أمَا علمَتْ أنّ الشّفيعَ شبابُ،
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
أمَا علمَتْ أنّ الشّفيعَ شبابُ، | فَيَقْصُرَ عَنْ لَوْمِ المُحبّ عِتَابُ؟ |
علامَ الصِّبا غضٌّ، يرفّ رواؤهُ، | إذا عنّ من وصلِ الحسانِ ذهابُ؟ |
وَفيمَ الهَوَى مَحضٌ يَشِفّ صَفاؤهُ | إذا لم يكنْ منهنّ عنهُ ثوابُي؟ |
وَمُسْعِفَة ٍ بالوَصْلِ، إذ مَرْبَعُ الحمى | لها، كلّما قظنا الجنابَ، جنابُ |
تَظُنّ النّوَى تَعدو الهَوَى عن مَزَارِها؛ | وداعي الهوَى نحوَ البعيدِ مجابُ |
وَقَلّ لها نِضْوٌ بَرَى نَحْضَهُ السُّرَى ، | وَبَهْمَاءُ غُفلُ الصَّحصَحَانِ، تُجابُ |
إذا ما أحَبّ الرّكْبُ وَجهاً مَضَوْا لهُ | فَهانَ عَلَيْهِمْ أنْ تَخُبّ رِكَابُ |
عَرُوبٌ ألاحَتْ من أعارِيبٍ حِلّة ٍ، | تَجَاوَبُ فِيهَا بِالصّهيلِ عِرَابُ |
غيارَى من الطّيفِ المعاودِ في الكرَى ، | مشيحونَ من رجمِ الظُّنونِ غضابُ |
وماذا عليهَا أنْ يسنّيَ وصلَهَا | طَعانٌ، فإنْ لمْ يُغْنِينَا، فَضِرابُ |
ألَمْ تَدْرِ أنّا لا نَرَاحُ لِرَبيبَة ٍ، | إذا لَمْ يُلَمَّعْ بالنّجِيع خِضَابُ |
وَلاَ نَنْشَقُ العِطْرَ النَّمُومَ أرِيجُهُ، | إذا لمْ يِشَعْشَعْ بالعَجاجِ مَلابُ |
وكمْ راسلَ الغيرانُ يهدي وعيدَه، | فَمَا رَاعَهُ إلاّ الطُّرُوقَ جَوَابُ |
ولمْ يثنِنَا أنّ الرّبابَ عقيلة ٌ، | تَسَانَدُ سَعْدٌ دُونَهَا وَرِبَابُ |
وأنْ ركزَتْ حولَ الخدورِ أسنّة ٌ، | وَحَفّتْ بِقُبّ السُابِحاتِ قِبَابُ |
وَلَوْ نَذَرَ الحَيّانِ، غِبَّ السُّرَى ، بنا | لَكَرّتْ عُظالى ، أوْ لَعَادَ كُلابُ |
وَلَيْلَة َ وَافَتْنَا تَهَادَى فَنَمْتَرِي، | أيسمُو حبابٌ، أو يسيبُ حبابُ؟ |
يُعَذّبُها عَضّ السّوَارِ بِمِعْصَمٍ، | أبانَ لهَا أنّ النّعيمَ عذابُ |
لأبرَحْتُ من شيحانَ، حطّ لثامُهُ، | إلى خَفَرٍ مَا حُطّ عَنْهُ نِقَابُ |
ثَوَى مِنْهُمَا ثِنَى النّجادِ مِشَيَّعٌ، | نجيدٌ، وميلاءُ الوشاحِ كعابُ |
يُعَلَّلُ مِنْ إغْرِيضِ ثَغْرٍ، يَعُلهُ | غَرِيضٌ كمَاء المُزْنِ، وَهوَ رُضَابُ |
إلى أن بَدَتْ في دُهْمَة ِ الأفقِ غُرَّة ٌ، | ونفّرَ، من جنحِ الظّلامِ، غرابُ |
