إلى اللَّهِ إنّي للعَظِيمِ حَمُولُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إلى اللَّهِ إنّي للعَظِيمِ حَمُولُ | كَثِيرٌ بِنَفْسِي، وَالعَدِيلُ قَلِيلُ |
وَمَنْ طُعمُهُ مِنْ سَيفِهِ كيفَ يتّقي | ومن يطلب العلياء كيف يقيل |
يَقُولونَ: خَالِلْ في البِلادِ، وَإنّما | خليلي من لا يطبيه خليل |
وليس طباع الناس وفقاً وربما | تَفَاضَلَ فيهِمْ أنْفُسٌ وَعُقُولُ |
ولولا نفوس في الأقل عزيزة | لَغَطّى جَميعَ العَالَمِينَ خُمُولُ |
فَمَا تَطلُبُ الأيّامُ مِنْ مُتَغَرّبٍ | له كل يوم رحلة ونزول |
رمى مقتل الدنيا بسهم قناعة | فَعَزّ لأِنْ غَالَ الرّمِيّة َ غُولُ |
إلا إنما الدنيا إذا ما نظرتها | بقَلْبِكَ، أُمٌّ للبَنِينَ ثَكُولُ |
وَما يُثقِلُ المَيتَ الصّعيدُ، وَإنّمَا | على الحي عبءٌ للزمان ثقيل |
وَتَخْتَلِفُ الأيّامُ حَتّى تَرَى العُلَى | عناء ويغدو ما يروق يهول |
أقُولُ لِغِرٍّ بِالمَنَايَا وَدُونَهُ | لهن خيول جمة وحبول |
ستعطى يد العاني إذا ما دنا لها | بِغَيرِ وَغًى قِرْنٌ ألَدُّ صَؤولُ |
فَلا تَعتَصِمْ بالبُعْدِ عَنهَا، فإنّهَا | مَسَرّة ُ نِقْيٍ في العِظَامِ دَمُولُ |
أرى شيبة في العارضين فيلتوي | بقلبي حدَّاها جوى ً وغليل |
وَمن عجَبٍ غضّي عن الشّيبِ جازِعاً | وَكَرّي إذا لاقَى الرّعيلَ رَعِيلُ |
ولي نفس يطغى إذا ما رددته | فيَعرقُني عَرْقَ المُدَى ، وَيَغُولُ |
وما تسع الأضلاع ريعان زفرة | يَكَادُ لهَا قَلْبُ الجَليدِ يَزُولُ |
وَمَا ذاكَ مِنْ وَجْدٍ خَلا أنّ هِمّة ً | عنائي بها في الواجدين طويل |
بكَيتُ وَكَانَ الدّمعُ شَيباً مُبَيِّضاً | عِذارِيَ، لا جارِي الغُرُوبِ هَطولُ |
وَشَوْكَة ِ ضِغْنٍ ما انتَقَشتُ شَباتَها | ذهَاباً بنَفْسِي أنْ يُقَالَ عَجُولُ |
وَإنّيَ إنْ أُعطِ المَدَى مُتَنَفَّساً | نَزَعتُ أذاهَا، والزّمَانُ يُدِيلُ |
وما أنا إلا الليث لو تعلمونه | وَذا الشَّعَرُ البادي عَليّ قَبِيلُ |
وقد عصبت مني الليالي بساعد | تَئِنّ الأعَادي مَرّة ً وَتُنِيلُ |
إذا سَطّرَتْ نَهْراً وَرَاءَ بُيُوتِهَا | سطوت وما يعدى عليَّ قبيل |
وَزُورُ المَآقي مِنْ جَديلٍ وَشَدْقَمٍ | تَبَلّدَ عَنْهَا شَدْقَمٌ وَجَدِيلُ |
شققنا بها قلب الظلام وفوقها | رجال كأطراف الذوابل ميل |
وَهَبّتْ لأصْحَابي شَمَالٌ لَطيفَة ٌ | قَرِيبَة ُ عَهْدٍ بالحَبيبِ بَلِيلُ |
ترانا إذا أنفاسنا مزجت بها | نرنح في أكوارنا ونميل |
ولم أر نشوى للشمال عشية | كَأنّ الذي غَالَ الرّؤوسَ شَمُولُ |
وبرق يعاطينا الجوى غير أنه | بِهِ مِنْ عُيُونِ النّاظِرِينَ نُحُولُ |
وليل مريض النجم من صحة الدجى | نضوناً ولألاءَ النصول دليل |
