من يذودَ الهمومَ عن مكروبِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
من يذودَ الهمومَ عن مكروبِ | مستكينٍ لحادثاتِ الخطوبِ |
حوّلَته الدّنيا إلى طولِ حُزنٍ، | من سرورٍ وطيبِ عيشٍ خصيبِ |
فهو في جفوة ِ المقاديرِ لا يأ | خذُ يوماً من دولة ٍ بنصيبِ |
خادمٌ للمنى قد استعبدته | بمطالٍ، وخُلْفِ وَعدٍ كَذُوبِ |
وجفاهُ الإخوانُ حتّى ، وحتّى | سمَّ من شئتَ من حبيبٍ قريبِ |
شغلتهم دنياءُ تأكلُ من درَّ | تْ عليه بالحِرصِ والتّرغيبِ |
وأرى وُدّهم كلَمعِ سَرابٍ، | غرّ قوماً عطشى بقاعٍ جدوبِ |
طالما صعروا الخدودَ وهزوا الـ | أرضَ في يومِ محفلٍ وركوبِ |
ثمّ أمسَوا وفدَ القُبورِ وسكّا | نَ الثّرَى تحتَ جَندلٍ منصوبِ |
آهِ من ذِكرِ آخرينَ رماهم | قدرُ الموتِ من شبابٍ وشيبِ |
بدعٌ من مكارمِ الفعلِ والقو | لِ وإخوانِ مَحضرٍ ومَغيبِ |
لستُ من بعدِهم أرى صورَة الإنـ | ـسِ يَقِيناً إلاّ خلائِقَ ذِيبِ |
صحبوا الودّ بالوفاءِ ، وصحوا | من نفاقٍ ، والبشرِ والتقريبِ |
كم كريمٍ منهُم يرَى الوعدَ بخلاً | منه ، قلّ لكثرة ِ الموهوبِ |
يَتَلقّى السّؤالَ منه بوجهٍ، | لم يخدد خدوده بالقطوبِ |
فسَقاهم كجودهِم، أو كدَمعي، | صوبَ غيثٍ ذي هيدبٍ مسكوبِ |
أُمَراءٌ قادُوا أعِنّة َ جَيشٍ، | يَترُكُ الصّخرَ خلفَه كالكَثِيبِ |
يملأون السّماءَ من قَسطلِ الحرْ | بِ، وفي الأرْضِ من دمٍ مَصبوبِ |
و يهزونَ كلَّ أخضرَ كالبقـ | ـلة ِ ماضٍ الفلولِ ، رسوبِ |
لا ترى في قتيلهِ غيرَ جرحٍ ، | كفمِ العودِ ضجّ عندَ اللغوبِ |
ضربة ٌ ما لها من الضّربِ جارٌ، | أخذت نفسه بلا تعذيبِ |
فهوَ لو عاشَ لم يُطالِبْ بثأرٍ، | لا ولا عَدّ قتلَه في الذُّنوبِ |
قلْ لدنيايَ قد تمكنتِ مني ، | فافعلي ما أردتِ أن تفعلي بي |
واخرَقي كيفَ شئتِ خُرقَ جَهولٍ، | إنّ عندي لك اصطبارَ لبيبِ |
ربَّ أعجوبة ٍ من الدهرِ بكرٍ ، | وعَوانٍ قد راضَها تَجريبي |
ردّ عني كأسَ المدامِ خليلي ، | إنّ نفسي صارتْ عليّ حسيبي |
وبدَت شَيبتي، وتمّ شَبابي، | وانتهَى عاذلي، ونامَ رَقيبي |
و تنحيتُ عن طريقِ الغواني ، | والتصابي، وقلتُ: يا نفسِ توبي |
و لقد حثّ بالمدامة ِ كفي | شادنٌ، حاذقٌ بصَيدِ القُلوبِ |
جاءنا مقبلاً ، فأيُّ قضيبٍ ، | ثمّ ولّى عنا، فأيُّ كَثِيبِ |
ولقَد أغتدي عَلى طائرِ العَد | وجَوادٍ مُسوَّمٍ يَعْبُوب |
فإذا سارَ دُكّتِ الأرضُ دَكّاً | بعدَ إذْ رامها بذيلِ عسيبِ |
قارحٍ زانهُ خمارٌ من العر | فِ يُفادي بالسّبحِ والتّقريبِ |
ـي خَنوفٍ، نجيبة ٍ لنجيبِ | |
ضربها زجرها إذا استعمل السو | طُ، وعَضَّ المطيَّ طولُ الدُّروب |
إن تريني يا شرُّ ملقى على الفر | شِ، وقد مَلّ عائِدي وطبيبي |
كنتُ رَيحانَة َ المجالسِ في السّلْـ | ـمِ، وحتْفَ الأبطالِ يومَ الحرُوبِ |
وعِداً صَبّحْتُهُم بِرَحَى جَيْـ | ـشٍ ركامٍ مثلِ الدبى المجلوب |
يلغُ الذئبُ منهمُ ، كلَّ يومٍ ، | في نحورٍ مَعطوطَة ٍ كالجُيوبِ |
و لقد أكشفُ الخطوبَ برأيٍ ، | ليسَ عنه الصّوابُ بالمَحجوبِ |
مُنضَجٍ غيرِ مُعجَلٍ، وهو إن أُمْـ | ـكنَ في فرصة ٍ ، سريعُ الوثوبِ |
و أعافي العافينَ من سقمِ الجو | عِ ، وأسقي سيفي دمَ العرقوبِ |
و لقد صرتُ ما ترينَ ، فإن كا | نَ حماماً ، يا شرُّ ، هذا الذي بي |