تَوَقّعي أنْ يُقالَ قَدْ ظَعَنَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
تَوَقّعي أنْ يُقالَ قَدْ ظَعَنَا | ما أنت لي منزلاً ولا سكنا |
يا دارُ قَلّ الصّديقُ فيكِ، فَما | أحُسّ وِدّاً، وَلا أرَى سَكَنَا |
ماليَ مثل المذود عن أربي | ولي عُرام يجرّني الرسنا |
ألِينُ عَنْ ذِلّة ٍ، وَمِثْليَ مَنْ | وَلّى المَقاديرَ جَانِباً خَشِنَا |
مُعَطِّلاً، بَعْدَ طُولِ مَلْبَثِهِ | منازلاً قد عمَرتُها زمنا |
تَلعَبُ بي النّائِبَاتُ وَاغِلَة ً | كما تهز الزعازع الغصنا |
أيقظن مني مهنداً ذكراً | إلى المعالي وسائقاً أرنا |
كيف يهاب الحمام منصلت | مُذْ خافَ غَدْرَ الزّمانِ ما أمِنَا |
لم يلبث الثوب من توقّعه | الأمر إلا وظنه كفنا |
أعطشه الدهر من مطالبه | فَرَاحَ يَستَمطِرُ القَنَا اللُّدُنَا |
لي مُهجَة ٌ لا أرَى لهَا عِوَضاً | غير بلوغ العلى ولا ثمنا |
وَكَيفَ تَرْجو البَقاءَ نَفسُ فتًى | وَدأبُهَا أنْ تُضَعضِعَ البَدَنَا |
فيمَا مُقامي عَلى مُعَطَّلَة ٍ | رُنّق لي ماؤها وقد أجنا |
أكرّ طرفي فلا أرى أحداً | إلا مغيظاً عليَّ مضطغنا |
يُنبِضُ لي مِنْ لِسَانِهِ أبَداً | نِصَالَ ذَمٍّ تُمَزّقُ الجُنَنَا |
وكل مستنفر ترائبه | تحمل ضبّاً عليَّ قد كمنا |
إن مرَّ بي لم أعج به بصراً | أوْ قَالَ لي لمْ أُمِلْ لَهُ أُذُنَا |
من معشرٍ أظهروا الشجاعة في | الشّجاعة َ في البخـ |
ـلِ، وَعندَ المَكَارِمِ الجُبُنَا | قد شغلوا بالمعايب الفطنا |
يَستَحقِبُونَ المَلامَ إنْ رَكِبوا | وَيَحمِلُونَ الظّنونَ وَالظِّنَنَا |
نحن أسود الوغى إذا قصفت الط | ـنُ قَنَا الخطّ في جَوَانِبِنَا |
مُلْتَفُّ أعْيَاصِنَا إلى مُضَرٍ | أمَرَّ عِيدانَنَا لعَاجِمِنَا |
نَجُرّ ما شِئْتَ مِنْ لِسَانِ فتًى | إن هدرت ساعة شقاشقنا |
إنّ أبانا الذي سمعت به | أسّسَ في هَضْبَة ِ العُلى وَبَنَى |
مَا ضَرّنَا أنّنَا بِلا جِدَة ٍ | والبيت والركن والمقام لنا |
وهمة في العلاء لازمة | تُلزم صمّ الرماح أيدينا |
طِلابُنَا المَجْدَ مِنْ ذَوَائِبِهِ | روَّحنا بعد أن أضربنا |
نَأخُذُ مِنْ جُمّة ِ العُلَى أبَداً | ما أخذَ الضّرْبُ من جَماجِمِنَا |
سَوْفَ تَرَى أنّ نَيْلَ آخِرِنَا | مِنَ العُلَى فَوْقَ نَيْلِ أوّلِنَا |
وَأنّ مَا بُزّ مِنْ مُقادِمِنَا | يُخْلِفُهُ اللَّهُ في عَقَائِلِنَا |
ذلِكَ وِرْدُ قَذًى لِسَابِقِنَا | والآن يجلى القذى للاحقنا |
دَيْنٌ عَلى اللَّهِ لا نُمَاطِلُهُ الـ | الشكر عليه ولا يماطلنا |
لأُوقِرَنّ الرّكَابَ سَائِرَة ً | عَزْماً يَكُدّ الأبدانَ وَالبُدُنَا |
حتى تهاوى من اللغوب وتستنـ | ـتَنجِدُ بَعدَ المَنَاسِمِ الثَّفَنَا |
حَزّاً إلى المَجْدِ مِنْ أزِمّتِهَا | ليس كحز الأعاجز الظعنا |
لأبلغ العز أو يقال فتى | جَنَتْ عَلَيهِ يَدُ الرّدى وَجنَى |