ألا مَن لَعينٍ وتَسكابِها،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا مَن لَعينٍ وتَسكابِها، | تشكى القذى ، وبكاها بها |
تمنتْ شريرَ على نأيها ، | و قد ساءها الدهرُ حتى بها |
وأمسَتْ ببغْدادَ محجوبة ً | بردّ الأسودِ لطلابها |
ترامَتْ بنا حادِثاتُ الزّمانِ، | ترامي القسيّ بنشابها |
وظلّتْ بغيرِكَ مشغولَة ً، | فهيهاتَ ما بكَ ممّا بها |
فما مغزلٌ بأقاصي البلادِ ، | تفزعُ من خوفِ كلابها |
و قد أشبهتْ في ظلال الكنا | س حورية ً وسط محرابها |
بأبعدَ مِنها، فخَلِّ المُنَى ، | وقَطِّعْ علائقَ أسْبابِها |
ويا رُبَّ ألسِنَة ٍ كالسّيوفِ | تُقَطِّعُ أعنَاقَ أصحابها |
و كم دهيَ المرءُ من نفسه ، | فَلا تأكُلَنّ بأنيابها |
فإن فرصة ٌ أمكنتْ في العدُ | وَّ ، فلا نبدِ فعلك إلاّ بها |
فإن لم تَلِجْ بابَها مُسرعاً، | أتاكَ عدوك من بابها |
ومَا ينتقِصْ من شَبابِ الرّجالِ | يَزِد في نُهاها وألْبابها |
وقد أُرحِلُ العِيسَ في مَهمهٍ، | تغصُّ الرحالُ بأصلابها |
كما قد غَدَوْتُ عَلى سابِحٍ | جوادِ المحثة ِ وثابها |
تباريهِ جرداءُ خيفانة ٌ ، | إذا كادَ يَسبُقُ كدنا بِها |
كأنّ عِذاريهِما واحِدٌ، | لجوجانِ تشقى ويشقى بها |
كَحَدّينِ مِن جَلَمٍ مُعلَمٍ، | فلا تلكَ كَلّت، ولا ذا بها |
وطارا معاً في عِنانِ السّواءِ، | كأنا بهِ ، وكأنا بها |
تخالهما ، بعد ما قد ترى ، | نجيَّ أحاديثَ هما بها |
فردَّا على الشَّكِّ لم يَسبُقا، | على دأبه وعلى دأبها |
و قالَ أناسٌ : فهلاّ بهِ ؟ | و قال أناسٌ : فهلا بها ؟ |
نصحتُ بني رحمي ، ولو وعوا ، | نصيحة َ برٍ بأنسابها |
وقد رَكِبوا بَغيَهُم، وارتَقوا | بِزلاّءَ تُردي برُكّابِها |
و راموا فرائسَ أسدِ الثرى ، | وقد نَشِبَتْ بين أنيابِها |
دعوا الأسدَ تفرسُ ، ثمّ اشبعوا ، | بما تدعُ الأسدُ في غابها |
قَتَلنَا أُمَيّة َ في دارِهَا، | ونحنُ أحقُّ بأسلابِها |
وكم عُصبَة ٍ قد سقَت مِنكُم الـ | ـخلافة َ صاباً بأكوابها |
إذا ما دنوتم تلقتكمُ | زنوباً ، وقرت بحلابها |
و لما أبى اللهُ أن تملكوا ، | نهضنا إليها ، وقمنا بها |
وما ردّ حُجّابُها وافِداً | لنا، إذ وقَفنا بأبوابِها |
كقطبِ الرحى وافقت أختها ، | دعونا بها ، وغلبنا بها |
ونحن وَرِثْنا ثِيابَ النّبيّ، | فلم تجذبون بأهدابها |
لكم رحمٌ يا بني بنته ، | ولكن بنو العمّ أولى بها |
بهِ غَسَلَ الله مَحْلَ الحِجازِ، | و أبرأها بعدَ أوصابها |
و يومَ حنينٍ تداعيتمُ ، | و قد أبدتِ الحربُ عن نابها |
و لما علا الحبرُ أكفانهُ ، | هوى ملكٌ بينَ أثوابها |
فملاً بني عمنا إنها | عطية ُ ربٍ حبانا بها |
وكانت تَزَلْزَلُ في العَالَمِينَ، | فشَدّتْ إلينا بأطنابها |
وأُقسِمُ أنّكُمُ تَعلمون | بأنا لها خيرُ أربابها |