غَنَّاهْ الأَمْسُ، وأَطْرَبَهُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
غَنَّاهْ الأَمْسُ، وأَطْرَبَهُ | وشجاه اليومُ، فما غدُهُ؟ |
قَدْ كان له قلبٌ، كالطِّفْلِ، | يدُ الأحلامِ تُهَدْهِدُهُ |
مُذْ كان له مَلَكُ في الكون | جميلُ الطَلعَة ، يعبدُه |
في جَوْفِ اللَّيلِ، يُنَاجيهِ | وَأَمَامَ الفَجْرِ، يُمَجِّدُهُ |
وعلى الهضباتِ، يغنِّيه | آيات الحبّ، ويُنشدُهُ |
تَمْشي في الغابِ فَتَتْبعه | أَفَراحُ الحُبِّ، وَتَنْشُدُهُ |
ويرى الافاقَ فيبصرها | زُمراً في النَّور، تُراصدهُ |
ويرى الأطيارَ، فيحسبُها | أحلام الحُبِّ تغرِّدهُ |
ويرى الأزهارَ، فيحسبها | بسَماتِ الحُبّ توادِدُهُ |
فَيَخَالُ الكونَ يناجيهِ! | وجمالَ العاَلمِ يُسعدُه! |
ونجومَ الليل تضاحكُهُ! | ونسيمَ الغابَ يطاردُهُ! |
ويخال الوردَ يداعبهُ | فرِحاً، فتعابثه يدُهُ!.. |
ويرى الينبوعَ، ونَضرتَه، | ونسيمُ الصُّبح يجعِّدهُ |
وخريرُ الماء له نغَمٌ | نسماتُ الغاب تردّدهُ |
ويرى الأعشابَ وقد سمقَت | بينَ الأشجارِ تشاهدهُ |
ونطافُ الطلِّ تُنَمِّقُها | فيجل الحبَّ ويحمدهُ |
ياللأيام! فكم سَرَّت | قلْباً في النّاسِ لِتُكْمِدَهُ |
هي مثل العاهر، عاشقها | تسقيه الخمر..، وتطردُهُ! |
يعطيكَ اليومُ حلاوتَها | كالشَّهْدِ، لَيَسْلُبَهَا غَدُهُ! |
بالأمسِ يعانقُها فرحاً | ويضاجعُها، فتُوسِّدُهُ |
واليومَ، يُسايرُها شَبَحاً | أضناه الحُزنُ، ونكَّدُهُ |
يتلو في الغَابِ مَرَاثِيَه | وجذوعُ السَّروِ تساندُهُ |
ويماشي الّناسِ، وما أحدٌ | منهم يُشجيه تفرُّدُهُ |
في ليل الوَحْشَة ِ مسْراهُ | وَبِكَهْفِ الوَحْدَة ِ مرقَدُهُ |
أصواتُ الأمسِ تُعَذِّبه | وخيالُ الموتِ يُهَدِّدُهُ |
بالأمسِ، له شفَقٌ في الكونِ | ُيضئُ الأفقَ تورُّدُهُ |
واليومَ لقد غشَّاه الليلُ | |
غنَّاه الأمسُ وَأَطْرَبَهُ | وشجاه اليومُ، فما غدهُ؟ |