رِدِي، يا جِيادي، وَأذَني برَحيلِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
رِدِي، يا جِيادي، وَأذَني برَحيلِ | سَتَرْعَينَ أرْضَ الحيّ بَعدَ قَليلِ |
ألا إنّ في قَلبي إلى المَجدِ طَرْبَة ً | وعند القنا يوماً شفاء غليلي |
إذا مَا اتّخَذْتُ اللّيلَ دِرْعاً حصِينَة ً | فأهْوِنْ بِخَطْبٍ للزّمَانِ جَلِيلِ |
عليَّ دماء البدن إن لم أثر بها | رَعيلاً يَشُقّ الأرْضَ بعدَ رَعيلِ |
فآخذ حقي أو يثور غبارها | من القاع عن أرض بشر مقيل |
وما حاجتي إلا المعالي وقلما | يَضِيعُ رَجَائي، وَالطّعَانُ رَسُولي |
وإني لتراك البلاد إذا نبت | عليّ، وَمَا ذُو نَجْدَة ٍ بِذَليلِ |
وإني معيرٌ ساعدي من أراده | بِأبيَضَ طَاغي الشّفرَتَينِ صَقيلِ |
إلى المَجدِ دُونَ الرَّبعِ رَمّتْ عَزَائمي | وبالعز دون الغيد بان نحولي |
أسوم الهوى نفساً عزوفاً عن الهوى | وقلباً لضيم الحب غير قبول |
وأمنع ودي الناس إلى أقله | لأْمن من طاغ عليَّ صؤل |
وَأعدُوَ مِنْ عَقْلي خَبيئاً أصُونُهُ | وَأَفْدِي كَثِيرِي مِنهُمُ بِقَليلِ |
وأحطم سري في الضلوع مخافة | ألم يأن يوماً أن أذيع دخيلي |
نديمي على شرب الهموم مهند | إذا شَاءَ أصْغَى الهَمَّ دُونَ مَقِيلي |
وإني آبى أن أذل وفي يدي | عناني ولم يقطع عليَّ سبيلي |
وَكُلُّ دَمٍ عِنْدِي، إذا مَا حَمَلْتُه | وَإنْ أثقَلَ الأقْوَامَ، غَيرُ ثَقِيلِ |
وَإنّ طَرِيقي بالمَنَاسِمِ فاضِحي | إذا لم تسر قيه الصبا بذيول |
وكم من حبيب قد سقاني فراقه | وغالطت عنه القلب غير ملول |
وقد نمنم الوسمي بيني وبينه | وَوَالَى بِمُغْبَرّ الرَّبَابِ هَطُولِ |
وَإنّ طِرَادَ النّفسِ عَمّا تَرُومُهُ | أشَدُّ عَنَاءً مِنْ طِرَادِ قَتِيلِ |
يُرَجّي عُداتي كُلّ يَوْمٍ، وَيُتّقى | شذاتي وبعضي في الجدال لقيلي |
يقر بعيني أن أروح محسداً | فَمَا حَسَدَ الحُسّادُ غَيرَ نَبِيلِ |
وما صافحت يوماً يدي يد غادر | وَلا ضَاقَ خُلقي عَنْ مُقامِ نَزِيلِ |
وَأوّلُ لُؤمِ المَرْءِ لُؤمُ أُصُولِهِ | وَأوّلُ غَدْرِ المَرْءِ غَدْرُ خَلِيلِ |
عذولي من أوطى قرا العجز مركبا | ولكن ظهر العزم غير ذلول |
نسيم من الدنيا يطيب لناشق | وأي أوام بعده وغليل |
تفيءُ الليالي فيئة الظل للفتى | بنعمى وما إنعامها بجزيل |
تداعت لي الأيام حتى رمينني | بِمَا كُنتُ أخشَى مِنْ لِقَاءِ بَخيلِ |
وَلا بُدّ لي أنْ أغسِلَ العَارَ بَعْدَهُ | وَيا رُبّ عَارٍ دامَ غَيرَ غَسيلِ |
يظن الفتى أن التطاول دائم | وكل صعود معقب بنزول |
أ أرجو ذباب السيف ثم أخافه | وأرضى بسخط المجد قول عذول |
وبالضرب ما نال ابن موسى مراده | وحل ذرى العلياء أي حلول |
فتى سوم الآراء مبرمة القوى | ولا رأي إلا الرأي غير سحيل |
تعلم من آبائه وثباتهم | عَلى المَجدِ مِنْ عَليَا قَناً وَنُصُولِ |