وقد كادتِ الجوزاءُ تهوي فخلتُها | ثنَاهَا، من الشِّعرَى العبورِ، جنابُ |
كأنّ الثّرَيّا رَاية ٌ مُشْرِعٌ لَهَا | جبانٌ، يريدُ الطّعنَ، ثمّ يهابُ |
كأنّ سهيلاً، في رباوة ِ أفقهِ، | مُسِيمُ نُجُوم، حَانَ مِنْهُ إيَابُ |
كأنّ السُّهَا فَاني الحُشَاشَة ِ، شَفَّهُ | ضنى ً، فخفاتٌ مرّة ً ومثابُ |
كأنّ الصباحَ استقبسَ الشّمسَ نَارَها، | فجاء لهُ، من مشترِيهِ، شهابُ |
كأنّ إياة َ الشّمسِ بشرِ بنِ جهورٍ، | إذا بذَلَ الأموَالَ، وهيَ رغابُ |
هوَ البشرُ، شمنا منهُ برقَ غمامة ٍ | لَها باللُّهَا، في المُعْتَفِينَ، مَصَابُ |
جوادٌ متى استعجلْتَ أولى هباتِهِ | كَفَاكَ مِنَ البَحْرِ الخِضَمِّ عُبَابُ |
غَنيٌّ، عَنِ الإبْساسِ، دَرُّ نَوَالِه، | إذا استَنزَلَ الدَّرَّ البَكيءَ عِصَابُ |
إذا حسبَ النَّيلَ الزّهيدَ منيلُهُ، | فمَا لعطايَاهُ الحسابِ حسابُ |
عَطَايَا، يُصِيبُ الحاسِدونَ بحَمْدِه | عَلَيْها، وَلَمْ يُحْبِوْا بها فَيُحَابُوا |
موطَّأُ أكنافِ السّماحِ، دنَتْ بهِ | خَلائِقُ زُهْرٌ، إذْ أنَافَ نِصَابُ |
فزُرْهُ تزُرْ أكْنافَ غنّاءَ طلّة ٍ، | أربّتْ بهَا للمكرمَاتِ ربَابُ |
زعيمُ المساعي أنْ تلينَ شدائدٌ | يُمَارِسُها، أوْ أنْ تَلِينَ صِعَابُ |
مَهِيبٌ يِغَضّ الطَّرْفُ مِنْهُ لآذِنٍ، | مهابَتُهُ دونَ الحجابِ حجابُ |
لأبلَجَ موفورِ الجلالِ، إذا احتَبَى ، | علا نظرٌ منهُ وعزّ خطابُ |
وَذِي تُدَرإ، يَعدُو العِدا عن قِرَعِهِ، | غلابٌ، فمهمَا عزّهُ، فخلابُ |
إذا هوَ أمضَى العزمَ لم يكُ هفوة ً، | يُؤثِّرُ عَنْها، في الأنَامِلِ، نَابُ |
عَزَائِمُ يَنْصَاعُ العِدَا عَنْ مُمَرّهَا، | كمَا رُهِبْتَ يَوْمَ النّضَالِ رِهَابُ |
صَوَائِبُ، رِيشُ النّصْرِ في جَنَبَاتِها | لؤامٌ، وريشُ الطائشاتِ لغابُ |
حليمٌ، تلافَى الجاهلِينَ أناتُهُ، | إذِ الحلمُ عن بعضِ الذّنوبِ عقابُ |
إذا عَثَرَ الجاني عَفَا عَفْوَ حَافِظٍ، | بنعمى لهَا في المذنبِينَ ذنابُ |
شَهَامَة ُ نَفْسٍ في سَلامة ِ مَذْهَبٍ، | كما الماءُ للرّاحِ الشُّمولِ قطابُ |
بَني جَهوَرٍ! مهما فخَرْتُمْ بِأوّلٍ، | فسرٌّ منَ المجدِ التّليدِ لباب |
