خُذْها فصبغُ الظلامِ قد نَصَلا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خُذْها فصبغُ الظلامِ قد نَصَلا | وذيْلُهُ بالسَّنا قَدِ اشْتَعلا |
وأُقحوانُ الرُّبى بَدا سَحَراً | وأُقحوانُ النجومِ قَدْ ذبُلا |
و الوردُ مثلُ الخدودِ قد دميتْ | من نرجسٍ حدقتْ لها المقلا |
يسقيكَ مِنْ كاسِهِ وناظِرِهِ | دراً بكاسيْ صبابة ٍ وطلا |
تختدعُ السكرَ مُقلتاهُ فإن | نبَتْ به الكاسُ كان مستحلا |
إن وَعَدَ الوصلَ سينُ طرَّته | قرأتُ في عارضيه لفظة َ لا |
أيدَ حبي كتابُ عارضهِ | كذلكَ الكتبُ تعضدُ المللا |
لا تعذلوني على محبتهِ | فسيفُ عينيْهِ يسبِقُ العَذَلا |
مسلطٌ لا أذمُّ قدرتهُ | وظالِمٌ أشكرُ الذي فَعَلا |
وباخِلٌ بالنَّوالِ عادَتُهُ | قد عَلّمَتْني بحبّه البَخَلا |
فهاتها واسقني براحتهِ | و طاوعِ اللهوَ واعصِ من عذلا |
راحٌ يزين الحبابُ حمرتها | كما يزينُ التبسمُ الخجلا |
يقلِّدُ الماءُ جِيدَها دُرراً | ينهبها الشربُ بينهم نقلا |
إن جَدَّدَتْ بالمزاجِ حِلْيتها | جددتَ شُرباً يسومُها العَطَلا |
حاكمُها يظلِمُ العقولَ ولا | تصلحُ حالُ النفوس إنْ عدلا |
نجمٌ لليلِ الهمومِ أكثرُ ما | يكشِفُ تلك الدُّجى إذا أفلا |
قلوبهمْ في جنى النعيمِ بها | و إن بدتْ في وجوههم شعلا |
قد ينتجُ الضدُّ ضدهُ وإذا | شِئتَ فجُودَ الوزيرِ خُذْ مثلا |
رفيعني حظّه الحِمام كما | قد صانَ وجهي بكلِّ ما بذلا |
يأتي بلا موعدٍ نداهُ فلو | كان كلاماً لكانَ مرتجلا |
لَوِ اكْتَفى ساطِياً بهيبَتِهِ | كفَتْهُ بِيضَ السيوفِ والأسلا |
أو لمْ ينلْ غيرَ بشرهِ صلة ً | أرْضَى بها كلَّ سائِلٍ سألا |
يقترعُ البحرُ والغمامَة ُ مَنْ | أدناهُما من سماحِهِ سُبُلا |
تاللهِ ما شرفَ السحابَ سوى | أن ضربوها لجودِهِ مَثَلا |
ولا بِلُجِّ البِحارِ من كرمٍ | إلاّ جوارٌ بدارهِ اتصلا |
كأنَّ جدوى يديه مأدبة ٌ | دعا إليها ببشرهِ الجفلى |
للنفعِ والضُّرِّ عندَهُ شِيَمٌ | أمرَّ فيها لطاعمٍ وحلا |
كأنما طعمُ عادتيه هوى | بَرَّحَ فِيها العتاب والقبلا |
لابن خلاصٍ محمّدٍ هي تهدى | فَقَد حَكَتْ مدحَهُ غزلا |
فاقتْ بهِ سبتة ُ البلادَ كما | دولة ُ يحيى قد فاقتِ الدولا |
واعتدل الدهرُ حينَ حلَّ بها | فكان شمساً وكانَتِ الحمَلا |
أحبهُ الناسُ دونَ مختلفٍ | كما أحبّوا الشّبابَ مُقتَبلا |
أجني بهِ زخرفَ المعيشة إذ | لم يُبْقِ لي جودُ كفِّهِ أملا |
بلغهُ اللهُ في الكمالِ مدى | إليه تصبو الورى وقدْ فعلا |