أرشيف المقالات

التمسك بالجماعة

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
التمسك بالجماعة


التمسُّك بالجماعة واجب، ولا جماعةَ إلا بإمام، ويُطاع إمام المسلمين بطاعةِ الله.
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء:59]، وقولُهُ: ﴿ مِنْكُمْ ﴾ يعني: مِنَ المسلمينَ، فلا تَصِحُّ إمامةُ كافرٍ، ولا بَيْعَتُهُ.
 
ولا تجبُ طاعة ولي الأمر إلَّا بما تَستقِيمُ به دنيا الناسِ لا دُنياه.
وإنْ لم يَكُنْ وَلِيُّ الأمرِ عَالِمًا، اتَّخَذَ عالمًا لِيستَقِيمَ أمرُ الدِّينِ والدنيا، ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ [النساء:83]؛ ولا يَستَنْبِطُ إلَّا عالمٌ.
 
ولا يَنأى العالمُ بِنَفْسِهِ عَنْ شأنِ الناسِ، وصالحِ أَمْرِهِمْ، ومن الخطأ أن يسأل الله أن يصلح أحوال الناس دون أن يسعى في إصلاح أحوالهم بما يستطيع، فهذا من مذهب الجبرية الذين ينفون عن الناس المشيئة والقدرة، ولم يكن السلف الصالح يكتفون بالدعاء لرفع البلاء وهم قادرون على العمل بأسباب رفع البلاء، بل يدعون الله ويعملون بالأسباب، ويبادرون بالخير ويتوكلون على الله، فهم مفاتيح خير مغاليق شر.
 
وزُهْدُ العالم محمودٌ في الدنيا إذا كانتْ لِـحَظِّ نفسِهِ، وزُهْدُه في حَظِّ الناسِ في دُنْيَاهُمْ غيرُ محمودٍ؛ فلْيَنْتَصِرْ للمظلومِ ولو بِدِرْهَمٍ، ولْيَسْتَطْعِمْ للجائعِ ولو بِتَمْرةٍ؛ لأنَّ للعَالِـمِ وِلَايَةً، وإصلاحُ دنيا الناسِ بابٌ لإصلاحِ دِينِهِمْ؛ فالنبيُّ صلى الله عليه وسلم لم يَرْفَعْ رَأْسَهُ لكنوزِ الدنيا، ومع ذلكَ كان يَنتصِرُ للمظلوم ولو في دراهمَ يَسِيرَةٍ.
 
والجِهَادُ ماضٍ إلى قِيَامِ الساعةِ؛ لا يُرْفَعُ حكمُهُ مِنَ الأرضِ يومًا ما بَقِيَ القرآنُ؛ ففي صحيحِ مسلم عن جابرٍ قال صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
 
ولا يُشْتَرَطُ لجهادِ الدَّفْعِ إذنُ الإمامٍ، وهو واجبٌ ولو كانَ لدفعٍ عَنْ عِرْضٍ، أو نَفْسٍ، أو مالٍ؛ ففي سُّنَنِ الترمذي عن سعيد بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ، أَوْ دُونَ دَمِهِ، أَوْ دُونَ دِينِهِ، فَهُوَ شَهِيدٌ".
 
ويَجِبُ دَفْعُ الصائلِ على العِرْضِ والنَّفْسِ والمالِ، مُشْرِكًا كان الصائِلُ أو مسلمًا، ففي سنن النَّسَائيِّ بسند حسن عن قابوسٍ بن مخارق عن أبيهِ قال: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: الرَّجُلُ يَأْتِينِي يُرِيدُ مَالِي؟ قَالَ: "ذَكِّرْهُ بِاللهِ"، قَالَ: فَإِنْ لـَمْ يَذَّكَّرْ؟ قَالَ: "فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَنْ حَوْلَكَ مِنَ الـمُسْلِمِينَ"، قَالَ: فَإِنْ لـَمْ يَكُنْ حَوْلِي أَحَدٌ مِنَ الـمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: "فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ السُّلْطَانَ"، قَالَ: فَإِنْ نَأَى السُّلْطَانُ عَنِّي؟ قَالَ: "قَاتِلْ دُونَ مَالِكَ؛ حَتَّى تَكُونَ مِنْ شُهَدَاءِ الآخِرَةِ، أَوْ تَمْنَعَ مَالَكَ".
 
وتَجِبُ في جهادِ الطَّلَبِ النِّيَّةُ لإعلاءِ كَلِمَةِ اللهِ؛ ففي الصحيحِين عن أبي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ أنَّ رَجُلًا أعرابيًّا أَتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُذْكَرَ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ؛ فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ أَعْلَى، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ".
 
وتجبُ طاعةُ الإمامِ في الجهاد في المنشط والمكره، والسمع والطاعة له فيِ غير معصيةِ اللهِ؛ ففي الصحيحِين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللهَ، وَمَنْ أَطَاعَ أَمِيرِي فَقَدْ أَطَاعَنِي، وَمَنْ عَصَى أَمِيرِي فَقَدْ عَصَانِي".

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