حَطَطتم بحيثُ اسلَنطحتْ ساحة ُ العلا، | وأوْفَتْ لأخطارِ السّناء هضابُ |
بكمْ باهَتِ الأرضُ السّماءَ، فأوجُهٌ | شموسٌ، وأيدٍ، في المحولِ، سحابُ |
أشارِحَ معنى المجدِ وهوَ معمَّسٌ، | وعامرَ مغنى الحمدِ وهوَ خرابُ |
مُحَيّاكَ بَدْرٌ، وَالبُدُورُ أهلَّة ٌ، | ويُمْنَاكَ بَحْرٌ، وَالبُحورُ ثِعابُ |
رَأيْتُكَ جارَاكَ الوَرَى ، فغلَبَتْهُمْ، | لِذَلِكَ جَرْيُ المُذْكِياتِ غِلابُ |
فقرّتْ بهَا، من أوليائكَ، أعينٌ | وَذَلْتْ لَها، مِنْ حاسِديكَ، رِقابُ |
فتحْتَ المُنى ، منْ بعدِ إلهامنا بها، | وَقَدْ ضَاعَ إقْلِيدٌ وَأُبْهِمَ بَابُ |
مددتَ ظلالَ الأمنِ، تخضرّ تحتَها، | من العيشِ في أعْذى البقاعِن شعابُ |
حمى ً، سالَمتْ فيه البغاثَ جوارحٌ، | وَكَفّتْ، عَنِ البَهمِ الرِّتاعِ، ذئابُ |
فلا زِلتَ تَسعى سَعيَ مَن حَظُّ سَعيهِ | نَجاحٌ، وحظُّ الشّانِئِيهِ تَبَابُ |
فَإنّكَ للدِّينِ الشَّعِيبِ لَمِلأمٌ؛ | وإنّكَ للملكِ الثَّئي لرئابُ |
إذا معشرٌ ألهاهُمُ جلساؤهُمْ، | فَلَهْوُكَ ذِكْرٌ، وَالجَلِيسُ كتابُ |
نِعَزّيكَ عن شهرِ الصّيامِ الذي انقضى ، | فإنّكَ مَفْجُوعٌ بِهِ فَمُصَابُ |
هوَ الزَّوْرُ لوْ تعطى المُنى وضعَ العصَا | ليزدادَ، منْ حسنِ الثّوابِ، مثابُ |
شَهِدْتُ، لأدّى منكَ وَاجِبٌ فَرْضِهِ | عَلِيمٌ بِما يُرْضِي الإلَهَ، نِقَابُ |
وجاوَرْتَ بيتَ اللهِ أنساً بمعشرٍ، | خشوهُ، فخرّوا ركّعاً وأنابوُا |
لَقَدْ جَدّ إخْبَاتٌ، وَحَقَّ تَبَتّلٌ، | وبالغَ إخلاصٌ، وصحّ متابُ |
سيخلدُ في الدّنْيَا بهِ لكَ مفخرٌ، | وَيَحْسُنُ في دارِ الخُلُودِ مَآبُ |
وَبُشْرَاكَ أعيادٌ، سَيَنْمي اطّرَادُهَا، | كما اطّردَتْ في السّمهرِيّ كعابُ |
ترى منكَ سروَ الملكِ في قشفِ التّقى | فيبرُقُها مرأى هنكَ عجابُ |
فأبْلِ وَأخْلِف، إنّمَا أنْتَ لابِسٌ | لهذي اللّيالي الغرّ، وهيَ ثيابُ |
فديتُكَ كمْ ألقَى الفواغرَ من عداً، | قراهُمْ، لنيرانِ الفسادِ، ثقابُ |
عَفَا عنهُم قَدرِي الرّفيعُ، فأهْجَرُوا، | وَبَايَنَهُمْ خُلقي الجَميلُ، فَعَابُوا |
وقد تسمعُ اللّيثَ اجحاشُ نهيقَها، | وتعلي إلى البدْرِ النّباحَ كلابُ |
