أَسِلْ بدَمعِكَ وَادي الحَيّ، إن بانوا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أَسِلْ بدَمعِكَ وَادي الحَيّ، إن بانوا | إنّ الدموع على الأحزان أعوان |
لا عذر بعد تنائي الدار من سكن | لمُدّعي الوَجدِ لمْ يَدمَعْ لَهُ شانُ |
حَيِّ الطّوَالعَ مِنْ نَجدٍ تَصُونُهُمُ | عَنِ النّوَاظِرِ، أنْماطٌ وَكِيرَانُ |
رَمَوْا جُيوبَ المَطالي عَن مَيامِنِهِم | وشيحة الحزن يسراهم ونجران |
سارت بقلبك في الأحشاء زفرته | وَاستَوْقَفَتكَ بأعلى الرّملِ أظعانُ |
لمّا مَرَرْنا على تِلكَ السُّرُوبِ ضُحًى | نَضَتْ إلى الرَّبعِ أجيادٌ وَأعيَانُ |
من كل غيداء قد مال النعيم بها | كَمَا تَخَايَلَ بالبُرْدَينِ نَشْوَانُ |
كأنما انفرجت عنهم قبابهمُ | يوم الأُنيعم آجال وصيران |
مُستَشرِفاتٌ يُعَرّضْنَ الخُدودَ لَنا | كمَا تَشَوّفَ صَوْبَ المُزْنِ غِزْلانُ |
لا يذكر الرمل إلاَّ حنّ مغترب | له بذي الرمل أوطار وأوطان |
تهفو إلى البانِ من قلبي نوازعه | وَمَا بيَ البَانُ بَلْ مَنْ دارُهُ البَانُ |
أسدّ سمعي إذا غنَّى الحمام به | ألاّ يُبَيّنَ سِرَّ الوَجْدِ إعْلانُ |
وربّ دار أولّيها مجانبة | وبي إلى الدار أطراب وأشجان |
إذا تلفتُّ في أطلالها ابتدرت | للعَينِ وَالقَلْبِ أمْوَاهٌ وَنِيرَانُ |
كَلْمٌ بِقَلْبي أُداوِيهِ وَيَقْرِفُهُ | طول ادّكاري لمن لي منه نسيان |
لا للّوَائِمِ إقْصَارٌ بِلائِمَة ٍ | عن العميد ولا للقلب سلوان |
عَلى مَوَاعيدِهم خُلفٌ، إذا وَعَدوا | وَفي ديُونِهِمُ مَطْلٌ وَلَيّانُ |
هُمْ عَرّضُوا بِوَوفَاءِ العَهْدِ آوِنَة ً | حتّى إذا عذبوني بالمنى خانوا |
لا تَخْلُدَنّ إلى أرْضٍ تَهُونُ بِهَا | بالدّارِ دارٌ، وَبالجِيرَانِ جِيرَانُ |
أقُولُ للرّكبِ، قد خَوّتْ رِكَابُهُمُ | من الكلال ومر الليل عجلان |
مُدّوا عَلابِيَّها. وَاستَعجِلُوا طَلَباً | إذا رضي بالهوينا معشر هانوا |
نَرْجُو الخُلُودَ، وَباقِينَا عَلى ظَعَن | والدار قاذفة بالزورِ مظعان |
إنْ قَلّصَ الدّهرُ ما أضْفاهُ من جِدة ٍ | فصَنعَة ُ الدّهرِ إعطَاءٌ وَحِرْمَانُ |
كم من غلام ترى أطماره مزقا | وَالعِرْضُ أملَسُ وَالأحسابُ غُرّانُ |
إذا الفَتَى كَانَ في أفْعَالِهِ شَوَهٌ | لم يُغنِ إنْ قيلَ: إنّ الوَجهَ حَسّانُ |
لا تَطلُبِ الغايَة َ القُصْوَى فتُحرَمَها | فإن بعض طلاب الربح خسران |
والعزم في غير وقت العزم معجزة | والازدياد بغير العقل نقصان |
وَاجعَلْ يدَيكَ مَجازَ المالِ تَحظَ به | إن الإشحاء للوارث خزَّان |
سيرعب القومَ مني سطوُ ذي لبد | له بعثّر أعراس وولدان |
لا يطعم الطعم إلا من فريسته | إنْ يَعدَمِ القِرْنَ يَوْماً فَهوَ طَيّانُ |
ماشَى الرّفَاقَ يُرَاعي أينَ مَسقِطُهمْ | والسمع منتصب والقلب يقظان |
يستعجل الليلة القمراء أوبتها | إذا بَنُو اللّيلِ من طولِ السُّرَى لانُوا |
حتى إذا عرّسوا في حيث تفرشهم | نمارق الرمل انقاء وكثبان |
