هذا أنا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
...ما لي أطاوع قلبي وهو يدفعني | إلى حياض الردى والعقل ينهاني؟! |
...إنّي سئمت فقلبي كلما ضحكت | لي الحياةُ بطيب العيش أبكاني! |
...هذا أنا..أسكب الألحان من شفتي | وليس يسعدني شدوي بألحاني |
...وأمتطي من أحاديث الدجى لغةً | تطوف بي في فضاء العالم الثاني |
...يحاول القلب أن ينأى بصومعةٍ | عن الحياة فقد أشقته أحزاني |
...والليل يرسم في عينيّ أخيلةً | يشفّها من أحاديثي وأشجاني |
...كأنّ عينيّ في أجفانها شَرَكٌ | والنوم طيرٌ رأى ما بين أجفاني |
...هذا أنا..أشعل الأبيات، في لغتي | نارٌ قبَست لها من نور إيماني |
...هذا أنا..أنتقي للناس فاكهةً | من سلّةٍ ذات أشكالٍ وألوان |
...وأقطف الورد من أغصان دوحته | فلا تدلّى بغير الورد أغصاني |
...كأنّني نسمةٌ في الفجر قد عبقت | أو بسمةٌ قد حواها ثغر نيسان |
...أو أنّني نبضةٌ في القلب قد خفقت | يضمّها في الحنايا صدر إنسان |
...لكنّني في زمانٍ كلما زرعت | أناملي أنكروا وردي وريحاني |
...هذا أنا.قد كسوت الناس من حللي | لكنّ ثوبي من الأحزان أكفاني |
...وضقت ذرعا بأرجائي التي وسعت | من يملؤون بزرع الشوك ودياني |
...من أين أبدأ تمزيق الدجى؟ فأنا | نورٌ كليلٌ وليل الهمّ أضواني |
...وكيف أزرع بيدائي وقد يبست | كفّي من الغرس والرمضاءُ ميداني |
...إذا تخاصم أهل الحب في وطنٍ | كتبت في دفتري نهجي وعنواني: |
((بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا | بالرقمتين،وبالفسطاط جيراني |
...وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ | عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني)) |
(*)البيتان الأخيران لأبي تمام |