الدارُ أعرفها ربى ، وربوعا ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
الدارُ أعرفها ربى ، وربوعا ، | لكن أساءَ بها الزمان صنيعا |
لبستْ ذيولَ الريحِ تعفو رسمها ، | ومَصيفَ عامٍ قد خَلا ورَبيعَا |
و بكيتُ من طربِ الحمائمِ غدوة ً | تدعو الهديلَ وما وجدنَ سميعا |
ساعَدتُهنّ بنَوحَة ٍ وتَفَجّعٍ، | وغَلَبتُهُنّ تَفَجّعاٌ ودُموعَا |
أفني العَزاءَ همومُ قلبٍ مُوجَعٍ، | فاحزَن، فلَستَ بمثلِهِ مَفجُوعَا |
حرمتكَ آرامُ الصريمِ ، وقطعتْ | حبلَ الهوى ونزعنَ عنك نزوعا |
إنا لننتابُ العداة َ ، وإن نأوا ، | ونَهُزُّ أحشاءَ البلادِ جُمُوعَا |
و نقولُ فوقَ أسرة ٍ ومنابرٍ ، | عجباً من القولِ المصيبِ بديعا |
قومٌ، إذا غضِبُوا على أعدائِهمْ، | جروا الحديدَ أزجة ً ودروعا |
حتى يفارقَ هامهم أجسامهم ، | ضرباًيُفَجِّرُ من دمٍ يَنبُوعَا |
وكأنّ أيدينا تُنَفِّرُ عَنهُم | طيراً ، على الأبدانِ كنّ وقوعا |
وإذا الخُطوبُ أتَينَ منّا مُطرِقاً | نكصتْ على أعقابهنّ رجوعا |
وسَقَيتُ بالجودِ الفَقيرَ وذا الغنى ، | والغَيثُ يَسقي مُجدِباً ومُريعَاً |
ومتى تَشأُ في الحربِ تلقَ مُؤمَّلاً | منا ، مطاعاً في الورى متبوعا |
يعدو بهِ طرفٌ يخالُ جبينهُ ، | ببياضِ غرة ِ وجههِ مصدوعا |
و كأنّ حدّ سنانهِ من عزمهِ ، | هذا وهذا يَمضِيانِ جَميعَا |
يخفي مكيدتهُ ، ويحسبُ رأيهُ ، | و هوَ الذي خدعَ الورى مخدوعا |
و همُ قرومُ الناسِ دونَ سواهمُ ، | و الأطيبونَ منابتاً وفروعا |
لا تَعدلَنّ بهِم، فذلكَ حقُّهم، | و الشمسُ لا تخفى عليكَ طلوعا |
و غذا غدتْ شفعاءُ جودٍ مبطئٍ | قد كدّ صاحبَ حاجَة ٍ مَمنوعَا |
سَبَقَ المَواعدَ والمِطالَ عَطاهُمُ، | و أتى رجاءُ الراغبينَ سريعا |
يا من رَجا دَرَكاً بوَجهِ شَفاعَة ٍ | ملكتَ رقكَ معماً وشفيعا |