أمِنَ آلِ مَيّة َ رائحٌ، أو مُغْتَدِ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أمِنَ آلِ مَيّة َ رائحٌ، أو مُغْتَدِ، | عجلانَ ، ذا زادٍ ، وغيرَ مزودِ |
أَفِل التّرَحّلُ، غير أنّ ركابنا | لما تزلْ برحالنا ، وكأنْ قدِ |
زَعَمَ البَوارِحُ أنّ رِحْلَتَنا غَداً، | و بذاكَ خبرنا من الغداف الأسود |
لا مرحباً بغدٍ ، ولا أهلاً بهِ ، | إنّ كانَ تَفريقُ الأحبّة ِ في غَدِ |
حانَ الرّحيلُ، ولم تُوَدِّعْ مهدَداً، | والصّبْحُ والإمساءُ منها مَوْعِدي |
في إثْرِ غانِيَة ٍ رَمَتْكَ بسَهَمِها، | فأصابَ قلبَك، غير أنْ لم تُقْصِدِ |
غنيتْ بذلك ، غذ همُ لكَ جيرة ٌ ، | منها بعَطْفِ رسالَة ٍ وتَوَدُّدِ |
ولقد أصابَتْ قَلبَهُ مِنْ حُبّهَا، | عن ظَهْرِ مِرْنانٍ، بسَهمٍ مُصردِ |
نَظَرَتْ بمُقْلَة ِ شادِنٍ مُتَرَبِّبٍ | أحوى ، أحمَّ المقلتينِ ، مقلدِ |
و النظمُ في سلكٍ يزينُ نحرها ، | ذهبٌ توقَّدُ، كالشّهابِ المُوقَدِ |
صَفراءُ كالسِّيرَاءِ، أكْمِلَ خَلقُها | كالغُصنِ، في غُلَوائِهِ، المتأوِّدِ |
والبَطنُ ذو عُكَنٍ، لطيفٌ طَيّهُ، | والإتْبُ تَنْفُجُهُ بثَدْيٍ مُقْعَدِ |
محطُوطَة ُ المتنَينِ، غيرُ مُفاضَة ٍ، | ريّا الرّوادِفِ، بَضّة ُ المتَجرَّدِ |
قامتْ تراءى بينَ سجفيْ كلة ٍ ، | كالشّمسِ يومَ طُلُوعِها بالأسعُدِ |
أوْ دُرّة ٍ صَدَفِيّة ٍ غوّاصُها | بهجٌ متى يرها يهلّ ويسجدِ |
أو دُميَة ٍ مِنْ مَرْمَرٍ، مرفوعة ٍ، | بنيتْ بآجرٍ ، تشادُ ، وقرمدِ |
سَقَطَ النّصيفُ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ، | فتناولتهُ ، واتقتنا باليدِ |
بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ | عنم على اغصانه لم يعقدِ |
نظرَتْ إليك بحاجة ٍ لم تَقْضِها، | نظرَ السقيمِ إلى وجوهِ العودِ |
تَجْلُو بقادِمَتَيْ حَمامة أيكَة ٍ، | برداً أسفّ لثاتهُ بالإثمدِ |
كالأقحوانِ، غَداة َ غِبّ سَمائِه، | جفتْ أعاليهِ ، وأسفلهُ ندي |
زَعَمَ الهُمامُ بأنّ فاها بارِدٌ، | عذبٌ مقبلهُ ، شهيُّ الموردِ |
زَعَمَ الهُمامُ، ولم أذُقْهُ، أنّهُ | عذبٌ ، غذا ما ذقتهُ قلتَ : ازددِ |
زَعَمَ الهُمامُ، ولم أذُقْهُ، أنّهُ | يشفى ، بريا ريقها ، العطشُ الصدي |
أخذ العذارى عِقدَها، فنَظَمْنَهُ، | مِن لُؤلُؤٍ مُتتابِعٍ، مُتَسَرِّدِ |
لو أنها عرضتْ لأشمطَ راهبٍ ، | عبدَ الإلهِ ، صرورة ٍ ، متعبدِ |
لرنا لبهجتها ، وحسنِ حديثها ، | و لخالهُ رشداً وإنْ لم يرشدِ |
بتَكَلّمٍ، لو تَستَطيعُ سَماعَهُ، | لدنتْ لهُ أروى الهضابِ الصخدِ |
و بفاحمٍ رجلٍ ، أثيثٍ نيتهُ ، | كالكرمِ مالَ على الدعامِ المسندِ |
فإذا لَمستَ لمستَ أجخثَمَ جاثِماً، | متحيزاً بمكانهِ ، ملءَ اليدِ |
و إذا طَعَنتَ طعنتَ في مستهدفٍ ، | رابي الَمجَسّة ِ، بالعَبيرِ مُقَرْمَدِ |
و إذا نزعتَ نزعتَ عن مستحصفٍ | نَزّعَ الحَزَوَّرِ بالرّشاءِ المُحْصَدِ |
و إذا يعضّ تشدهُ أعضاؤهُ ، | عضّ الكَبيرِ مِنَ الرّجالِ الأدردِ |
ويكادُ ينزِعُ جِلدَ مَنْ يُصْلى به | بلوافحٍ، مثلِ السّعيرِ المُوقَدِ |
لا واردٌ منها يحورُ لمصدرٍ | عنها ، ولا صدرٌ يحورُ لموردِ |