أيا خلجَ المدامع لا تغيضي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أيا خلجَ المدامع لا تغيضي | وذوبي غيرَ جامدة ٍ وفيضي |
فقد قُلبَ التأسي بالرزايا | أسى ً ملأ التراقي بالجريض |
أراكَ على الرّحيلِ بأرْضِ مَحْلٍ | فقيرَ الرّحْلِ من زادٍ عريض |
فدع أشرَ الجموح وكنْ ذليلاً | لعزِّ الله كالعودِ المروضِ |
فلستَ مُنَعَّماً بيدَيْ حبيبٍ | ولا بِمُعذَّبٍ بيدي بغيض |
وأشقى الناس في الأخرى ابن دنيا | يقول لنفسه في الغيِّ خوضي |
أما شَرَحَتْ له عِبَرُ الليالي | معانيَ بعدَ مُلتبسِ الغموض |
وناحتْ هذه الدّنْيا عليه | فظنّ نياحها شدوَ القريض |
فلا يغترّ بالحدثانِ غمرٌ | لذيذُ النوم في طرفٍ غضيضِ |
فقد يُصْمي الرّدى في الوكر فرخاً | فَيَرْتَعُ منه في لحمٍ غريض |
وَيُبْلِي غَيْرَ مُسْتَبُقٍ حَيَاة ً | لقشعمِ شاهقٍ ميتِ النهوضِ |
ويُلحِمهُ ابنهُ ما اختار نهساً | بمنسرهِ المدمى من أنيضِ |
وساعاتُ الفَتى سُودٌ وَبِيضٌ | ترحِّلُ سودَ لمتهِ ببيضِ |
يذوقُ المرءُ في محياهُ موتاً | جُفوفَ الزّهْرِ في الروض الأريض |
وأشراكُ الرّدى في الغيب تخفى | كما يخفينَ في تربِ الحضيض |
عجبتُ لجَمْعِهِ فيهنّ صَيْدا | بها بين القشاعم والبَعوض |
رأيتُ الخلقَ مرضى لا يُداوى | لهم كلبٌ من الزمن العضوضِ |
ولا آسٍ لهم إلاّ مريضٌ | فهل يُجْدِي المريضُ على المريض |
يواصلُ فيهم فتكُ ابن آوى | وهم في غفلة ِ البهمِ الربيضِ |
وما ينجو امرؤ من قبضتيه | يُدِلّ يسبق مُنجَرِدٍ قبيض |
وقالوا الزكرميّ أُذيقَ كأساً | يحولُ بها الجريضُ عن القريضِ |
فقدتمْ في المعلى كبرَ حظٍّ | له بالفائزين نَدَى مُفِيض |
يطيرُ به جناحُ الطبع سبقاً | من الإحسان في جوٍّ عريض |
ولو مُزجتْ حلاوتهُ بنفطٍ | لَسَاغَ وَجَلّ عن خَصَرِ الفضيض |
لقد عَدِمَ المعمّى منه فكّاً | ومات لموته عِلمُ العروضِ |
أبا حفصٍ تركت بكلّ حَزْنٍ | عليكَ الفضلَ ذا قلبٍ مهيضِ |
يُروي الله ترباً نمتَ فيه | فباكي المُزْنِ مُبْتَسِمُ الوميض |
فقد أبقيتَ ألسنة َ البرايا | بفخركَ في حديثٍ مستفيضِ |