إذا رَاقَ حُسنُ الرّوْضِ أوْ فاحَ طيبُهُ | فَما ضَرّهُ أنْ طَنّ فِيهِ ذُبَابُ |
فَلا بَرِحَتْ تِلْكَ الضّغائِنُ، إنّها | أفاعٍ، لها، بينَ الضّلوعِ، لصابُ |
يَقُولُونَ شَرِّقْ، أوْ فَغَرّبْ صَرِيمة ً | إلى حيثُ آمالُ النّفوسِ نهابُ |
فأنْتَ الحسامُ العضْبُ أصدئ متنُهُ | وعطّلَ منْهُ مضربٌ وذبابُ |
وَمَا السّيفُ مِمّا يُستبَانُ مَضاؤهُ، | إذا حازَ جَفْنٌ حَدَّهُ، وَقِرابُ |
وإنّ الذي أمَّلتُ كدّرَ صفْوُهُ، | فأضْحَى الرّضَا بالسّخطِ منهُ يشابُ |
وَقَدْ أخْلَفَتْ ممّا ظَنَنتُ مَخايِلٌ؛ | وَقَدْ صَفِرَتْ مِمّا رَجَوْتُ وِطَابُ |
فَمَنْ لي بسُلْطانٍ مُبِينٍ عَلَيْهِمُ، | إذا لجّ بالخصْمِ الألدّ شغابُ |
ليُخْزِهِمْ إنْ لَمْ تَرِدْنيَ نَبْوَة ٌ، | يُساء الفَتى مِنْ مِثْلِها وَيُرَابُ |
فَقَدْ تَتَغَشّى صَفحة َ الماء كُدْرَة ٌ، | ويغطُو على ضوء النَّهارِ ضبابُ |
سرورُ الغِنى ، ما لم يكن منك، حسرة ٌ، | وَأرْيُ المُنى ، ما لم تُنَلْ بك، صَابُ |
وإنْ يكُ في أهلِ الزّمانِ مؤمَّلٌ، | فأنْتَ الشَّرابُ العذبُ، وهوَ سرابُ |
أيُعْوِرُ، من جارِ السِّماكَينِ، جانِبٌ، | وَيُمْعِزُ، في ظلّ الرّبيعِ، جَنَابُ؟ |
فأينَ ثَنَاءٌ يَهْرَمُ الدّهْرُ كِبْرَة ً، | وحليتُهُ، في الغابرينَ، شبابُ؟ |
سأبكي على حظّي لَدَيكَ، كَما بَكَى | رَبِيعَة ُ لمّا ضَلّ عَنهُ دُؤابُ |
وَأشكُو نُبوّ الجَنبِ عن كلّ مَضْجَعٍ، | كمَا يَتَجَافَى بِالأسيرِ ظِرَابُ |
فثقْ بهزبرِ الشّعرِ واصفح عن الورَى ، | فَإنّهُمُ، إلاّ الأقَلَّ، ذُبَابُ |
ولا تعدلِ المثنينَبي، فأنا الّذي | إذا حضرَ العقمُ الشّواردُ غابُوا |
ينوبُ عنِ المدّاحِ منّيَ واحدٌ، | جَميعُ الخِصَالِ، ليسَ عنهُ مَنابُ |
وردْتُ معينَ الطّبعِ، إذ ذيدَ دونَهُ | أُناسٌ، لهُمْ في حَجْرَتَيهِ لُوَابُ |
وَنَجّدَني عِلْمٌ تَوَالَتْ فُنُونُهُ، | كمَا يتوَالى في النّظامِ سخابُ |
فعُدْ بِيَدٍ بَيْضاء يَصْدَعُ صِدْقِها، | فإنّ أرَاجِيفَ العُداة ِ كِذَابُ |
وحاشاكَ منْ أنْ تستمرّ مريرة ٌ، | لعَهْدِكَ، أوْ يَخفَى عَليك صَوَابُ |