أبادَ حياتي الموتُ إن كنتُ ساليا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أبادَ حياتي الموتُ إن كنتُ ساليا | وأنتَ مقيمٌ في قيودكَ عانيا |
وإنْ لمْ أُبارِ المُزْنِ قطرا بأدمعٍ | عليكَ فلا سُقيتُ منها الغواديا |
تعريتُ من قلبي الذي كان ضاحكاً | فما ألْبَسُ الأجْفانَ إلا بواكيا |
وما فرحي يومَ المسرّة ِ طائعاً | ولا حَزَني يوْمَ المساءَة ِ عاصيا |
وهل أنا إلاّ سائلٌ عنك سامعٌ | أحاديثَ تبْكي بالنّجِيع المعاليا |
قيُودُكَ صيغتْ من حديدٍ ولم تكنْ | لأهلِ الخطايا منك إلا أياديا |
تعينك من غير اقتراحك نعمة ٌ | فتقطعُ بالابراقِ فينا اللياليا |
كشفتَ لها ساقاً وكنتَ لكشفها | تحزّ الهوادي أو تجزّ النواصيا |
وقفنَ ثقالاً لم تُتِحْ لط مشية ً | كأنَّك لم تُجْرِ الجفاف المذاكيا |
قعاقع دُهمٍ أسهرتكَ وطالما | أنامتْكَ بِيضٌ أسْمرَتْكَ الأغانيا |
و ماكنتُ أخشى أن يقال: محمدٌ | يميلُ عليه صائب الدهر قاسيا |
حسامُ كفاحٍ باتَ في السجن مغمدا | وأصبحَ من حليِ الرياسة ِ عاريا |
وليث حروب فيه أعدوا برقِّه | وقد كان مقداماً على الليث عاديا |
فيا جَبَلاً هَدّ الزمانُ هضابَهُ | أما كنتَ بالتمكين في العزّ راسيا |
قُصِرَتَ ولمّا تقضِ حاجتِكَ التي | جرى الدهر فيها راجلاً لك حافيا |
وقد يعقلُ الأبطالَ خَوْفُ صيالها | ويُحكمُ تثقيف الأسودِ ضواريا |
أقولُ وإني مُهْطِعٌ خوفَ صيحة ٍ | يُجيبُ بها كلٌّ إلى الله داعيا |
أسَيْرَ جبالٍ وانْتشارَ كواكبٍ | دنا من شروط الحشر ما كان آتيا |
كأنَّكَ لم تجعل قناك مَراودا | تَشُقُّ من الليل البهيم مآقيا |
ولم تزد الإظلام بالنقع ظلمة ً | إذا بَيّضَ الإصباحُ منه حواشيا |
ولم تثن ماء البيض بالضرب آجناً | إذا صُبّ في الهيجا على الهام صافيا |
ولم تُصْدِرِ الإلالَ نواهلاً | إذا ورَدَتْ ماءَ النحور صوافيا |
وخيلٍ عليها كلّ رامٍ بنفسه | رضاكَ إذا ما كنتَ بالموت راضيا |
وقد لبسوا الغدْرانَ وهي تموجّتْ | دروعاً وسلُّوا المرهفات سواقيا |
وكم من طغاة ٍ قد أخذتَ نفوسهمْ | وأبقيتَ منهم في الصدور العواليا |
بمعترك بالضرب والطَّعن جُرْدهُ | تمرّ على صرْعى العوادي عواديا |
مضى ذاك أيام السرور وأقبلتْ | مناقِضَة ً من بعده هي ما هيا |
إذِ المُلْكُ يمضي فيه أمرك بالهدى | كما أعلمت يمناك في الضرب ماضيا |
وإذ أنْتَ محجوبُ السرادق لم يكن | له كلماتُ الدهر إلاّ تهانيا |
أمرٌ بأبوابِ القصور وأغتدي | لمن بانَ عنها في الضمير مناجيا |
وأنشد لا ما كنت فيهنّ منشدا | «ألا حيّ بالزُّرْق الرسوم الخواليا» |
وأدعو بينها سيّدا بعد سيّدٍ | ومن بعدهم أصبحتُ همّاً مواليا |
وأحداث آثار إذا ما غشيتُها | فَجَرتُ عليها أدمعي والقوافيا |
مضيتَ حميدا كالغمامة ِ أقشعَتْ | وقد ألْبَسَتْ وشْيَ الربيع المغانيا |
سأدمي جفوني بالسهاد عقوبة ً | إذا وقفت عنك الدموعَ الجواريا |
وأمنعُ نفسي من حياة ٍ هنيئة ٍ | لأنّكَ حيٌّ تستحقُّ المراثيا |