رأيتُ الذي قدْ جاءَ من أرضِ بابلٍ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
رأيتُ الذي قدْ جاءَ من أرضِ بابلٍ | بعلمٍ صحيحٍ للهوى غيرِ قابلِ |
فقلتُ له أهلاً وسهلاً ومَرحباً | فردَّ بتأهيلٍ على كلِّ آهلِ |
ألا إنَّ شرَّ الناسِ من كان أعزبا | وإنْ كان بين الناس جمَّ الفضائلِ |
وما في عبادِ الله من هو أعزب | فيا جاهلاً لم تخل مني بطائل |
تأملْ وجودَ الأصل إذ شاء كوننا | فهلْ كنتَ إلا بينَ قولٍ وقائلِ |
فقال لشيءٍ كُن فكان لحينه | عن أمر إله بالطبيعة ِ فاعل |
فأرضعني حولين جوداً ومنَّة ً | تماماً لكي أربى على كلِّ كاملِ |
فثنى ولمْ يفردْ فعمَّ وجودنا | بحوليه جوداً كلَّ عالٍ وسافلِ |
وفاطمتي ما كانتْ إلا طبيعتي | لآخذَ عنه العلمَ من غيرِ حائلِ |
لقدْ فطمتني والهوى حاكمٌ لها | عليَّ بحبٍّ ثابتٍ غيرِ زائلِ |
فما ثمَّ إلا عاشقُ عينِ ذاتهِ | عموماً وتخصيصاً لدى كلِّ عاقلِ |
فلوْ لمْ يكنْ لي شاهدٌ غيرَ نشأتي | على الصورة ِ المثلى كفاني لسائلِ |
بها أقبل الأسماء منه تحققاً | ويقبل آسمائي حكومة َ عادلِ |
إذا هو ناداني فتى فأجبتُه | به عند فصلِ واصلٍ غيرَ فاصل |
لقد قسم الرحمن بيني وبينه | صلاة ً على رغمِ الأنوفِ الأوائلِ |
فقمتُ بها والعلمُ يشهدُ أنني | بها بين مفضولٍ يقومُ وفاضل |
فقال وقلنا والخطوبُ كثيرة ٌ | فأسمنني شرَّ الخطوبِ النوازِلِ |
وما قسمَ الرحمنُ إلا كلامَهُ | فنحكي وما يتلى بعيرِ المقاتلِ |
بذا جاءَ لفظُ العبدِ فيها لأنهُ | غيورٌ فينفي عنهُ جدَّ المماثلِ |
كما جاءَ في الشورى وفيهِ تنبهٌ | لكلِّ لبيبٍ في المحاضر واصل |
تمنيت منه أن أفوز بقربه | فقالَ تمنَّ حكمهُ غيرَ حاصلِ |
ومن يقتربْ منه يجد غيرَ نفسه | وليس أخو علم بأمرٍ كجاهل |
ولو علمَ الرآؤون ماذا يرونه | وفيما رأوه لم يفوزوا بنائل |
ولكنها الأوهامُ لمْ تخلُ فيهمُ | بأحكامها ما بينَ بادٍ وآفلِ |
فيعطيكَ زهداً بالأفولِ ورغبة ً | إذا هي تبدو ناجزاً غير آجل |
تحفظ فإنَّ الوهم مدَّ شِباكه | وما يبتغي غيرَ النفوسِ الغوافلِ |
فلا تطعمنْ في الحبِّ فهوَ خديعة ٌ | أراكَ لتمشي في حبالة ِ حابِ |
لذلك كان الزهد أشرفَ حلية ٍ | تحلَّى بها قلبُ الشجاعِ المناضل |