وَأَخضَرَ مَستُورِ التّرَابِ برَوْضَة ٍ | رعينا وقد لبى الرغاء صهيل |
وَعُدْنَا بِهَا وَاللّيلُ يَنفُضُ طَلَّهُ | سقاط اللآلي والنسيم عليل |
إذا استَوْحَشَتْ آذانُها مِنْ تَنُوفَة ٍ | وَحَمحَمَ وَخدٌ دائِبٌ وَذَمِيلُ |
رمت بأناسي الحداق وراعها | أبارق يعرضن الردى وهجول |
ولولا رجاء منك رقابها | لمَا آبَ إلاّ ضَالِعٌ وَكَلِيلُ |
وَدُونَ رِوَاقِ المَجْدِ مِنْكَ مُمَنَّعٌ | جزيل المعالي والعطاء جزيل |
مَرِيرُ القُوَى لا يَرْأمُ الضّيمُ أنْفَهُ | وأيدي العدا لا عليه نصول |
ينهنه بالأعداء وهو مصمم | وَيُزْجَرُ بالعُذّالِ، وَهوَ مُنيلُ |
فَتًى لا يَرَى الإحْسَانَ عِبْأً يَجرُّهُ | ولكنه لولا الآباء ذلول |
أقَرَّ بِحَقّ المَجْدِ، وَهوَ مُضَيَّعٌ | وعظَّم قدر الدين وهو ضئيل |
سَرَى طَالِباً ما يَطلُبُ النّاسُ غيرَهُ | وَما كلُّ قِرْنٍ في الرّجالِ رَجيلُ |
فَمَا آبَ حتّى استَفرَغَ المَجدَ كُلّهُ | شَرُوبٌ عَلى غَيظِ العَدُوّ أكُولُ |
أيرجى مداه بعد ما ضحكت به | أمَامَ المَعَالي، غُرّة ٌ وَحُجُولُ؟ |
أرَى كُلّ حَيٍّ مِن فُضَالاتِ سَيفِهِ | وها هوذا طاغي الغرار صقيل |
وَكَمْ غَمرَة ٍ يَعْلُو المُلَجَّمَ ماؤها | شققت ولو أن الدماء تسيل |
وهول يغيظ الحاسدين ركبته | وَحيدَ العُلَى ، وَالهَائِبُونَ نُزُولُ |
بطعنة مياس إلى الموت رمحه | يَرُومُ العُلَى مِنْ غايَة ٍ فَيَطُولُ |
فِداكَ رِجَالٌ للمُنَى في دِيَارِهِمْ | نَحيبٌ، وَللظّنّ الجَميلِ عَوِيلُ |
فَوَاغِرُ عُمْرَ الدّهرِ لمْ يُطعِمُوا العلى | إلا قلّ ما يعطى العلاء بخيل |
أرادوك بالأمر الجليل وإنما | يُصَادِمُ بالأمْرِ الجَليلِ جَلِيلُ |
أألآنَ إنْ ألقَيْتَ ثِنْيَ زِمَامِهَا | وعطل أغراض لها وجديل |
وَإلاّ لَيَالٍ أنْتَ رَاكِبُ ظَهرِها | وأمر العلى جمعاً إليك يؤل |
وطاغ وعاء الشربين ضلوعه | وداءٌ من الغل القديم دخيل |
رماك وبين العين والعين حاجز | وقالٌ وراء الغيب فيك وقيل |
فَما زِلتَ تَستوْفي مَرَاميهِ، وَالقُوَى | تُقَطَّعُ، وَالإقْبَالُ عَنْهُ يَمِيلُ |
إلى أن أطعت الله ثم رميته | فلم تغض إلا والرمي قتيل |
كذلك أعداء الرجال وهذه | لِسَائِرِ مَنْ يَطغَى عَلَيْكَ سَبيلُ |
وَتَسْمُو سُمُوُّ النّارِ عِزّاً وَهِمّة ً | وَيَهوِي هُوِيَّ الأرْضِ، وَهوَ ذَليلُ |
هنيئاً لك العيد الجديد فإنه | بِيُمْنِكَ وَضّاحُ الجَبِينِ جَمِيلُ |
وَلا زَالَتِ الأعيَادُ هَطْلَى رَخِيّة ً | يُحَيّيكَ مِنْهَا زَائِرٌ وَنَزِيلُ |
وساق عداك العاصفات وأقبلت | عَلَيْكِ شَمَالٌ لَدْنَة ٌ وَقَبُولُ |
وقد تعقم الأفهام عن قول قائل | فيوجز بعض القول وهو مطيل |
وما الفضل إلا ما أقول فراعة | وَبَاقي مَقَامَاتِ الأنَامِ فُضُولُ |