سلمتَ ، أميرَ المؤمنينَ ، على الدهرِ ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
سلمتَ ، أميرَ المؤمنينَ ، على الدهرِ ، | ولا زِلتَ فينا باقياً واسَع العُمرِ |
حللتَ الثريا خيرَ دارٍ ومنزلٍ ، | فلا زالَ مَعموراً وبورِكَ من قَصرِ |
فلَيسَ له، فيما بَنى النّاسُ، مُشبهٌ، | ولا ما بَناهُ الجِنُّ في سالِفِ الدّهرِ |
و ما زالَ يرعاهُ الإمامُ برأيهِ ، | و بالعزّ ، والتقديم ، والنهيِ ، والأمرِ |
فتمّ، فَما في الحُسنِ شيءٌ يُريدُه | لسانٌ ، ولا قلبٌ بقولٍ ولا فكرِ |
سيثني عليهِ من محاسنِ قصرهِ ، | مَدائحَ لَيسَتْ من كلامٍ ولا شعرِ |
يشيرُ إلى رأيٍ مصيبٍ وحكمة ٍ ، | و جودٍ لدى الإنفاقِ بالبيضِ والصفرِ |
جنانٌ ، وأشجارٌ تلاقتْ غصونها | فأورقنَ بالأثمارِ والورقِ الخضرِ |
ترَى الطّيرَ في أغصانهنّ هَواتِفاً، | تنقلُ من وكرٍ لهنّ إلى وكرِ |
هجرتَ سواها كلَّ دارٍ عرفتها ، | و حقّ لدارٍ غيرش داركَ بالهجرِ |
وبنيانُ قَصرٍ قد علَتْ شَرَفاتُهُ، | كصَفّ نِساءٍ قد ترَبّعنَ في الأُزرِ |
و أنهارُ ماءٍ كالسلاسلِ فجرتْ | لتُرضِعَ أولادَ الرّياحينِ والزَّهرِ |
وميدانُ وحشٍ تركضُ الخيلُ وسطه | فيُؤخَذُ منها ما يَشاءُ على قَدرِ |
إذا ما رأتْ ماءَ الثريا ونبتهُ | يَسيرُ وثوب الكَلبِ فيهنّ والصّقرِ |
عَطايا إلَهٍ مُنعِمٍ كانَ عالِماً | بأنّكَ أوفَى النّاسِ فيهنّ بالشّكرِ |
حكمتَ بعدلٍ لم يرَ الناسُ مثلهُ ، | وداوَيتَ بالرّفقِ الجُموحَ وبالقَهرِ |
و لا بأسَ أنكى من تشبطِ حازمٍ ، | و لا درعَ أوقى للنفوسِ من العمرِ |
وما زِلتَ حيَّ المُلكِ تُرجى وتُتّقى ، | وتَفترِسُ الأعداءَ بالبِيضِ والسُّمرِ |
و ما ليثُ غابٍ يهدمُ الجيشَ خوفهُ ، | بمشيَة ِ وَثّابٍ على النّهيِ والزّجرِ |
يَجُرُّ إلى أشبالهِ، كلَّ لَيلَة ٍ، | عقيرَة َ وحشٍ أو قَتيلاً من السَّفرِ |
إذا ما رأوهُ طارَ جمعهمُ معاً ، | كما طَيّرَ النّفخُ التّرابَ عن الجَمرِ |
جريٌّ أبيٌّ يحسبُ الألفَ واحداً ؛ | بعيدٌ ، إذا ما كرّ يوماً ، من الفرّ |
يزعزعُ أحشاءَ البلادِ زئيرهُ ، | ويُبطِلُ أبطالَ الرّجالِ من الذّعرِ |
إذا ضَمّ قِرناً بَينَ كَفيهِ خِلتَهُ | يعاني عروساً في غلائلها الحمرِ |
فحَرّمَ أرضَ الحائرينَ وماءَها، | فهيهاتَ من يغدو عليها ومن يَسرِي |
بأجرأ منهُ حدَّ بأسٍ وعزمة ٍ ، | إذا ما نزا قلبُ الجبانِ إلى النحرِ |
فكُلُّ أُناسٍ يُشهِرونَ أكُفَّهُم | دعاءً لهُ بالعزّ فيهِم وبالنّصرِ |