هي سلوة ذهبت بكل غرام
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
هي سلوة ذهبت بكل غرام | والحبّ نهب تطاول الأيام |
ولقد نضحت من السلو وبرده | حرّ الجوى فبردت أيّ ضرام |
مِنْ بَعدِ ما أظمَى الغَليلُ جَوَانحي | وَأطَالَ مِنْ مَلَلِ الزُّلالِ أُوَامي |
نشز الجنيب على ثنيات الهوى | ونجوت مرميا إليَّ زمامي |
سلوان لا أعطي الجآذر لفتة | أوْ نَظْرَة ً إلاّ بِعَينِ لَمَامِ |
نَفَضَ الصّبَابَة َ خاطرِي وَجوَانحي | وأبى المذلَّة َ منزلي ومقامي |
والحب داء يضمحلّ كأنّما | تَرْغُو رَوَازِحُهُ بِغَيرِ لُغَامِ |
لا يَدّعِ العُذّالُ نَزْعَ صَبَابَتي | بيدي حسرت عن الغرام لثامي |
قد كانت الصّبوات تعسف مقودي | فالآنَ سَوْفَ أُطِيلُ مِنْ إجْمَامي |
هيهات يخفضني الزّمان وإنما | بيني وبين الذلّ حدّ حسامي |
لا أرْتَضِي بِالمَاءِ إلاّ جَمّة ً | ولربّ طافحة بغير جمام |
وأصدّ عن ماء القليب وماؤه | في حَيّزِ الإكْرَابِ وَالأوْذَامِ |
وَلَقَدْ لَبِسْتُ مِنَ القَنَاعَة ِ جُبّة ً | تضفو عليَّ ولا تبين لذام |
كَمْ ذَلّلَ العُدمُ العزِيزَ، وَعَظّمتْ | نَفَحاتُ هَذا المَالِ غَيرَ عُظَامِ |
مَا هَمُّ مَنْ حُرِمَ الثّرَاءَ إذا سَما | وأحظّ من شرف ومن إعظام |
شحبَ الزّمان علي بعده غضارة | وإذا نقضت فقد قضيت تمامي |
وجرى الثّقاف على أوائل صعدتي | فأقتصّ من طربي وفضل عرامي |
عنِّي إليك فما الوصال بنافع | من لا يعذّب قلبه بغرامِ |
ما كنتُ أسمحُ بالسّلامِ لمعرضٍ | وَعَلى أمِيرِ المُؤمِنِينَ سَلامي |
ملك سما حتّى تحلّق في العلى | وأذلّ عرنين الزّمان السّامي |
يا ابنَ القَمَاقِمِ وَالغَطَارِفَة ِ الأُلى | قمم العلى ودعائم الإسلامِ |
الطود أيهم والسّماء عريضة | وَاليَوْمُ أيْوَمُ، وَالقَلَمَّسُ طَامِ |
سِيمَاءُ مُشْتَهِرٍ، وَقَلْبُ مُشَيَّعٍ | وَأنَاة ُ مُقْتَدِرٍ، وَرَأيُ إمَامِ |
أمْرُ الخِلافَة ِ في يَدَيْكَ، وَإنّمَا | هي عقبة ٌ تقضى بكل همام |
قد كان جدّك عصمة العرب الأُلى | والآن أنت لهم من الإعدام |
حفظوا أياديك الجسام وإنّما | وصّوا بحفظ الخيل والأنعام |
بالطّائِعِ الهَادي الإمَامِ أطاعَني | أملي وسهّل لي الزّمان مرامي |
مِنْ مَعْشَرٍ مَا فيهِمُ إلاّ فَتًى | أو جائدٌ أو ذائدٌ أو حامي |
قوم إذا عزموا الغوار تراجعوا | يَتَقَاسَمُونَ ضَرَاغِمَ الآجَامِ |
لا يستقرّ المال فوق أكفّهم | كالسيل يزلق عن ذرى الأعلام |
البيت ذو العمد الطوال يظلّهم | بَينَ القَنَا، وَالحَامِلِ الهَمْهَامِ |
يَفْدِيكَ كُلُّ مُزَنَّدٍ وَمُعَرِّدٍ | يَوْمَ الوَغَى ، وَمُطَاوِلٍ وَمُسَامِ |
وَمَبَخَّلٍ أعْطَى القَلِيلَ، وَرُبّما | سمحت حروف التّاءِ للتمتام |
أثر النّدوب بصفحتيه ونحره | لصفا مرادٍ أو سهام مرام |
طلب الغنى لا للحباء ولا النّدى | ما كلّ عار جاءَ للأحرام |
أحَسُودَ ذي النّورِ المُبينِ عَلى العُلى | أربعْ على ظلع وانفك دام |
أمّا تنازعه العلاءَ فإنّه | قَرْمٌ يُخَاطِرُهُ بُوَيزِلُ عَامِ |
ولربّ قِرن فات أطراف القنا | حتّى أخذت عليه بالأقلام |
وَوَلِعْتَ في جِدّ الحَدِيثِ وَهَزْلِهِ | ولع القواضب بالطّلى والهام |