دنا كما اعتسّ وطمرين لمّظه | مِنْ فَضْلَة ِ الزّادِ، بالبَيداءِ، رُكبانُ |
ثمّ استقرت به نفس مشيعة | لهَا مِنَ القَدَرِ المَجْلُوبِ مِعوَانُ |
فعاث ما عاث واستبلى عقيرته | يجرها مطعم للصيد جذلان |
قِرْنٌ إذا طَلبَ الأوْتارَ عَن عُرُضٍ | لمْ تَفْدِ مِنْهُ دِمَاءَ القَوْمِ ألبَانُ |
وغلمة أخذوا للروع أهبته | لفّ البطون على الأعواد خمصان |
طارت بأشباحهم جرد مسومة | كَأنّمَا خَطَفَتْ بالقَوْمَ عِقْبَانُ |
مِنْ كُلّ أعنَقَ مَلْطُومٍ بِغُرّتِهِ | كَأنّهُ مِنْ تَمَامِ الخَلقِ بُنْيَانُ |
يَمُدُّ للجَرْسِ مثلَ الآستَينِ، إذا | خانَ التّوَجّسَ أبْصَارٌ وَآذَانُ |
فاستمسكوا بنواصيها وقد سقطت | مِنْ غَائِرِ الجَرْيِ ألْبَابٌ وَأرْسَانُ |
كأنما النخل تزفيه يمانية | فَاهَتْ بِهِ ثَمّ أعقَابٌ وَعِيرَانُ |
كعَمْتُ فاغِرَة َ الثّغْرِ المَخوفِ بهمْ | يهفو بأيمانهم نبع ومران |
كَأنّ غُرّ المَعالي في بُيُوتِهِمُ | بِيضٌ عَقائِلُ يَحمِيهِنّ غَيرَانُ |
يا فَاقِدَ اللَّهِ بَينَ الحَيّ مِنْ يَمَنٍ | أنْسَاهُمُ الحِلْمَ أحْقَادٌ وَأضْغَانُ |
إلى كَمِ الرّحِمُ البَلهَاءُ شَاكِيَة ٌ | لهَا مِنَ النّعْيِ إعْوَالٌ وَإرْنَانُ |
حَيرَى يُضِلّونَهَا مَا بَيْنَنَا وَلَهاً | منا على عدواءِ الدار نشدان |
النجر متفق والرأي مختلف | فالدار ووعاء الشر ملآن |
أنا نجرُّهم أعراضنا طمعاً | في أن يعودوا إلى البقيا كما كانوا |
أنّى يُتَاهُ بِكُمْ في كُلّ مُظْلِمَة ٍ | وَللرّشَادِ أمَارَاتٌ وَعُنْوَانُ |
ميلوا إلى السلمِ إنّ السلم واسعة | وَاستَوْضِحوا الحقّ، إنّ الحقّ عُرْيانُ |
يا رَاكِباً ذَرَعَتْ ثَوْبَ الظّلامِ بِهِ | هَوْجَاءُ، مائِلَة ُ الضّبعَينِ مِذْعانُ |
أبلغ على النأي قومي إن حللت بهم | إني عميد بما يلقون أسوان |
يا قَوْمُ إنّ طَوِيلَ الحِلْمِ مَفسَدَة ٌ | وَرُبّمَا ضَرّ إبْقَاءٌ وَإحْسَانُ |
مالي أرى حوضكم تعفو نصائبه | وذودكم ليلة الأوراد ظمآن |
مُدَفَّعِينَ عَنِ الأحوَاضِ من ضَرَعٍ | يَنضُو بِهامِكُمُ ظُلْمٌ وَعُدْوَانُ |
لا يُرْهَبُ المَرْءُ منكُمْ عندَ حِفظَتِه | وَلا يُرَاقَبُ يَوْماً وَهوَ غَضْبَانُ |
إنّ الأُلى لا يُعَزُّ الجَارُ بَيْنَهُمُ | ولا تهاب عواليهم لذُلاَّن |
كم اصطبار على ضيم ومنقصة | وَكَمْ على الذّلّ إقرَارٌ وَإذْعانُ |
وفيكم الحامل الهمهام مسرحه | داجٍ وَمِنْ حَلَقِ المَاذيّ أبدانُ |
وَالخَيلُ مُخطَفَة ُ الأوْساطِ ضَامرَة ٌ | كأنهنَّ على الأطوادِ ذؤبان |
اللَّهَ اللَّهَ أنْ يَبتَزّ أمرَكُمُ | رَاعٍ، رَعِيّتُهُ المَعْزِيُّ وَالضّانُ |
ثُورُوا لها، وَلْتَهُنْ فِيها نُفُوسُكمُ | إنّ المناقب للأرواح أثمان |
فَمِنْ إبَاءِ الأذَى حَلَّتْ جَماجمَها | على مناصلها عبس وذبيان |
وعن سيوف إباء الضيم حين سطوا | مضى بغصته الجعديّ مروان |
فإن تنالوا فقد طالت رماحكم | وإن تُنالوا فللأقران أقران |