وَمَا ضَرّهُ لَوْ كَانَ كُلُّ قَبيلَة ٍ | تُطَالِبُهُ يَوْمَ الوَغَى بِدُخُولِ |
وَقَدْ عَلِمَ الأعداءُ أنْ لا يَرُدّهُمْ | بغير زفير خانق وعويل |
إذا طرق الخطب البهيم عياله | وقد مال عنق الرأي كل مميل |
عَزِيمَة ُ لاوٍ مُسْتَبِدٍّ بِرَأيِهِ | وعقل امرء لم يستعن بعقول |
جَرُور عَلى مَرّ الخَدائِعِ ذَيْلَهُ | وأعظم ما يعطى بغير سؤول |
وَيَا رُبّ طَاغٍ مِنْ أعَاديهِ طامحٍ | أذالَ اللّيَالي مِنْهُ أيّ مُذِيلِ |
أطال عنان الأمن حتى أظله | بأغبر طام من قنا وخيول |
وَكَمْ رَحِمٍ أطّتْ بهِ وَهوَ مُغضَبٌ | فعاد إلى الإحسان غير مطول |
إذا بعد الأعداء عن سطواته | فَلا يَأمَنُوا مِنْ بالِغٍ وَوَصُولِ |
كأني بها بزلاء قد صبَّحتهم | سَميطَ الذُّنَابَى غَيرَ ذاتِ حُجولِ |
مُذَكَّرَة ٍ لا تَصْدِمُ القَوْمَ صَدْمَة ً | فتقلع إلا عن دم وقتيل |
نذار لكم من كيده إن قلبه | ضَمُومٌ عَلى الأسرَارِ غَيرُ مُذِيلِ |
وَرَجرَاجَة ٍ تَلتَفّ أيْدِي جِيَادِهَا | وَأيّ ضَجَاجٍ مِنْ وَغًى وَصَهِيلِ |
وَجُرْدٍ تَمَطّى في الأعِنّة ِ شُزَّبٍ | كَأنّ حَوَاميهَا رِقَابُ وُعُولِ |
ضوامر من طول الوجيف كأنها | ذوائب نبت طامنت لذبول |
تدافعن في شعواء لا الطود عندها | بعال ولا جلد الربى بحمول |
رعين بها شُول الرماح كأنها | غَداة َ الوَغَى في بارِضٍ وَجَلِيلِ |
وَكَمْ خاضَ تأمُورَ الظّلامِ بفِتيَة ٍ | يَرَوْنَ وُعُورَ اللّيلِ مثلَ سُهُولِ |
تنوش أنابيب الرماح وراءهم | كَأُسْدٍ تُمَاشِيها جَوَانِبُ غِيلِ |
سيوف أباءٍ في أكف أبية | وكل طويل في يمين طويل |
تغامر بالآراء قبل جيوشه | وبيض الظبا بيض بغير فلول |
فإنْ غَنِمَ الجَيشُ المُغِيرُ وَرَاءَهُ | فَمَا غُنمُهُ في الحَرْبِ غَيرَ غُلُولِ |
لك الله هذا العيد يحدو طليعة | كغائب عز مؤذن بقفول |
وَلَوْ لمْ يَكُنْ في عِيدِنَا غَيرَ أنّهُ | دَليلٌ عَلى السّرّاءِ أيُّ دَليلِ |
وما زاحم الأيام إلا تطلعاً | إليك بيوم في العيون جميل |
ومد سماء من علائك ملؤها | نجوم من الاقبال غير أفول |
فنل ما أنال الدهر سعداً وغبطة | فَرُبّ زَمَانٍ حَلّ غَيرِ مُنِيلِ |
بقيت الليالي ما سلبن وهل فتى | يطالب أمراً أن مضى بكفيل |
بقيت وأفنيت الأعادي فإنه | شفاء جوى بين الضلوع دخيل |
وهوّن تقديم العدو بغصة | وُلُوجُ الرّدَى في أُسرَتي وَقَبِيلي |
وَلي في عَدُوّي إنْ مشَى المَوْتُ نحوَهُ | عَزَاءٌ إذا أوْدَى الرّدَى بِخَلِيلِ |
على أنه ما أخطأتني منية | إذا هيَ غَالَتْ مَنْ أوَدُّ بِغُولِ |
وَلي غَرَضٌ أنْ لا تَزَالَ قَصِيدَة ٌ | تُجَمجِمُ يَوْماً عَن مُنايَ وَسُولي |
كلام كنظم الدر غير مناهب | وقول كصدر العضب غير مقول |
ولست بداع بعد هذه فوقها | ولا مثلها من موجز ومطيل |