في فيلق جمّ الذّوابل والظّبى | مثرٍ من الأسراج والألجام |
متدفّق القطرين يرجف نقعه | بِعَصَائِبِ الرّايَاتِ وَالأعْلامِ |
فكأنّه والنّقع فوق رواقه | سَيْلٌ يُسَايِرُ مُستَطيلَ غَمَامِ |
ما زِلْتَ تَكْشِفُهُ بِمَصْقُول القَرَا | والخيل بين مغيرة وصيام |
قَلقَلْتَ مِنْ أعْطَافِهِ، فكَأنّما | |
طرف يتيه على الّلجام تكبّراً | فتكاد تركبه بغير لجام |
ويد تصيول على الحسام شجاعة | فتكاد تبسطها بغير حسام |
والطعن يرجع بالقنا وصدورها | خطاطة خلف الجياد دوام |
حمر الكعوب كأنّما ألوى بها | نَضْخٌ مِنَ الشيّانِ وَالعُلاّمِ |
إيهاً، وَأنتَ حَياً إلى أوْطَانِهِ | دَفْعُ الزّمَانِ بِمُعْرِقٍ وَشَآمِ |
هَذا الحُسَينُ، وَقد جذَبتَ بضَبعِهِ | جذباً يمرّ قرائن الأرحام |
أعْطَيْتَهُ مَحْضَ المَوَدّة ِ وَالهَوَى | وغرائب الأعزاز والإكرام |
وَرَدَدْتَهُ بالقَوْلِ لَيس بخُلّبٍ | في عقبه والوعد غير جهام |
مُتَنَاوِلاً طَرَفَ الفَخَارِ يَجُرّهُ | ويقود مصعبه بغير زمام |
لما رآك رأَى النّبيّ محمّداً | في بُرْدَة ِ الإجْلالِ وَالإعْظَامِ |
وَرَأى بِمَجْلِسِكَ المُعَرِّقِ في العُلى | حَرَمَ الرّجَاءِ وَقُبّة َ الإسْلامِ |
أوسعت من خطواته في موقفٍ | مُتَغَلْغِلٍ بِتَضَايُقِ الأقْدَامِ |
ورفعت ناظره إليك مسلماً | في أيّ أبّهة وأيُّ مقامِ |
ومن القلوبِ سواكنٌ وخوافقُ | وَمِنَ العُيُونِ غَوَامِضٌ وَسَوَامِ |
قَرّبْتَ مِنْ فَمِهِ أنَامِلَ رَاحَة ٍ | معروفة بالنّقض والإبرام |
وحصصته بالبشر منك وإنّما | بشر الإمام قرابة الأنعام |
برّ الأقارب والأباعد واجبٌ | وأحقّ بالنّعمى بنو الأَعمام |
لا تُشْمِتَنْ بِهِ الأعَادي بَعْدَمَا | عَرَضُوا مِنَ الأحْقَادِ وَالأوْغَامِ |
هيَ قَوْلَة ٌ لا يُسْتَطَاعُ رُجُوعُها | كالسّهم يخرجُ عن بنان الرّامي |
والقول يعرض كالهلال فإن مشى | فيهِ الفَعَالُ، فَذاكَ بَدْرُ تَمّامِ |
ولربّ فاعل فعلة لا تنثني | لَوْ رَامَ رَجْعَتَهَا بكُلّ مَرَامِ |
وكذا الملوك تقوضوا واستصعبوا | تقويض ما رفعوا من الآطام |
وَغَدَا سِنَانُ ابنِ المُشَلِّلِ عَاجِزاً | عن نقض ما علَّى من الأهرام |
وَكَذاكَ عمرٌو ذو المَعَابِلِ فَاتَهُ | بعد اضطراب النّزع رد سهام |
ويل لمغرور عصاك فإنّه | متعرض لمخالب الضّرغام |
هيهات طاعتُكَ النّجاة ُ وحبُّك | ـتّقَوى وَشكرُكَ أفضَلُ الأقسامِ |
فاسلم أمير المؤمنين لغبطة | معقودة بذوائب الأَعوام |
وَتَمَلّ أيّامَ البَقَاءِ، وَلا تَزَلْ | تطغى بشكرك أَلسن الأقوام |
نفس يحرّمها الحمام مهابة | ليس النّفوس على الرّدى بحرام |
فَاللَّهُ يَعْلَمُ أنّ نُورَكَ لَمْ يَزَلْ | مُسْتَهْزِئاً بِالظّلْمِ وَالإظْلامِ |
وَالمَجدُ يُخْبِرُ عَنْ فَعالِكَ أنّهُ | يدلى إليه بحرمة وذمامِ |
فَاسمَعْ، أمِيرَ المُؤمنينَ، فإنّما الأ | سْمَاعُ أبْوَابٌ إلى الأفْهَامِ |
القَوْلُ في الإطْرَاءِ غَيرُ مُبَلَّدٍ | وَالشّكْرُ للنَّعْمَاءِ غَيرُ عُقَامِ |
جَاءَتْكَ مُحْصَدَة َ القُوَى حَبّارَة ً | تَستَعْبِدُ الأرْوَاحَ في الأجْسَامِ |
من لي بإنشاديكها في موقفٍ | اعتدّه شرفاً مدى أيّامي |
لا أدّعي فِيهِ الغُلُوَّ، وَإنّمَا | يُوفي عَلى قُلَلِ الرّجَالِ كَلامي |