب |
فارْحَلْ فأَرْضُ اللِه واسِعَة ٌ الفَضَا | طُولاً وعِرْضا شَرْقُها والمَغْرِبُ |
فلقد نصحتك إن قبلت نصيحتي | فالنصح أغلى ما يباع ويوهب |
خُذْها إِلَيْكَ قَصِيْدَة ً مَنْظُومَة ً | جاءَتْ كَنَظْمِ الدُّرِّ بَلْ هِيَ أَعْجَبُ |
حِكَمٌ وآدابٌ وَجُلُّ مَواعِظٍ | أَمْثالُها لذوي البصائِر تُكْتَبُ |
فاصغ لوعظ قصيدة أولاكها | طود العلوم الشامخات الأهيب |
أعني عليًّا وابنَ عمِّ محمَّدٍ | مَنْ نالَه الشَرَفُ الرفيعُ الأَنْسَبُ |
يا ربّ صلِّ على النبيِّ وآله | عَدَدَ الخلائِقِ حصْرُها لا يُحْسَبُ |